رأي

كتب على أحمد: البرهان (أرجوز) الكيزان

بقلم: علي أحمد

لا أجد وصفًا أكثر دقة وعدالة لشخصية قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، من انه “ثعلبان”، يجمع ما بين أسوأ صفات الفصيلة الكلبية، وأكثر صفة انحطاطًا عرف بها الانسان على مر العصور، وهي الكذب، بل هو الكذاب الأوحد الذي وصل إلى هذا المنصب بلا ثان!
وقد ظل الرجل طوال الأعوام الأربعة الماضية في مراوغته واحتياله وحربائيته، وله منبع من الأكاذيب عميق، كلما قلنا نضب، قال الموت أقرب!

منذ 15 أبريل، تاريخ اندلاع الحرب الراهنة، اندلعت بجانبها نقاشات وحوارات مثيرة، عن من الذي يصدر القرارات الرئاسية والسيادية والقرارات المصيرية الأخرى التي تتعلق ليس بالأمن القومي وأمن المواطن فحسب، بل بوجود الوطن نفسه.
فمجلس السيادة الانقلابي المكون من عسكريين ومدنيين، والذي انتهى لاحقًا إلى عسكريين فقط، مجلس غير معترف به داخلياً وإقليمياً ودولياً؛ كان يقوم مقام الحكومة بطريقة غير شرعية ولا دستورية، بعد أن عجز قائد انقلاب 25 أكتوبر 2021، على مدى أكثر من عام في تشكيل حكومة، وأصبح الآن بكل عواره غير موجود بفعل الحرب، وبالتالي انتفت قدرته على اتخاذ أية قرارات حتى على سبيل الإلهاء والترفيه وتزجية الوقت.
وعليه، فإن جميع القرارات التي تم اتخاذها بعد الانقلاب وحتى اللحظة لا تساوي، دستورياً وقانونياً، الحبر الذي كتبت به.

لكن، رغم ذلك – وهذا أمر مثير للسخرية والضحك كما الرثاء- ظلت الكثير من القرارات والمراسيم السيادية والعسكرية حول السياسة الداخلية والخارجية والعمليات العسكرية وقضية الحرب والسلام، تصدر عن جهة ما، في ظل الغياب الفعلي لمجلس السيادة، الذي ظل رئيسه رفقة فريقه المكون من شمس الدين الكباشي وياسر العطا محاصرين فعلياً في القيادة العامة وسلاح المهندسين أشبه بأسرى الحرب، “والأسير لا قرار له” كما تعلمون.
إما إبراهيم جابر، فقد كان خارج السياق مختبئاً في مكان ما – لا نعلمه الله يعلمه- قبل ان يظهر لاحقًا في بورتسودان، فيما تفرقت مكاتب وأمانات المجلس غير الموقر أيدي سبأ، بمن فيهم أمينه العام الذي فُقد أثره بعد الحرب!
إذاً، لا مجلس سيادة – في الواقع.
لكن جهة ما، ظلت تصدر القرارات نيابة عن المجلس الذي انتهت صلاحيته بالانقلاب على الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر 2021، تصدرها مرة بتوقيع البرهان وأخرى باسم وزارة الخارجية.

المضحك المبكي، في هذا السياق، أن وزارة الخارجية – قلعة الإخوان المسلمين – كانت قد أعلنت في بيان صدر في 17 أبريل الماضي – أي بعد يومين من اشتعال الحرب – تداولته أجهزة الإعلام الداخلية والعالمية بأن رئيس مجلس السيادة (الانقلابي) قرر حل قوات الدعم السريع واعتبرها قوة متمردة على الدولة، ولم يصدر من البرهان وقتها ما ينفي اصداره لهذا الأمر.
لكنه عاد مرة أخرى – بعد تمكنه من الهروب من محبسه – إلى اصدار نفس القرار يوم 6 سبتمبر الجاري، من خلال ما سماه مرسوماً دستورياً، رغم أنه يشغل منصبه بطريقة غير دستورية وغير معترف بها، وهذه بخطلها وهبلها ليست القضية، إنما القضية المثيرة للجنون، تتمثل في اصدار الرجل نفس القرار مرة أخرى، فهل فقد ذاكرته بفعل (فترة الحبس) التي امتدت 4 اشهر و10 أيام؟ أم أن جهة أخرى كانت أصدرت القرار الأول؛ ولم تخطره به حتى بعد خروجه، وهذا هو الأرجح؟؟!

القرار الأكثر إدراراً للضحك وإثارة للسخرية، هو ذاك الذي صدر باسم البرهان يوم 19 أبريل، والقاضي بإعفاء قائد قوات الدعم السريع من منصبه كنائب لرئيس مجلس السيادة، دون أن يجرؤ بان يعفيه من عضوية المجلس، وعليه لا يزال الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عضوًا بمجلس السيادة الافتراضي – الموجود فقط في رأس البرهان ورؤوس الكيزان- حتى لحظة كتابة هذا المقال، فهل اشترك (حميدتي) في صدور قرار حل الدعم السريع، وهل يحق قانونًا ودستورًا لرئيس المجلس أن يصدر مثل هذه القرارات وحده، في حال كان هناك مجلس للسيادة أصلًا على أرض الواقع ؟!

بطبيعة الحال، وكما هو معلوم للجميع فإن الجهة التي تصدر القرارات – رغم أنف البرهان – أو بالتواطؤ معه على أقل تقدير، هي حزب المؤتمر الوطني المحلول والمخلوع بأمر الشعب.
والذي يؤكد ذلك، إن البرهان أعاد كوادر الحزب المحلول إلى الأجهزة المدنية والعسكرية عقب انقلابه على المسار المدني الانتقالي، ثم أطلق سراح فلول وسدنة النظام السابق من الفاسدين والمطلوبين لدى المحاكم الدولية والمحلية من مجرمي الحرب، وهؤلاء من يديرون الحرب الآن، وهم من يسيطرون على قائد الجيش ويصدرون القرارات باسمه ونيابة عنه، أو يملونها عليه قهراً، ما جعله أضحوكة تسير بها الركبان إلى يوم يبعثون.

اختارت الثورة البرهان أن يصبح على رأس مجلس قيادة حكمها، وارتضى البرهان لنفسه أن يصبح أرجوزا لدى الكيزان، وقديمًا قال أهلنا: (مرمي الله ما بترفع).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى