اخرى

إسرائيل و لعز ترامب ..!!

بقلم: اودي سيغل

 

ليس هناك شخص في العالم يمكنه القول إنه يستطيع حل لغز ترامب. إنه لغز بسيط وسطحي الى درجة حولته الى لغز معقد ومركب. وبصعوبة تجد من يجيب على سؤال كيف تم انتخابه للرئاسة. وبيقين لا توجد اجابة على سؤال اذا كان رئيسا جيدا أو أنه سيتسبب بأضرار لا رجعة عنها للولايات المتحدة.

 

ليس هناك ايضا من يراهن على كيف سيكون ترامب كرئيس بالنسبة لاسرائيل. وهناك ايضا سؤال هل سيكون رئيسا جيدا بالنسبة لليهود، وليس هناك أي تداخل بين السؤالين. خلافا لحكومة اسرائيل التي تتجاهل بشكل فظ الزيادة الدراماتيكية في الاحداث والحوار اللاسامي في الولايات المتحدة ولا توافق على المعطيات التي تتحدث عن التوافق بين الرسائل التي تخرج من البيت الابيض وبين رسائل مجموعات “الأخوة البيضاء” أو مجموعات نازية جديدة مختلفة – معظم اليهود في الولايات المتحدة هم ديمقراطيون صوتوا لكلينتون، وهم يخشون من الرسالة التي تشجع العنصرية وتستبعد اليهود.

 

من ناحية اخرى، تعمل ادارة ترامب وتتصرف على أنها الصديق الافضل لاسرائيل: من الزيارة والقبعة في حائط المبكى ومرورا بالخطاب الذي أكد على تبعية البلاد لليهود وانتهاء بزيارة السفيرة في الامم المتحدة نيكي هايلي، التي هددت في هذا الاسبوع بأن الولايات المتحدة ستنسحب من مجلس حقوق الانسان، وقالت لنتنياهو إنه لا أحد يمكنه تفسير أو فهم البند 7، الذي يجعل اسرائيل سيئة. ومن جهة اخرى امتنع ترامب عن استنكار دعوات عنصرية متعددة، والى جانبه يعمل ستيف بانون، وهو الشخص الذي مكّن رجال دعايته الصحافيين النازيين الجدد من الحصول على إذن للدخول الى الاحداث.

 

سيستمر ترامب في عناقه لاسرائيل وحكومة نتنياهو وغارد كوشنر، زوج ايفنكا، وديفيد فريدمان وجيسون غرينبلت، ولا أحد يمكنه القول إنه لاسامي حتى لو استمر في القول “امريكا أولا”، وهذا شعار عنصري وفاشي. هل أنتم مشوشون؟ أنا ايضا. هذه هي الحقبة الجديدة، لا حاجة فيها الى الحسم الواضح أو الحقيقة المطلقة. يوجد ايضا وايضا، وتوجد حقيقة بديلة، حقيقة مؤقتة وحقيقة متوفرة.

 

خُذوا موضوع السلام، على سبيل المثال. عفوا، موضوع الاتفاق. هناك من يقول إن ترامب بالتحديد، الرئيس الذي ليست له معرفة أو مواقف ايديولوجية واضحة، هو الذي سيحقق الاتفاق. سيضرب على الطاولة، يصرخ مثلما صرخ على أبو مازن، وسيجبر نتنياهو والفلسطينيين على التوصل الى اتفاق. هذا محتمل. في التحليل العميق لا شك أن لديه القدرة على استخدام رافعات لم تستخدم في السابق. من الصعب جدا قول “لا” له. ومن الصعب جدا الحديث عن أنه يضر باسرائيل، وليست لدى اسرائيل قدرة سياسية من اجل اللعب فوق التل مثلما كانت الحال مع بوش. يستطيع ترامب القول لنتنياهو: “بيبي، صديقي، هذا هو افضل ما يمكنك الحصول عليه، قم بالتوقيع هنا، من فضلك”.

 

قد يكون هذا هو سبب تمسك نتنياهو وتمترسه من خلف مبادئه. وقد بدأ ذلك بالقول الذي يردده منذ فشل المحادثات التي اجراها جون كيري في 2014: لا يوجد اتفاق بدون وجود الجيش الاسرائيلي في المناطق. في مقابلة خاصة ونادرة ليورام غاؤون في “صوت الجيش” في يوم الجمعة قال نتنياهو إنه في أي اتفاق مستقبلي، يجب على اسرائيل أن تسيطر عسكريا على كل المناطق التي توجد غرب الاردن. وبعد ذلك عاد وكرر اقواله بأنه لدى الدول العربية حدث تغيير في التعامل مع اسرائيل: “ليس بالضرورة لدى الفلسطينيين، بل في اجزاء من العالم العربي”. وحسب اقوال رئيس الحكومة، يزداد لدى زعماء الدول العربية “الفهم بأن اسرائيل ليست عدو، بل الى درجة كبيرة حليفة حيوية في الصراع ضد ايران وداعش”.

 

ويضاف الى ذلك ما قاله في هذا الاسبوع في الكنيست بمناسبة مرور خمسين سنة على الاستيطان في المناطق، عندما حاول تهدئة المستوطنين الذين صرخوا بأنه يقوم بتجميد البناء. أولا قال لهم إن البناء على رأس اولوياته، وأنه رئيس الحكومة الاول منذ سنوات الذي قام ببناء مستوطنة جديدة، هي عميحاي، لمن تم اخلاءهم من عمونة، وعاد وأكد على الرواية الاكثر يمينية – لا يوجد احتلال لأننا لم نحتل المنطقة من أي دولة.

 

“عندما رفع الجيش الاسرائيلي أعلامه في يهودا والسامرة وغور الاردن، لم يسيطر بذلك على أي منطقة سيادية لدولة اخرى. حقيقة وجود الاردن هناك بعد العام 1948 لا تعطيهم الحق الجغرافي المعترف به من المجتمع الدولي. يبدو لي أن دولتين فقط اعترفتا بذلك… على العكس – حق الشعب اليهودي على هذه المناطق تم الاعتراف به من قبل أمم العالم قبل مئة سنة… في وعد بلفور، وبعد ذلك في معاهدة فرساي وانتداب عصبة الامم… في تلك الايام لم يكن مفهوم “الضفة الغربية” قائما. ولم يقترح أحد التمييز بين يهودا والسامرة وبين باقي اجزاء البلاد. كان يمكن لليهود التواجد في كل مكان. وبين فينة واخرى أنا أسمع الادعاء الكاذب الذي يقول إننا فقدنا حقنا في الجيش في هذه الاماكن. لا يوجد شيء أبعد من الحقيقة. لم نفقد أبدا حقنا – حتى لو تم حرماننا من استخدام هذا الحق، وهذا الحق فقدناه بشكل مؤقت لأننا عدنا الى اماكن كثيرة في وطننا”.

 

بكلمات اخرى – لا حاجة الى السلام من اجل “العدالة” لأنه لم يحدث ظلم أصلا. واذا كنا ذاهبين الى حل، فان نتنياهو يطرح شرطين: عدم اخلاء أي مستوطنة وسيطرة الجيش الاسرائيلي حتى نهر الاردن. وقد سارع صائب عريقات الى الاستنكار، وامتدح خطوة “امنستي” بمقاطعة منتجات المستوطنات. لكن نيكي هايلي وافقت على هذا الامر. كيف يتناسب هذا مع الدولة الفلسطينية؟ الاجابة بسيطة، هذا لن يتناسب.

 

ترامب يريد عقد صفقة، ونتنياهو لا يقول لا، لكنه يقول ما الذي يجب أن تشمله. اذا نجح ترامب في عقد صفقة شاملة في هذه الظروف، فانه يستحق بالفعل جائزة نوبل للسلام. التأثير الفوري لهذه الاقوال هو تهدئة اليمين، الامر الذي سيمنحه مجال مناورة وهدوء والبحث عن بدائل اخرى أهمها اتفاق مرحلي بغطاء اقليمي.

معاريف 9/6/2017

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى