تقارير وتحقيقات

بدء مباحثات جنيف دون مشاركة وفد الجيش السوداني

تقرير: الطيب علي حسن

أعلنت كل من الولايات المتحدة وسويسرا والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، في بيان مشترك، تم نشره على الصفحة الرسمية للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو اليوم الأربعاء؛ نحن نعمل بجد في سويسرا في اليوم الأول من الجهود الدبلوماسية المكثفة لدعم السودان في الوصول الإنساني ووقف الأعمال العدائية والامتثال وفقًا لنتائج جدة السابقة والجهود الأخرى والقانون الإنساني الدولي.

وكان المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، قد أعلن في بيان رسمي صادر عنه، صباح اليوم الأربعاء، عن بدء الجلسة الافتتاحية للمباحثات التشاورية بين الشركاء الدوليين والفنيين الذين يمثلون سويسرا والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، اليوم الأربعاء بجنيف، بحضور الوفد التفاوضي لقوات الدعم السريع، وغياب وفد الجيش السوداني بعد رفضه الدعوة الأمريكية.

وقال بيرييلو، على صفحته الرسمية بمنصة إكس: “نحن نركز على ضمان امتثال الأطراف لالتزاماتها وتنفيذها في جدة” وشدد: “يجب على المتحاربين في السودان احترام القانون الإنساني الدولي وتمكين المساعدات الإنسانية”، مضيفًا “لقد حان الوقت لإسكات البنادق”.

وكان بيرييلو، قد أعلن في بيان رسمي صادر عنه، أمس الثلاثاء 13 أغسطس، عن ترحيبه بوصول الفريق التوجيهي الذي يمثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومصر والإمارات العربية المتحدة. 

وأوضح أن الهدف من المباحثات هو إنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة الشعب السوداني، وتابع: ينصب تركيزنا على المضي قدمًا، لتحقيق وقف الأعمال العدائية، وتعزيز وصول المساعدات الإنسانية، وإنشاء آليات إنفاذ تحقق نتائج ملموسة.

وأعلن المبعوث خلال البيان، عن وصول الوفد المفاوض لقوات الدعم السريع إلى جنيف. مؤكدًا في ذات السياق: “يمكننا أن نفعل المزيد معًا إذا أرسلت القوات المسلحة السودانية وفدًا”.

وفي سياق ذلك، أعلنت قوات الدعم السريع، على منصة إكس، الأربعاء، وصول وفدها المفاوض إلى جنيف إلى جنيف، وقالت إنه “يحمل الرغبة والإرادة الصادقة من أجل وضع حد لمعاناة الشعب السوداني”.

وأكدت الدعم السريع في البيان، أنها تتعاطى بإيجابية مع كل المبادرات الإقليمية والدولية لإيقاف الحرب وتحقيق السلام الدائم في السودان، وأضافت: “نتطلع إلى محادثات بناءة ومثمرة تسهم في تسهيل المساعدات الإنسانية إلى جميع المتأثرين بالحرب، إلى جانب بحث آليات فعالية لتعزيز حماية المدنيين”.  وجددت دعوتها لوفد القوات المسلحة السودانية بأن يستجيب للدعوة، من أجل مناقشة قضايا الشعب السوداني في بناء دولة جديدة تؤسس لنظام ديمقراطي في البلاد”.

رمطان لعمامرة والوفد المفاوض لقوات الدعم السريع (أرشيف)

واشنطن تمهل الجيش السوداني 3 أيام 

وأفادت مصادر مطلعة، «الشرق الأوسط»، بأن الإدارة الأميركية أعطت الجيش السوداني “مهلةً لا تتجاوز ثلاثة أيام” للمشاركة في مفاوضات سويسرا لوقف الحرب في البلاد، مؤكدةً في الوقت نفسه بدء المشاورات في 14 من أغسطس  الحالي.

وقال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريللو، ليل الاثنين – الثلاثاء: “لم نتلق رداً من قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، بالمشاركة في المفاوضات من عدمه”. وأضاف في حديثه لمجموعة محدودة من النشطاء السودانيين في جنيف: “لم نتلق رداً من الجيش السوداني بشأن مشاركته في المباحثات… ننتظر في غضون يومين أو ثلاثة أيام أن يلحق وفد الجيش السوداني بالمفاوضات”.

 عقبة الشرعية: الاعتراف الأمريكي بالبرهان: 

ويمثل الاعتراف بشرعية حكومة الأمر الواقع ببورتسودان، أحد أهم  العقبات التي تقف في طريق موافقة الجيش للمشاركة في محادثات جنيف التي افتتحت جلساتها اليوم حيث أكد البرهان وحكومته في مرات عدة، على أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالحكومة السودانية شرط ضروري للموافقة على المبادرة التي قدمها وزير خارجيتها أنطوني بلينكن، وكذلك شرط تنفيذ مخرجات جدة.

وكان المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، قد أكد في مقابلة هذا الأسبوع، على منصة تنوير، في سياق رده عن سؤال: هل تتعامل مع الولايات المتحدة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع كطرفين متساويين؟: على أن “الحرب تفرض علينا -الإدارة الامريكية- أن نتعامل مع كل من قوات الدعم السريع والجيش كطرفي الصراع في السودان، مؤكدا أن لكل استقلاليته وتاريخه الخاص. 

وضمن ذات المقابلة، وفي سياق حديثه عن أجندة محادثات جنيف المرتقبة، أوضح بيرييلو، أن الدعوة للتفاوض في جنيف هي حصرا  للقوات المسلحة وكذلك قوات الدعم السريع باعتبارهما الأطراف العسكرية في الصراع”. هذا وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد علقت الاعتراف بشرعية الحكومة في السودان عقب انقلاب 25 أكتوبر.

الإسلاميون وجنيف: العقبة الكبرى أمام التفاوض:

 يرى عدد من المراقبين، أن الحركة الإسلامية هي العقبة والعائق الحقيقي الذي يقف أمام إرسال الجيش السوداني وفده التفاوضي إلى  المحادثات بجنيف، وحتى أمام إمكان تنفيذ أي اتفاق يتم الوصول إليه في المفاوضات في حال إرسال الجيش وفده إلى جنيف. وإلى ذلك يشير الخبير التفاوضي وكبير المفاوضين باتفاقية جوبا إبراهيم زريبة قائلًا: “إن جزء من تعقيدات المشهد قبل بدء مفاوضات جنيف أنها لا يمكن أن تأتي  بنتائج إيجابية إلا في حالة واحدة، وهي التحرر من سلطة وتحكم الإسلاميين في الجيش وتوحيد القرار كجيش فقط.”

 ويرى زريبة أن الإسلاميين أكبر عقبة في طريق محادثات جنيف المرتقبة ويعلل ذلك قائلا: “إن الإسلاميين والتنظيمات العسكرية التابعة لهم وتقاتل في صف الجيش، تؤثر بشدة في قرار الجيش بل تتحكم فيه”. وأضاف: “كما أن هذه الحرب هي حرب تغيير، ومطلوبات التغيير واضحة وصريحة: لا مكان للإسلاميين الذين اذلوا الشعب السوداني لمدة ثلاثين عام، وأدخلوا البلاد في هذه الحرب التي قضت على الأخضر واليابس”.

ويرى عددا من المراقبين والمحللين العسكريين والسياسيين أن الجيش السوداني سيخضع لضغوط الحركة الإسلامية على قيادته، ولن يرسل وفده إلى مفاوضات جنيف التي ابتدأت اليوم، حيث يقول الباحث والمحلل السياسي، علي عثمان جاد الله: “لا أعتقد أن بمقدور البرهان الذهاب إلى مفاوضات جنيف؛ لأن الحركة الإسلامية هي من تقرر استمرار الحرب أو وقفها. وأكد أن الحركة الإسلامية استعادت وجودها من انقلاب 25 أكتوبر، وبالتالي البرهان لم يكن صاحب قرار في بداية الحرب أو إنهائها”.

 ويذهب “جاد الله” أبعد من ذلك، ويقرر “يؤكد حديث الجنرال ياسر العطا في المقابلة الأخيرة على التلفزيون القومي، على أن تيار الحرب هو الفاعل والمسيطر، بل محاولة اغتيال البرهان أكبر دليل على التهديدات التي يطلقها دعاة استمرار الحرب على كل من يحاول أن يجنح للسلم”.

وفي سياق حديثه لـ«صحيفة الجماهير»، عن عدم رغبة قادة الجيش من الإسلاميين في أي اتفاق سلام أو مفاوضات، يرى “جاد الله” أن هنالك سببا آخر،  يؤكد على رغبتهم في استمرار الحرب ومقاطعتهم جنيف، وهو شراءهم للأسلحة والتحالف مع قوى إقليمية معادية للولايات المتحدة وحلفائها الذين يتبنون الوساطة.

وعلى الصعيد الداخلي قال جاد الله “إن البرهان والإسلاميين  يسيطرون على حوالي ربع السودان فضلا عن المدن المحاصرة والمهددة بالسيطرة قريبا، فضلا عن ولايات الشرق التي تعاني من صراعات داخلية”. وأضاف -مشيرًا إلى شرق السودان:  “أعني الولايات التي لمجتمعاتها موقف من النظام السابق مثلما الوضع بالنسبة للحركات المسلحة في شرق السودان”.

ورجح “جاد الله” أن تسيطر قوات الدعم السريع، على ما تبقى من السودان إذا فشلت الوساطة الحالية، ولم يستبعد أن يتعامل المجتمع الدولي والإقليمي الداعم للتحول الديمقراطي مع قوات الدعم السريع كالجهة الشرعية في السودان، وذلك في حال فشل مفاوضات جنيف، نظرا لحرصهم على وقف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى