ترجمة: فريق الجماهير
دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، والعملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور، اليوم الثلاثاء، الحكومة السودانية، إلى القيام بعملية نزع سلاح سريعة وشاملة للميليشيات المسلحة، ورصدت مجموعة من “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”.
وطالب التقرير باتباع سياسات فعالة وشفافة ودائمة لتمكين النازحين داخليا البالغ عددهم 2.6 مليون شخص بسبب النزاع الذي طال أمده في دارفور للعودة إلى ديارهم طواعية أو إعادة دمجهم في المجتمعات المضيفة.
ويوثق التقرير الذي استند إلى إفادات مباشرة من شهود بالمخيمات ال 66 في جميع أنحاء دارفور، حالات إطلاق النار العشوائي ليلا، وأعمال الإجرام، ومضايقات الأشخاص النازحين والعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، داخل المخيمات والأراضي الزراعية حولها.
وسقط العشرات من النازحين بين قتيل وجريح في مواجهات بين الأجهزة الأمنية ونازحي معسكر “كلما” أثناء زيارة للبشير، سبتمبر الماضي.
وحث مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، الحكومة على معالجة المسائل الأساسية التي تحول دون عودة النازحين، مثل استمرار العنف، بما في ذلك العنف من الميليشيات المسلحة، مما يثير مخاوف مستمرة ومبررة على سلامتهم، ونقص الخدمات الأساسية التي تجعلهم يعتمدون على المعونة “.
ووفقاً لتقرير فأن عدم وجود مراكز للشرطة وانعدام الثقة في السلطات والوصم الاجتماعي والخوف من الانتقام أسباب تدفع الضحايا لعدم الإبلاغ عن الهجمات.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من وقف إطلاق النار بين الحكومة ومختلف الحركات المسلحة التي منذ يونيو 2016، فإن العنف ضد النازحين داخليا ما زال منتشرا ولا يزال الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان قائما.
ويعرض التقرير تفاصيل حالة النازحين داخليا في الفترة من يناير 2014 ديسمبر 2016، وهي فترة تميزت إلى حد بعيد بالحملة العسكرية التي شنتها الحكومة واطلقت عليها أسم “الصيف الحاسم”، وأدت إلى نزوح أعداد كبيرة من المدنيين.
ويقول التقرير إن هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأن العمليات العسكرية أسفرت عن انتهاكات جسيمة لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
ويلفت التقرير إلى إن عدم كفاية وجود مؤسسات إنفاذ القانون والقضاء، في بعض الحالات، و المناطق التي استقر فيها النازحون داخليا، أدى إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
ويضف “مع وقف إطلاق النار من طرف واحد من جانب الحكومة ومعظم حركات المعارضة المسلحة منذ يونيو 2016، كان عدد المشردين المرتبطين بالنزاع أقل بكثير في دارفور خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2017 عما كان عليه خلال الفترة نفسها من السنوات السابقة.
و يلفت التقرير إلى أن التوترات بين المجموعات الإثنية متواصلة، والتعدي على الأراضي بسببه اندلعت أعمال العنف وأدت إلى مزيد من التشريد.
ويذكر التقرير أنه على الرغم من أن حكومات الولايات والإدارات المحلية والزعماء التقليديين بذلو جهودا كبيرة لمنع هذا العنف والتصدي له، فإن الأسباب الكامنة وراء هذا الصراع لا تزال دون معالجة.
ويتابع التقرير “لا يزال ضعف النازحين داخل المخيمات يشكل مصدر قلق في معظم المخيمات ال 66 في جميع أنحاء دارفور”.
يؤكد التقرير على الحاجة إلى إجراء مشاورات مكثفة مع النازحين داخليا لضمان تنفيذ عودتهم وإعادة إدماجهم و الاحترام الكامل لحقوقهم.
و قال الممثل الخاص المشترك لليوناميد (إرميا مامابولو) أن وقف الأعمال القتالية أتاح الفرصة للتركيز على حالة النازحين داخليا، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام.
و أضاف ” أحث حكومة السودان على تنفيذ العناصر الرئيسية المنصوص عليها في وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، واجدد دعوتي لجميع الأطراف إلى المشاركة الكاملة في الجهود الرامية إلى إحلال السلام الدائم في دارفور”.
و اتهمت هيئة النازحين واللاجئين بدارفور، في أكتوبر الماضي حكومة ولاية جنوب دارفور بالتخطيط لاقتحام معسكر (كلما) للنازحين، 16كلم شرقي العاصمة نيالا، تحت ذريعة البحث عن أسلحة.
وتنتشر بعثة “يوناميد” في دارفور منذ مطلع العام 2008، وهي ثاني أكبر بعثة حفظ سلام في العالم (بعد البعثة الأممية في الكونغو الديمقراطية)؛ إذ يتجاوز عدد أفرادها 20 ألفاً من الجنود العسكريين وجنود الشرطة والموظفين، من جنسيات مختلفة.
وتدعو الحكومة السودانية، منذ عام 2014، إلى سحب البعثة من درافور؛ بدعوى استقرار الأوضاع في الإقليم، لكن مفاوضاتها مع المنظمتين الأممية والإفريقية ما تزال بطيئة، وسط معارضة دول غربية. وفي 22 مايو الماضي، أعلنت الحكومة عن توصلها لاتفاق مع الآلية الثلاثية الخاصة ببعثة حفظ السلام المشتركة في دارفور، التي تضم حكومة السودان، الاتحاد الإفريقي، والأمم المتحدة، للانسحاب التدريجي لبعثة “يوناميد” من مناطق في إقليم دارفور، دون أن تحدد مراحل الانسحاب وخطواته.
ومنذ عام 2003، تقاتل ثلاث حركات مسلحة متمردة في دارفور ضد الحكومة السودانية؛ ما خلف 300 ألف قتيل، ونحو 2.5 مليون مشرد، من أصل 7 ملايين نسمة، وفق الأمم المتحدة، بينما تقول الخرطوم إن عدد القتلى لا يتجاوز 10 آلاف.