رأي

بريمة الصديق يكتب: متى تتوقف الحرب الدائرة في السـودان؟

من المؤكد أنها سوف تتوقف بعد ثانية من الآن أو بعد سنة أو بعد مليون سنة هذا أمر حتمي ومن نواميس الكون الأساسية. كم مقدار الدماء التي سالت في هذا البلد الأمين خلال عام؟ ولماذا سالت هذه الدماء وكم مقدار الثمن الدستوري المقابل لها؟ وما هي الجهة التي يجب أن تدفع هذا الثمن كاش داون عاجلًا غير آجل؟

ما يحدث في السودان حاليًا من راهن سياسي معقد للغاية وتحول هيكلي ومفصلي حاد ومرعب ومثير في كل المستويات؛ هو ميكانيزم تراكمي تسببت في حدوثه ثلاثة عوامل حاسمة هي:

العامل الأول: الحزب السياسي العسكري الكبير والمترهل (المؤسسة العسكرية السودانية) بقيادة سناء حمد وعلي كرتي والأعور صلاح قوش وعصابة الخمسين المتأسلمة ورواكيب وحواشات الردة والكهنوت. 

العامل الثاني: الدولة السودانية العميقة (رجال المال والأعمال)، والعاملين في السلك الدبلوماسي، والحلف الثلاثي القبلي الخفي المتحالف مع المؤسسة العسكرية السودانية البليدة على مدار 68 عامًا. 

العامل الثالث: الأحزاب السياسية السودانية اللابسة ثوب سيدنا أيوب عليه السلام وتلك التي ترتدي ثوب النجاشي.

هذا هو سودان اليوم والنتيجة هي حرب ضروس محتدمة أصبحت حربًا وجودية لا تنفع معها المثالية الطاغية حلًا ولا إطارًا. أما أن ننتصر نحن السودانيون المدنيون والمناضلون الشرفاء والثوار الأحرار أصحاب الحق والقضية الأصليين المقيمين داخل السودان في هذه الحرب، الذين لم يهربوا من ويلاتها النتنة وجحيمها المستعر، إما أن ننتصر في الحرب التي فرضت علينا فرضًا وتسببت في نشأتها وإطلاق رصاصتها الأولى العوامل الثلاثة المذكورة أعلاه، أو نستشهد من أجل قضيتنا التاريخية وحقنا في الحياة وفي الوجود، ولا نملك أي خيار آخر غير هذا الخيار.

إن السبب الأساسي لانضمامنا لأحد طرفي هذه الحرب (الدعم السريع) هو الاستهداف المباشر والمخطط والمقصود والمدروس بعناية فائقة لوجودنا وحقنا في الحياة وفي الدولة السودانية الكسيحة بواسطة ملاك دولة الأمر الواقع والوارثين لها على مدار عقود وعقود. لهذه الأسباب فإننا ملزمون أخلاقيًّا ووجوديًّا بأن ننظم أنفسنا سياسيًّا وننشئ مظلة سياسية واسعة النطاق ومستقلة تمامًا عن جميع الأحزاب السياسية السودانية المتحالفة وغير المتحالفة وكل المؤسسات واللافتات السياسية وغير السياسية العرجاء التي تدعي وتلبس ثوب القداسة والوطنية بلا قداسة وبلا وطنية، وتعتبر نفسها النبي السياسي الأخير فوق ظهر هذه الأرض يفترض أن نطيعه ونعبده ونوقع على صكوكه التي يوزعها علينا ونحن صامتون. لن نسمح لها أن تحكمنا مجددًا وتوزع علينا صكوك النجاة والبقاء في السودان بشروطها وشروط أسيادها الذين صادروا الدولة السودانية البكماء وتوارثوها أبا عن جد وأم وابن وحفيد، وما زالوا في ضلالهم وتدليسهم وطغيانهم السياسي وغير السياسي يعمهون. 

لقد أصبحت قضيتنا  السياسية الفلسفية الكبرى والجوهرية في السودان بعد يوم 28 مايو 2023م، الذي جاء بعوامل جديدة ومتغيرات مرعبة لم تكن في الحسبان قط، هي: تأسيس وبناء الجمهورية الأولى في السودان (الدولة المدنية الدستورية الفيدرالية العريضة- دولة المواطنة والحقوق المتساوية). تقوم هذه الدولة بموجب وثيقة عقد اجتماعي بصيغته الجديدة، ثلاثية البناء والأركان، والذي يستند في نشأته إلى المبادئ فوق الدستورية التي أنتجها القانون الكوني الطبيعي والتي تتكون من الآتي: 

الركن الأول: الدولة ككيان مستقل لها شخصيتها الاعتبارية والتي يجب أن تخضع للمجتمع وليس العكس. ويتشارك فيها الجميع، وتكون مملوكة للجميع بحيث تضمن حقوق الجميع، ويجد فيها الجميع أنفسهم وفقًا لمعيار واحد فقط هو (المواطنة الدستورية المتساوية). 

الركن الثاني: المجتمع المدني والسياسي الحر في الجمهورية الأولى في السودان في العهد الجديد، والذي يشمل بالدرجة الأولى والأساسية: منظومة الإدارة الأهلية المحترمة وكيانات الريف والبادية والمراحيل والفرقان والمزارعين ومنظومة الطرق الصوفية والجماعات الدينية والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني والعمال وأصحاب المهن الهامشية وحركات الكفاح الثوري المسلح الممتهنة للخط الوطني الفعال بالإضافة إلى مكونات أخرى.

الركن الثالث: القطاع الخاص. 

هذه هي أركان الجمهورية الأولى في السودان في العهد الجديد القادم بعد توقف هذه الحرب بإذن الله، التي سوف نستشهد من أجل تأسيسها ولن نتراجع خطوة واحدة إلى الوراء. وبالطبع لا وجود للإرهابيين والمتطرفين والمتأسلمين وتجار الأديان والمبادئ والقيم في هذه الجمهورية الأولى، نقول ذلك بشكل حاسم شاء من شاء، ومن لم يشاء فإن شمس الحق سوف تشرق حتمًا، ستشرق أو يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

يتوجب وينبغي علينا أن نذهب إلى الجنرال الفريق أول، الأمير محمد حمدان دقلو، القائد العام لقوات الدعم السريع ورائد ثورة التغيير والبناء وحامي الديمقراطية في السودان وأفضل جنرال عسكري أنجبته حواء السودانية خلال تاريخها العتيق والأنيق.. ونطلب منه أن يوقع معنا إعلان مبادئ شامخ ومستنير يقوم على/ ويتبنى الخطوط العريضة والمحتوى الحقوقي الذي جاء في هذا المقال. هذا هو الطريق المؤدي إلى الحق وإلى الله ومرابطه الخضراء على الدوام. إنه طريق النور والبقاء الحر في هذا البلد الميمون والمنكوب بأيادي وأفعال أبنائه الملاعين غير البررة على مر العصور والأزمنة.

التفكير خارج الصندوق:

أنا متأكد تمامًا أن الحمقى والأغبياء سيسوقون السؤال وراء السؤال عندما يقرأون هذا المقال، وذلك السؤال هو: من أعطى بريمة الصديق (سقـــراط) -الذي يعتبر من ناس قريعتي راحت في السودان- حق أن يتحدث باسم السودانيين المدنيين والثوار المناضلين الأحرار؟ إنه سؤال شـــديد الغباء وأنا لا أجاوب على الأسئلة الغبية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى