رأي

البشر العريفي: دعاوى الذهاب إلى جدة مدخل جديد للسلطة

الكل تفاجأ بخطاب مناوي الذي أدلى به عبر مؤتمره الصحفي الذي أقيم دون أي أسباب واضحة أو أهداف يمكن تحقيقها، أو يمكنها أن تحقق فائدة لسكان الفاشر كما يزعم، وإذا كان مناوي يشعر بالمسؤولية تجاه سكان الإقليم الذي يدعي جزافًا أنه يحكمه -وهو لأكثر من سنة خارجه- لما اختار من الأول أن يصطف مع الجيش وهو يعلم جيدًا الأسباب التي بسببها امتنعت قوات الدعم السريع عن دخول الفاشر رغم مقدرتها على الاستيلاء على آخر فرقة في دارفور وقفل هذا الملف.

لكن كل المهتمين بالشأن العام يتفقون في معرفة شخصية مناوي المتقلبة وسلوكه الانتهازي. والشواهد كثيرة جداً، جميعها تؤكد أن مناوي كلما أدعى الوطنية والدفاع عن الشعب ومكتسبات الوطن؛ فإنه يسعى لتحقيق عائد مادي مقابل تلك الادعاءات التي يطلقها، سواءً من جهات داخلية معادية لرغبة الشعب في تحقيق تطلعاته، أو جهات خارجية يعمل معها كعميل مخابراتي. 

إن واحدة من السيناريوهات التي لا تنتهي لأغبى ممثل في حلبة المسرح السياسي في السودان، هو أنه خرج علينا مناديًا بعملية وقف لإطلاق النار، والجلوس إلى طاولة التفاوض، وذلك قبل ثلاث ساعات من الاحتفال بمشاركة مقطع لجنوده وهم في الصحراء يهدونه انتصارًا زائفًا. ويحدث ذلك بعد أن خُدع مناوي من قبل قيادات التنظيم الإسلامي وأعلن اصطفافه مع الجيش ضاربًا بحياده أرض الحائط، والذي كان بالإمكان أن يجنب الفاشر الصراع والدخول في الحرب الحالية.

لكن هذه المرة الخدعة لن تسري بسبب استهلاك مناوي لكل الفرص الممكنة والمستحيلة، وستفشل كل محاولاته لاسترجاع موقف الحياد الذي فقده مقابل الدنانير (والرجل الضعيف منكسر أمام الدنانير كما يقول جحا).

ليس موقف مناوي الذي دعا لحوار وطني بعد أن كان ينادي بالحسم العسكري واصفًا قوات الدعم السريع بالمليشيا الأجنبية هو وحده الموقف المحير، بل ظهر أحد قيادات الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، يسمى محي الدين جمعة، طالبًا من قوات الدعم السريع الذهاب إلى منبر جده للتفاوض، بعد أن كان هو الآخر يدعو ويشجع الجيش على سحق قوات الدعم السريع واستهداف حواضنها الاجتماعية بالطيران.

إن المواقف المتقلبة لقيادات الحركات المسلحة المصطفة مع الجيش، والتي دعت أخيرًا للرجوع لصوت العقل وإيقاف الحرب بعد أن أغرقت إقليم دارفور بالدماء، وساهمت في مضاعفة معاناة المواطنين، لا يمكن وصفها سوى بالانتهازية ومحاولة وجود مدخل جديد للحصول على السلطة. وذلك بعد وصولهم لقناعة تفيد بأن موقفهم الداعم للجيش -بعد انهزامه- سيخرجهم من المنافسة السياسية وسيدخلهم في مساءلات أخلاقية وقانونية في المستقبل  يستحيل النجاة منها، وسيتم محاكمتهم مقابل ما ارتكبوه في حق الشعب السوداني بعد اصطفافهم مع الجيش والفلول.

إذا كان هنالك ما يستحق الاهتمام؛ فهو التخلص من كل السياسيين الانتهازيين، الذين يتخلخل عقلهم الخاوي الضعيف كل أنواع  الإغراءات والشهوات. لأنهم لا يهمهم استمرار الشروخ التي ستحدث في المجتمع ونمو آليات الحقد والانتقام بسبب الحرب، وهم يعملون للاستفادة من حالة الاحتقان وتوظيفها لخدمة مصالحهم الخاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى