رأي

درسان من قضية صاحب السوابق عاصم عمر

فائز السليك

حين تقلب دفاتر الفتى عاصم عمر وتجد عناوين حياته العامة القريبة ؛ يقفز اليك ملف حكم جلد بعشرين جلدة لمشاركته في مخاطبة جماهيرية، ثم ملف فصل من جامعة بحري، وهذان الملفان وحدهما يؤكدان أن الفتى ” صاحب سوابق”
لذلك حين توجه له تهمة ” قتل عمد” يجب أن لا تقتل الناس” الدهشة” فزمان الدهشة قد ولى منذ قرابة ثلاثين عاماً، وهي أكبر من عمر عاصم. الأمر طبيعي لشخص كرس كل جهده لمواجهة الظلم، وفي مقاومة الطغيان دون أن تخيفه السياط، أو يردعه ” الفصل السياسي التعسفي”. ربما يبحث العسس والجواسيس عن شخص، أي شخص لتوجه له تهمة ” قتل عمد؛ حتى قبل العثور على حثة قتيل؛ والذي ربما قتله سدنة النظام، وربما قدموه طعماً لاصطياد سمكة أخرى، فهل للكيزان ضمير حتى لا يقتلون أحدهم ” ويمشون في جنازتو؟”. لكن لماذا كان اختيار عاصم كسمكة ؟
لأنهم رأوا بسالته، وهزمهم صموده. أرادوا أن يغتالوا الصمود، وأن يستهدفوا الرمز، فلو قتلوا آخر حسب وجهة نظرهم فأنه لا عاصم يعصمهم من جذوة نار عاصم، لذلك لا بد أن يكون هو الضحية الأمثل.
والدرس هنا. القضية ليست عاصم في شخصه، بل هي قضية نظام سياسي مستبد جهاز وعدلي تحوم حوله الشبهات. قال لي أحد الأصدقاء: لماذا يغضب المناضلون والرجل قد حوكم بالقانون؟ قلت أي قانون يا صديق؟ أنا عندي ما بني علي باطل فهو باطل، ولحامورابي قوانينه، ولداعش قوانينهم، وللقرون الوسطى قوانين حاكمت جاليلو ومن قال بكروية الأرض!. القضية ليست وجود قوانين، نعم لا يمكن انكار أهميتها. لكن قبل ذلك؛ بيئة التقاضي، ونزاهة القضاء، وحرية الأفراد. من يضمن أن من يحاكم عاصم ليس عضوا في حزب الحكومة؟ أو ضابطا في جهاز الأمن؟ أو في أفضل السيناريوهات أنه يتلقى الأحكام جاهزة؟ لا اتهمه، لكن من يضمن؟
لذلك القضية هي قضية سياسة، وحكم ونظام عدلي. أما القوانين واجراءاتها الحالية فهي ظل لفيل الاسبتداد الإسلامي، وعلى الناس الطعن في الفيل، فالظل يذهب بعد ذلك.
الدرس الثاني. في حركة رصد لمواقع التواصل الإجتماعي، والفيسبوك على وجه التحديد، وقفتُ في بوستات ومشاركات لكوادر شيوعية، وطلاب جبهة ديموقراطية، وحزب أمة، واتحاديين، ومحايديين وبعثيين، وحركة شعبية، وحركات مسلحة أخرى مثل العدل والمساواة وتحرير السودان وناشطين في حقوق الإنسان وصحافيات وصحافيين وفي العمل السياسي وحركات طلابية.
لم يكن عاصم عمر يوم أمس هو عضو مؤتمر الطلاب المستقلين وحزب المؤتمر السوداني، بل كان أيقونةً للجميع، وهو أمر يبشر بامكانية التوافق على مشروع وطني كبير لاسقاط النظام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى