بقلم: علي أحمد
يملأ الكيزان وفلولهم العالم زعيقاً ونعيقاً، بأن قوات الدعم السريع تحتل منازل المواطنين وتنهبها، وأن أحد أهم شروطهم في التوصل إلى حل هو خروج هذه القوات من منازل المواطنين – كما يشيعون- وكما تعلمون هم لا تهمهم منازل المواطنين، وليس صحيحاً أن الدعم السريع يحتلها بمعنى الاحتلال، لكنهم يقصدون به انسحاب الدعم السريع من الأماكن العسكرية التي سيطر عليها وإخلاء ارتكازاته -يا للغباء- فهذا لن يحدث ولم يحدث في أي حرب من قبل، أن ينسحب المنتصر من أماكن سيطرته بطيب خاطر ويُخليها للمهزوم : “تعال وخذها يا صديقي”، أليس هذا مُضحكاً؟!
على أي حال، كان كثيرون يعرفون أن الجيش ينهب المواطنين في أماكن سيطرته، كما ظل يستخدم العصابات التي أطلقها من السجون في شن عمليات نهب واسعة لصالحة، إضافة إلى عصابات أُخرى جلبها من دارفور في اطار استعدادات جيش الكيزان للحرب، ويُلبسُها الزي العسكري الخاص بقوات الدعم السريع، ويخصص لها مصوراً يبث مقاطع فيديو مباشرة من المنزل المُنتهك والمنهوب باعتبار أن من يستولون عليه هم أفراد من الدعم السريع!
هذا بالطبع لا يعني عدم حدوث تفلتات هنا وهناك من قبل فئة تابعة لقوات الدعم السريع، بل شكلت لهذا الأمر لجان داخلية للمراقبة والمحاسبة، ولكن ما يُشاع من قصص وكأن قوات الدعم السريع قوة من اللصوص وقطاع الطرق إنما هي محض دعاية حربية وسياسية تدخل في إطار شيطنة كل القوات من أعلاها إلى أدناها.
لكن الدعاية الكيزانية التي تقلب الأمور رأساً على عقب، لن تصمد طويلًا ، لأنه في ختام المطاف ستتكشف الأمور وتنكشف الحقيقة، وها هي بدأت تتكشف في أم درمان.
حيث أعلنت لجان مقاومة ود نوباوي في بيان أن أكثر من 70 بالمائة من منازل المدنيين بالحي الأمدرماني العريق، قد نهبت تمامًا من جانب القوات المسلحة (الجيش)، وكشف البيان عن شكوى تقدّمت بها اللجان إلى قيادة المنطقة العسكرية بأن أفراداً من الجيش قاموا بسرقة المنازل بل تجاوزوا ذلك إلى نهب مسجد الشيخ الفاتح قريب – والعياذ بالله.
فضلاً عن ذلك، فقد أبلغ العديد من المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن سرقات ممنهجة يقوم بها ضباط وأفراد من الجيش على نطاق واسع في العديد من أحياء أم دمان القديمة، وأن بعض من تقدّم بشكاوٍ إلى قيادة هذه القوات تم مقابلته اما بالتجاهل والنكران، أو بالكذب والقول بان من يقومون بهذه الأعمال هم جنود يتبعون لمالك عقار، وأن قيادة الجيش لا تريد الاحتكاك بهم، حتى لا يتمردوا عليها ويعلنوا انضمامهم إلى (العدو) بحسب عبارة قيادة الجيش- وبالطبع لا يوجد لعقار أي قوات على أرض المعركة في أمدرمان أو غيرها من مناطق العاصمة ولكنه تبرير للتغطية على السرقات والانتهاكات صار معروفًا لسكان أم درمان!!
لا مراء ولا جدل أن تاريخ الجيش السودان ينبئ عن حاضره، فهو أحد أوائل الجيوش الأفريقية التي لها سجل حافل بالانتهاكات ضد المدنيين خلال حروبه الأهلية الطويلة، وخصوصًا في فترة ال (30) عامًا الأخيرة من حكم الإخوان ، حينها كان كبار قادته يتحدثون عن إحراق الجنوب بسكانه وإبادتهم ومسحهم من على وجه الأرض، وقد قام جنود الجيش بارتكاب فظائع وجرائم شنيعة، لا تزال تشهد عليها مناطق وأحياء في العاصمة جوبا، مثل حي (أطلع بره)!!
واما عن منازل المواطنين، فهاهو الجيش يستخدم منازل المواطنين في مناطق الشجرة وما حولها، وقد أظهرت مقاطع فيديو تم بثها الأسبوع الماضي؛ من حي الشجرة (جنوب الخرطوم) بالقرب من سلاح المدرعات مجموعة من جنود الجيش السوداني يرتكزون في منازل المواطنين ويديرون معركتهم من هناك، وقد شكا العديد من المواطنين من وجود جنود من الجيش في منازلهم، خصوصاً القناصين وغيرهم!
لذلك على الجيش أن يخلي منازل المواطنين وأن يتوقف عن عمليات السرقة والنهب، إذ لم يكن حفاظًا على المواطنين وممتلكاتهم فليكن اتساقًا مع اتهاماته ضد قوات الدعم السريع! وقديماً قال الشاعر:
لا تنهي عن خلق وتأتي مثله / عار عليك إذا فعلت عظيم.