تقارير وتحقيقات

نتائج وتوصيات بعثة تقصي الحقائق في السودان

ترجمة: الطيب علي حسن

 في الأثناء التي يعيش فيها السودان في حالة من الاضطراب، ويقاسي شعبه داخل وخارج البلاد معاناة صعبة، خلصت بعثة تقصي الحقائق في السودان إلى مسؤولية كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معهما، عن انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والتي يرقى العديد منها إلى جرائم دولية.

 وتجد بعثة تقصي الحقائق، أن هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن القوات المسلحة السودانية والفصائل المسلحة المتحالفة معها، قد ارتكبت جرائم حرب تتمثل في العنف ضد الحياة والبشر،  وخاصة جرائم القتل بجميع أنواعها وتشويه الأعضاء، والمعاملة القاسية والتعذيب؛ وأيضا ارتكاب انتهاكات ضد الكرامة الشخصية للإنسان، وخاصة المعاملة المهينة والمذلة.

أيضًا، تجد بعثة تقصي الحقائق أن هناك أسبابًا معقولة، للاعتقاد بأن قوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معها، قد ارتكبت جرائم حرب تتمثل في العنف ضد الحياة والأشخاص، وخاصة القتل بجميع أنواعه وتشويه الأعضاء، والمعاملة القاسية والتعذيب؛ وأيضا ارتكاب انتهاكات للكرامة الشخصية؛ والاغتصاب والاستعباد الجنسي وجميع  أشكال الانتهاكات الأخرى.

وعليه، توصي بعثة تقصي الحقائق بما يلي:

(أ) لقد تحمل الشعب السوداني الكثير من الألم. ولا بد أن تتوقف معاناته، ولا بد أيضًا من حماية حقوقه الإنسانية. وهنا تقرر بعثة تقصي الحقائق، أن ذلك لا يمكن أن يتم، دون إنهاء القتال، ولذلك ترى أنه يجب تكثيف جميع الجهود للوصول إلى وقف إطلاق نار دائم يساهم بفاعلية في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين. وفي سياق ذلك ترى بعثة تقصي الحقائق التي تشعر بالقلق إزاء انعدام الأمن الغذائي وتفشي المجاعة في مختلف أنحاء السودان، أن اتفاق  فتح معبر أدري الحدودي مع تشاد؛ يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، كما أنها تشيد بالجهود المختلفة الرامية إلى جلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق وقف دائم للأعمال العدائية؛ وتحث هذه الجهود على أخذ نتائج وتوصيات هذا التقرير في الاعتبار.

(ب) نظرًا لفشل الأطراف المتحاربة في السودان في حماية المدنيين حتى الآن، توصي بعثة تقصي الحقائق، بنشر وتفويض قوة مستقلة ومحايدة لحماية المدنيين في السودان. وتؤكد على أن حماية المدنيين يجب أن تكون أهمية قصوى لأطراف الصراع، كما أنه يجب على الأطراف المتحاربة الامتثال لالتزاماتهم بالقانون الدولي. وأيضًا، يجب على كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معهما، الامتناع عن الهجمات ضد المدنيين أو الأهداف المدنية، وعن نهب الممتلكات وسلبها، وارتكاب أعمال شنيعة ضد المدنيين، بما في ذلك التعذيب والاغتصاب وغير ذلك من أشكال العنف الجنسي، كما يجب عليهم أيضًا الامتناع عن  تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب. وكذلك عليهم أن يوقفوا الهجمات ذات الدوافع العرقية. وفي سياق ذلك، يجب على قادة القوات المتحاربة، إصدار تعليمات صريحة ومفصلة لقواتهم والفصائل المتحالفة معهم، بالامتناع عن الأعمال غير القانونية، وأيضًا الالتزام بمخرجات إعلان جدة، كما أنه يجب عليهم التحقيق بشكل جدي في جميع الانتهاكات وتقديم الجناة إلى العدالة.

(ج) ترى بعثة تقصي الحقائق أن القتال سيتوقف بمجرد توقف تدفق الأسلحة إلى الأطراف المتحاربة في السودان، واستناد إلى ذلك، ترى لجنة تقصي الحقائق، أنه يتعين على جميع الدول والكيانات الامتثال لقرار حظر الأسلحة الحالي بدارفور، والصادر بموجب قرار مجلس الأمن 1556 (2004) والقرارات اللاحقة له، وهنا توصي اللجنة بتوسيع هذا الحظر ليشمل السودان بأكمله، وأن تنتهي فورًا، إمدادات الأسلحة والذخيرة، وأي من أشكال الدعم اللوجستي أو المالي الأخرى لأي من الأطراف المتحاربة، حيث أن هنالك مخاطرة تتمثل في أن تكون الجهات التي تزود الأطراف الأسلحة، مشاركة أو متواطئة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في السودان؛ ولذلك ترى البعثة، أنه يتعين على جميع  الجهات الفاعلة في السودان، احترام المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان.

(د) أيضًا، يجب أن تنتهي عمليات النزوح القسري، ودعم المجتمعات التي آوت اللاجئين. وفي هذا السياق تشيد لجنة تقصي الحقائق، بكرم المجتمعات التي استضافت اللاجئين خاصة أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وكينيا وجنوب السودان وأوغندا. وتدعو بعثة تقصي الحقائق، المجتمع الدولي إلى زيادة دعمه المالي وأشكال الدعم الأخرى للاجئين السودانيين ومجتمعاتهم المضيفة، حيث يواجه كلاهما احتياجات إنسانية ماسة.

 (هـ) يجب وضع حد للاغتصاب وجميع أشكال العنف الجنسي الأخرى، كما يجب أيضا تمكين النساء والشباب من المشاركة بشكل فعال في أي مفاوضات أو مبادرات سلام تتماشى مع قرار مجلس الأمن 1325 (2000) لضمان أخذ تجاربهم المعاشة في الاعتبار، وكذلك معالجة مخاوفهم، وفي سايق ذلك، يجب أيضًا وضع حد لتجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب، مع وجوب حمايتهم.

(و) في السودان، تمثّل فجوة الإفلات من العقاب، أحد الأسباب الجذرية الرئيسية للانتهاكات المستمرة منذ عقود، وهنا، توصي بعثة تقصي الحقائق بأن يوسع مجلس الأمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لتغطي كامل أراضي السودان، كما تحث بعثة تقصي الحقائق، حكومة السودان على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية من خلال تسليم جميع المتهمين، بمن فيهم الرئيس السابق عمر البشير.

(ز) لمعالجة المشكلة بشكل جذري وتوفير العدالة للضحايا، ترى لجنة تقصي الحقائق، أنه يجب اتباع مسار شامل للعدالة الانتقالية على أساس الحوار الشامل والمشاورات الحقيقية، كما ينبغي النظر على وجه السرعة في إنشاء آلية قضائية دولية منفصلة، تعمل جنبًا إلى جنب مع المحكمة الجنائية الدولية ولجنة الحقيقة، وأيضا جنبا إلى جنب مع مكتب دعم الضحايا وتعويضهم.

(ح) أخيرًا، يتكون السودان من تركيبة سكانية متنوعة، ويتمتع بموارد وفيرة، ويستحق شعبه أن يعيش في سلام ورخاء. وهنا، أكد العديد من السودانيين الذين تحدثت إليهم بعثة تقصي الحقائق، رغبتهم في العيش في سودان آمن وموحد ويحترم حقوق الإنسان، كما أنهم تحدثوا عن رغبتهم في حكومة تمثيلية وتشاركية تضم جميع المجتمعات السودانية، حيث يتم احترام حقوق جميع المواطنين، بغض النظر عن العرق أو العرق أو الجنس أو الوضع الاقتصادي. وتحث بعثة تقصي الحقائق المجتمع الدولي، على أن يدعم هذا الطموح لرسم الطريق نحو المساواة والعدالة والسلام المستدام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى