مباشرة بعد هزيمتهم في ميدان الدبلوماسية بـ (جيبوتي)، لجأ الكيزان إلى الملعب الذي يتوهمون دومًا أنهم ينتصرون فيه؛ وهو صناعة الكذب والشائعات، وكان أن غمروا الوسائط الإعلامية بشائعة مُضللة مفادها أن قائد ثاني قوات الدعم السريع “عبدالرحيم دقلو” سيلتقي البرهان بدلًا عن حميدتي؛ تنفيذًا لمُقررات قمة إيغاد، وبالطبع هي كذبة قُصد منها تأكيد كذبة أقدم تقول بموت حميدتي، وهي الكذبة التي لم يجدوا من يسندها سوى مبارك المهدي؛ وذلك السفير (ابن أبيه)، سفيرهم في ليبيا، وكلاهما – أخلاقيًا- ممن لا تقبل شهادته، لذلك كان لابُدّ من إسناد الكذبة القديمة بأخرى جديدة، فجاءت شائعة اقتراح مشاركة شقيقة عبد الرحيم بدلًا عنه، للإيحاء بوفاته، وهذا ما نفته قوات الدعم السريع جملة وتفصيلًا مؤكدة أن حميدتي هو من سيحضر اللقاء حال التأم. والكيزان فرط بؤسهم يؤسسون موقفاً سياسيًا كاملًا على أكاذيب وأوهام من انتاجهم، وكان أن عملوا بتفانٍ حتى تغطي الشائعة جميع منصاتهم الإعلامية، وظلوا يرددونها بكثافة كعادتهم في التضليل؛ بهدف تأكيد وفاة حميدتي، وكذلك من أجل رفع الروح المعنوية لمن يؤيدونهم في القتال، وقد وعدوهم بنصر قريب يتحقق خلال ساعات فإذا به يدخل شهره التاسع ولا نصر، بل هزائم متلاحقة واحدة تلو الأخرى .. والمدفعية عطبرة آتية لاريب فيها، وآن أوان استخدام القوة المميتة، ومسيرّات “البيرقدار” قد دخلت الخدمة مع العمل الخاص … إلخ الأوهام والخزعبلات، وبالطبع لا يوجد تبرير لكل هذه الهزائم أفضل من أن يقولوا لهم أن قائد (العدو) الذي يقاتلونه قد تم قتله بواسطة مسيرات العمل الخاص، وأن الذي تحدث إليهم مرات عديدة عبر خطابات الفيديو ما هو إلا “روبوت” على هيئة وصوت حميدتي الذي مات.. والبؤس لا قاع له! وبحسب أدائهم الإعلامي البائس فإنّ الشائعة دائما تأتي مصحوبة بذات العبث الصبياني وعدم المسؤولية الاخلاقية، فكل ما تحدثوا عن الموضوع يلحقون بحديثهم أن حميدتي (غائب) ولا يستطيع المشاركة، وبدا مؤكداً أنهم ليس فقط لا يحسنون القتال بل يعيشون حالة يأس عميقة يحتاجون فيها إلى من ينقذهم مما يورطون فيه أنفسهم! ومثَّل إعلان قوات الدعم السريع عن استعداد قائد القوات شخصيًا مقابلة البرهان بنفسه نصراً سياسياً متقدماً لقوات الدعم السريع، ليس على مستوى تحقق الحياة للقائد، ولكن في مدى الالتزام الأخلاقي تجاه جهود وقف الحرب إيمانًا صادقا منه برفع المعاناة عن الشعب، هذا على مستوي القيمة الأخلاقية ، وأما على مستوى القتال فإنّ خطوة إعلان حميدتي عن جاهزيته للقاء البرهان تُمثل نقلة نوعية سياسيًا وعسكريًا، فقبول المنتصر خطوة وقف الحرب ليس مثل قبول المهزوم لذات الخطوة، والسلام لا يحققه إلا قائد ينبض قلبه بالحياة وبحب الأرض والوطن، لا قائد ميِّت، كالبرهان الذي يموت ألف مرة في اليوم الواحد، وقد تسامى حميدتي وهو المنتصر إلى مقام الزعماء والقادة في الإحاطة باللحظة التاريخية، وفي اتخاذ القرار الذي فيه مصلحة الشعب لا مصلحته، بينما المهزوم وقومه لا يزالون في غيهم وخداعهم القديم يسدرون، تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى، ويبدو واضحًا أن القلب الأكثر ارتجافا فيهم – وجميعهم جبناء – هو المنتصر بداخلهم، وهو التيار الذي يلعب على عامل الوقت بلا خطة ولا هم يحزنون، ينتظر قدرًا من السماء يموت فيه البعير أو الفقير أو الأمير .. وهو تيار يائس لا يريد أن يعترف بالهزيمة وليس بمقدوره أن يحرز نصرًا، لا يزال يقف موقف ما قبل قمة إيغاد، وهو موقف ألـ(بل بس)، مواصلا ألاعيب كسب الوقت في انتظار نصر تحققه لها (المسيرات الإيرانيه)، وهو ما لم تستطع تحقيقه إسرائيل في غزة، بكل مسيراتها عالية الكفاءة وقدراتها الجوية العسكرية المهولة، ومع ذلك ينتظر البرهان وكيزانه انتصار المسيرات، وهذا ما لن يحدث حتى تلد البغال ويشيب الغراب! إنّهم يحلمون، دعهم يحلمون.