الجبن هو الخاصية الأساسية في الكوز، من المستحيل أن تجد كوزا شجاعًا، وعندما يسترجل أحدهم يكون دائمًا متكئًا على شيء خارج إطار نفسه، واتكاءهم الدائم على الأجهزة الأمنية والعسكرية، وقد كشفت هذه الحرب جبنهم كما خيباتهم على الملأ، وهم كجبناء يهربون أمام قوات الدعم السريع في أي مواجهة مباشرة، لأن ما يجيدونه من قتال هو قتل المدنيين العُزل، مثلما فعلوا في مدني مؤخراً، حين ارتكبوا مذبحة بحق مدنيين أبرياء أخذوهم بالسحنة، كونهم من أبناء دارفور وكردفان، وبالتالي وفقًا لتفسيرهم الناتج من تركيبتهم النفسية العنصرية فهم طابور خامس وخلايا نائمة لقوات الدعم السريع، والتي عندما أتت عيانًا بيانًا توارى الجبناء وهربوا من مدينة مدني، بل من ولاية الجزيرة بامتداد مساحتها !
والقتل على أساس العنصر العرقي هو سلوك الكيزان القديم المتجدد في معركتهم التي خسروها، وتجري الآن محاولات التجييش للكل بدعاوي محاربة الغزو الأجنبي ، وهذه الدعاية البغيضة والكاذبة سرعان ما تكشف عن عنصريتها في الشحن المعنوي المصاحب للتدريب، والعنصرة تتمثل في خطاب مباشر بواجب قتل أبناء غرب السودان لأنهم طابور خامس و(دعامة) بالضرورة، وهي عنصرية كامنة فيهم أصلًا ومُمارسة حتي فيما بينهم، ولهم مواقف موثّقة تؤكّد ذلك، وحكاية “دؤاد بولاد” تُقدّم مثالًا ناصعًا عن عنصريتهم، وقد كان من قياداتهم الطلابية في المرحلة الجامعية، قبل أن يتضح له بعد التخرج انه كـ(دارفوري) لا مكانة له في أوساطهم، بل اكتشف أيضاً ما يخططون له بشأن أهله الدارفوريين ففارقهم وانضم إلى الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق، وبعدها كانت اللحظة الكاشفة عن إجرامهم وعنصريتهم، حيث قتلوه بدمٍ بارد ، بل قام مجنونهم العنصري (الطيب سيخة)؛ الذي كان بولاد أخوه في الكوزنة، بإشعالِ النار في جثته؛ في تشفٍ عنصري لا مثيل له، وكانت طريقة القتل البشعة نفسها تحمل رسالة تهديد عنصرية لكل أبناء دارفور ، بأن يلزموا حدودهم كعرقٍ أقل مكانة في جماعتهم، وفي منظورهم الإثني العام، والذي تجلّى في حديث المعزول المأفون (عمر البشير) حين قال متسائلًا: (الغرباوية لو اغتصبها جعلي دا شرف ليها أم اغتصاب؟)، وهو في حقيقة الأمر لم يقل اغتصبها بل قال (ركبها)، نازعاً عنها صفتها الإنسانية مُشبهاً كل نساء غرب السودان الفاضلات بالدواب، التي لا تصلح إلّا للركوب، وهنا يتلخص كامل مشروعهم العنصري !
ولأن البرهان تربى في حاضنة هذا المشروع ونهل منه، سار على نهجه سلفه البشير، بل صار يشابهه في كل صفاته من: الكذب والعنصرية والتشبث بالسلطة وحتى القتل، وكأنه توأمه، وقد أنكر قبل يومين قصف مدن دارفور بالطائرات، بل أنكر قصف أي منشأة مدنية، فأي عنصرية حيوانية يظهرها هذا المُجرم، الذي ظل يعمل مع كيزانه واستخباراته إلى توسيع محاور القتال على أساس العنصر والقبيلة، فيقتلون المدنيين على أساس العرق واللون، ويهدفون من هذه الجرائم المُروِّعة إلى جرّ قوات الدعم السريع للانتقام القبلي، فتصبح المعارك عرقية عنصرية، وهذا ما كانوا يفعلونه منذ 2003 وحتي تاريخ اندلاع هذه الحرب، كما أنّ كل القتل والنزاعات القبلية التي حدثت إبان حكومة حمدوك الانتقالية: من بورتسودان وكسلا شرقًا وحتى الجنينة وزالنجي غربًا ، كانت صنيعة الاستخبارات العسكرية الكيزانية وجهاز أمنهم؛ الذي خصّص إدارة كاملة لهذا الغرض بمُسمى (إدارة أمن القبائل) مهمتها إشعال الحرب القبلية، تمامًا مثلما سنّ وظائف بمسمى (مغتصب)، لاغتصاب حرائر وأحرار السودان وكسرهم، كما شهد بذلك أحد المجرمين ممن كانوا يشغلون هذه الوظيفة المنحطة أثناء محاكمته بعد الثورة !
والمفارقة في اكتمال الإجرام أنّ القتلة يسارعون بنشر الشكاوى المُلفقة عن أن قوات الدعم السريع تقتل الأبرياء، والكل يعلم أنها لا تحتاج للعنصرية زادًا لها في المعارك، كما أن تركيبتها التي تضم كافة قبائل السودان تُحصِّنها من وباء العنصرية، التي هي سلاح الكيزان الآن لإشعال الحرب الأهلية، وها هو الزعيم القبلي المخبول (تِركْ) يُعلن التعبئة العامة للقتال في الشرق، وشمالًا في شندي يعلنون الجهاد ويوزعون صورًا لصبية قد هدّهم الجوع كونهم مُجاهدين يلقنونهم العنصرية كسلاحٍ بأحاديث الإفك الجديدة عن الأجانب الذين جاؤوا من تشاد ومالي لغزو السودان، وآخر ما تفتقت عنه عنصريتهم وقبحهم هو اختراع الإمام المُسلّح في عطبرة، حيث اعتلى إمام منبر الجمعة بمسجد المدينة الكبير؛ وهو يرتدي زيا عسكريًا وعلى كتفه سلاح أُتوماتيكي، مُعلناً الجهاد، ولا بأس، فلن يطول الوقتُ حتى نراه منحنياً خانعاً وهو يجيب على السؤال الأثير: (لقيت المعاملة كيف؟)، أو ربما نراه يلحق برفيقه صبي البراء “مُعرداً” وهو يحكي للناس عن كيفية القفز من السلك الشائك والجري في الأشواك!
العامل المشترك بينهم أنهم جميعهم جبناء بلا فرز وعنصريون، وكل مظاهر التعبئة القائمة الآن وخداع الصبية الصغار تحت شعار الاستنفار بعد تلقينهم بأحاديث الكراهية والعنصرية، ليس بغرض تحقيق انتصار عسكري ، بل لإشعال نيران القتل العرقي من أجل استمرار القتال، فالنزاع السياسي مهما طال أمده يمكن التحكم به وايقافه ، لكن الحرب العنصرية يصعب إيقافها، وهذا ما يخططون له، ظنًا منهم أنه سيرجعهم إلى السلطة، وهيهات.