عبد الله رزق يكتب.. الفيتو الفرنسي يقضي على المبادرة الروسية للسلام في افريقيا الوسطى
2018-11-13آخر تحديث 2018-11-13
10 3 دقيقةقراءة
عبد الله رزق
في ملمح ذي مغزى لتأكيد حضورها في مستعمرتها السابقة ، وصل وزير الخارجية الفرنسي، جان إيفل ودريان ، أول نوفمبر الجاري، الى بانغي ، عاصمة جمهورية افريقيا الوسطى ، حيث قدم مساعدات لحكومتها بما قيمته 27 مليون دولار مع وعد بتقديم اسلحة لجيش البلاد ،لأجل استعادة المستعمرة السابقة ، وفق تعبير لوموند ، في مواجهة النفوذ الروسي المتزايد .
وزير الخارجية ، الذي جاءت زيارته لبانغي ، في إطار مايمكن إعتباره رد فعل فرنسي صريح ،على المبادرة الفرنسية لانهاء الاقتتال الأهلي في افريقيا الوسطي ، كتعبير عن تطور وتنامي الوجود والنفوذ الروسيين في هذه البلاد لم يفوت الوزير الفرنسي الزائر المناسبة للتقليل من شأن هذه المبادرة ، التي تجد التأييد من حكومة أفريقيا الوسطى ،حيث اكد مراراً انه لا بديل عن المبادرة الافريقية .
وتطورت العلاقات بين روسيا والمستعمرة الفرنسية السابقة، في الآونة الأخيرة ، وحسب الانباء المتواترة ، فقد قدمت روسيا – أيضاً- اسلحة لجيش افريقيا الوسطي ، مثلما اوفدت مدربين، مدنيين وعسكريين ،لتدريب الجيش. وحلت قوة عسكرية روسية ، محل القوات الرواندية التابعة لقوة حفظ السلام الافريقية ، في حراسة القصر الرئاسي في بانغي ، وتوجت روسيا كل ذلك بمعاهدة دفاع مشترك مع افريقيا الوسطى .
وكانت وزيرة الدفاع الفرنسية ، فلورنس بارلي ، قد سبقته الى تفصيل الموقف الفرنسي من المبادرة الروسية ، في حديث لها ، في اكتوبر الماضي ، لصحيفة جون أفريك ، شككت فيه، بجدوى أي مبادرة ، غير مبادرة الاتحاد الافريقي التي تدعمها الامم المتحدة، وتساندها فرنسا ، في التأثير إيجاباً على الوضع الأمني في افريقيا الوسطى.
وقالت ان روسيا لن تساعد في تحقيق الاستقرار في ذلك البلد المضطرب.
وفي سياق هذه المواجهة الكلامية المتصاعدة ، لم تجد روسيا بداً من الرد على فرنسا ، ووصفت الموقف الفرنسي بأنه عبير عن الغيرة إزاء الدور الروسي ! وشهدت افريقيا الوسطى حرباً اهلية بين المسلمين والمسيحيين ، في اعقاب سقوط حكم الرئيس فرانسوا بوزيزيه ، عام 2013 وصعود جماعة سيليكا الاسلامية للحكم.
ولم تستطع الجهود اللاحقة لاحتواء الموقف ، بمافي ذلك إنهاء حكم سيلكا ،وعقد انتخابات، بعد فترة انتقالية ، جاءت بالرئيس الحالي ، فوستان أرشانج تواديرا ، في ان تطفئ نار العنف الطائفي التي اندلعت منذ ذلك الوقت.
وطالبت بارلي بإعطاء المبادرة الافريقية ، التي اطلقت في يوليو عام 2017 ، كامل الفرصة لتحقيق اهدافها. الا ان تعثر المبادرة الافريقية وعدم قدرتها على تحقيق أي تقدم على الارض ، وفق مراقبين ، كان دافع روسيا للتقدم بمبادرة بديلة، أعلنت عن نفسها بشكل محسوس باجتماع الخرطوم في أغسطس الماضي .
وكانت بارلي قد اتفقت مع الرئيس التشادي ، ادريس ديبي ، خلال زيارة لها لانجمينا، العاصمة التسادية ، على ذات الموقف ، والذي يمكن ان تسعى فرنسا لاستقطاب رؤساء افارقة آخرين للإصطفاف حوله ، مثلما دعت لذلك في وقت سابق.
وفي إطار هذه المبادرة الروسية ، استضاف السودان ، في اغسطس الماضي ، خمساً من الفصائل المتناحرة في افريقيا الوسطى ، بجانب ممثلين لحكومة افريقيا الوسطى ،في مسعى لتحقيق السلام.
الا ان موقع سودان تريبيون ، اورد لاحقاً ، ان اثنين من الفصائل الخمسة، التي شاركت في الاجتماع ، قد خرجا على ” اعلان الخرطوم “، الذي صدر عن الاجتماع.
وكان من المقرر ، بناء على معطيات اجتماع الخرطوم ، عقد اجتماع ثان موسع بالخرطوم ، منتصف نوفمبر الجاري، بمشاركة الاطراف المعنية كافة ، وبحضور عدد من القادة الافارقة.
إلا ان الفيتو الفرنسي ، والتحركات الفرنسية لإعادة حشد التأييد الرسمي الافريقي للمبادرة الافريقية ،ربما شكل عقبة امام مضي المبادرة الروسية – السودانية الى نهاياتها ، بانجاز اتفاق سلام في افريقيا الوسطى بمشاركة كافة الاطراف.
اذ ان الانقسام الدولي حول الموضوع ، والذي يضع فرنسا وحلفاءها القاريين ، في مواجهة روسيا وحلفائها ،من الجهة الأخرى ، من شأنه ان يعمق الانقسامات في البلد التى تعاني ، اصلاً ، من انقسامات تناحرية ، عرقية وطائفية ، باستقطاب جديد بين منهم هم مع فرنسا ومن هم مع روسيا، مثلما قد يشي باحتمال انقسام قاري حول الموقف من المبادرة الروسية – السودانية.
في هذا السياق من الاستقطاب والاستقطاب المضاد ، الذي بدأت تشهده الساحة الداخلية في افريقيا الوسطى ،اورد احد المواقع مؤخراً ، ان رئيس الوزراء كان وراء محاولة لتنظيم تحرك مناهض لفرنسا ، تم احباطه بعد اجتماع ضم الرئيس ، فوستان أرشانج تواديرا مع السفير الفرنسي في بانغي .