رأي

علي أحمد يكتب: مأساة الشعب وملهاة البرهان‼️

مع تبلور رأي عام دولي مساند ومهيأ للقيام بأي فعل لانقاذ السودانيين من الموت والجوع والمرض، أصبح أمر إيصال وانسياب المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من الحرب حتميّاً وواجب التنفيذ .. وحكومة (بورتكيزان) ليس لديها سوى الجعجعة، هذا سلوك كيزاني راسخ، وممل وكريه أيضاً، فطفقت تملأ الدنيا نعيقاً قبل أن تصبح بين ليلة وضحاها كــ(الحُمر المستنفرة)، وتوافق على فتح معبر “أدري” على الحدود التشادية، والذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع، وهذه من المفارقات التي أضحكت المجتمع الدولي والإقليمي قبل أن تُضحك المحلي، لكن على أي حال فإن قصة أن تقرر فتح بيت جارك وأنت لا تمتلك المفاتيح، مكررة في مدونة السلوك الكيزاني منذ عام 1989!

قرار البرهان بفتح معبر “أدري” يذكرني بنكتة قديمة أحكيها على سبيل الفكاهة لا المقارنة، ولا تجوز مقارنة الوطنية بالخيانة .. والنكتة تحكي عن “جعلي” طلب من صديقه “الشايقي” أن يلتقيه بشارع “المك نمر” في وسط الخرطوم، قبل أن يسأله ما اذا كان يعرف الشارع؟ فأجابه الشايقي: “نعم اعرفه، أليس هو نفس الشارع “الجرابو”؟ – أي الشارع الذي عبره “المك نمر” جرياً.

والبرهان أيضاً لا تتعدى معرفته بمعبر “أدري” سوى انه المكان الذي عبر من خلاله (جرياً) جيش حامية الجنينة في رحلة هروبه خوفاً من مواجهة الدعم السريع مفضلاً اللجوء إلى تشاد!

قبل أن تجف الضحكة التي منحنا إياها ما يُسمى بمجلس السيادة، غير المعترف به، داخلياً وخارجياً، فيما يتعلق بمعبر “أدري”، باغتنا نكتة جديدة أكثر سخفاً وإضحاكاً على حد سواء، إذ قرر (سيادي) البرهان والكيزان والحركات، أيلولة المعابر الحدودية لمجلس السيادة في بورتكيزان، حيث نص القرار على التالي: “تسهيلاً للإجراءات عبر المعابر الحدودية وضمان إنسياب الحركة التجارية وسرعة تخليص البضائع، فقد وجه السيد رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان بأيلولة الإشراف على المعابر الحدودية لمجلس السيادة”.

في الواقع فإن هذا القرار ليس له أي علاقة بالبضائع والحركة التجارية وهلم جرا، بل الهدف منه السيطرة على دخول المساعدات الإنسانية وتحركات المنظمات الإنسانية العالمية كما حركة عمال الإغاثة بالمعابر، وهو عمل كانت تقوم به إبان العهد الكيزاني البائد مفوضية العون الإنساني (الأمنية)، والسؤال الذي يفرض نفسه: هل حكومة بورتكيزان تسيطر على جميع المعابر حتى تصدر قراراً بأيلولتها لها؟، وإذا كانت تسيطر بالفعل فما الداعي لإصدار هذا القرار؟

لكن في الواقع، فإن قصه فتح معبر “أدري”، وأيلولة المعابر إلى مجلس السيادة التي ملأ بها البرهان وزمرته الفاسدة دنيا الأخبار هذين اليومين، وهو الذي لا سيادة له حتى على معبر “أرقين”، الواقع تحت سيطرة مصرية كاملة حتى على الجانب السوداني منه، وهذا طبيعي في ظل رهن الارادة الوطنية، وأيضاً بسبب هروب الجيش والشرطة عن المعابر منذ حرب 15 أبريل، 2023، وحتى الآن!

تقع غالبية المعابر تحت سيطرة قوات الدعم السريع كما هو معلوم من الحرب بالضرورة، ووفقاً لذلك فمن الطبيعي أن تُنشئ (الدعم) آلية وظيفية تتلخص مهامها في الحماية والتنسيق والإشراف على وصول المساعدات الإنسانية من المعابر التي تسيطر عليها.

لكن عندما أُسقط في يد البرهان وزمرته، أوشى له الكيزان وأوحوا بأن يصدر هذا القرار المضحك بهدف إجبار المنظمات التي ستعمل في مناطق سيطرة الدعم السريع على الحصول على موافقة حكومة “بورتكيزان” قبل تمريرها إلى الداخل حيث المواطنين المتأثرين بالحرب والمهددين بالمجاعة، وهي اجراءات سياسية عقيمة تتنافى مع طبيعة وروح العمل الإغاثي والإنساني عموماً، ما سيؤدي حتماً الى عرقلة وتأخير وصول المساعدات للمحتاجين.

أرأيتم كيف يُسيس البرهان ومن يقفون خلفه من اللصوص والفاسدين العمل الانساني غير مكترثين للمجاعة والأمراض التي تضرب البلاد ولا بمعاناة وآلام الشعب المغلوب على أمره؟، إنهم يفكرون في الحكم والسرقة فقط حتى في ظل الحرب والأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى