رأي

طه أبوبكر يكتب: ما وراء زيارة مدير المخابرات العامة المصرية لبورتسودان

منذ انقلاب 25 أكتوبر، عجز الفلول من تشكيل حكومة مدنية، وبعد خروجه من البدروم واصلوا ملاحقة البرهان من أجل تشكيل حكومة أمر واقع حتى يكون للإسلاميين شرعية للتفاوض معهم وضمان وجودهم في أي تسوية سياسية قادمة. بحت أصوات الطاهر حسن التوم وعبد الحي يوسف وحسن طرحة وبقية (العواطلية) المرابطين في قناة طيبة بتركيا وهم يطالبون البرهان بذلك وهو يخشى ألتئام الالتفاف على صلاحياته بغية الانقلاب عليه، لذلك استمر في رفض تشكيل أي حكومة تقلل من صلاحياته المطلقة وتكون سبباً في ضياع حلم والده!

الإسلاميين يدركون جيداً أن أي تسوية سياسية قادمة في ظل الترتيبات الدولية الحالية ستخرجهم من اللعبة السياسية لعشر سنوات قادمة وربما إلى الأبد، خاصة بعد أن أصبح إعادة تأسيس جيش وطني جديد وإبعاد العسكر من السلطة أمراً حتميا، فالعملية السياسية ستكون حكراً على القوى المدنية مع استبعاد المؤتمر الوطني وواجهاته.

ظلت مصر ومنذ العام 1956م حاضرة وبشكل دائم في الشأن السياسي السوداني وذلك من خلال مؤسسة الجيش أولاً، وبعض الواجهات الحزبية ثانيا. وظل الجيش السوداني منذ الاستقلال حزبًا سياسيًا يتبع لدولة مصر! -يخرب من خلاله الحكومات ويشعل الحروب ويقوض الأنظمة المدنية.

ومع الحراك الدولي الجاد لوقف الحرب في السودان، ووجود مصر كمراقب في هذا التحالف الدولي، تأكدت مصر من جدية المجتمع الدولي هذه المرة في إنهاء الحرب بالسودان وأن الاتفاق جاهز على الطاولة بموافقة الجميع باستثناء الفلول. وهنا أدركت مصر أنه إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها؛ فإنها ستفقد ثقلها الدائم والمؤثر لأول مرة في تاريخ السودان وفي صنع القرار. إذن الحل هو خلق واجهة سيادية تستطيع عبرها بشكل عاجل في الحفاظ على وجودها لتمرير أجندتها الشريرة. وهنا تلاقت رغبة مصر مع رؤية حليفها الشرير الآخر المؤتمر الوطني، فاتخذا قرار تشكيل الحكومة وبشكل عاجل. هذا هو السبب الرئيسي وراء زيارة مدير المخابرات العامة المصرية عباس كامل لبورتسودان، للضغط على البرهان الذي لا خيار له إلا الانصياع، فهو لا يملك القدرة على مواجهة الإسلاميين والمخابرات المصرية. (وللتذكير اللواء عباس كامل هو مهندس انقلاب 25 اكتوبر).

ستتشكل حكومة الفلول القادمة من عملاء مصر والصف الثالث من أكاديميي المؤتمر الوطني وبعض اليساريين والانتهازيين مع استبعاد كل الوجوه المألوفة للمؤتمر الوطني. وسيكون خلف الكواليس (العرابين) صلاح قوش وكرتي. ومهام حكومة المؤتمر الوطني المصرية هذه هي الدخول في مفاوضات نيابة عن الجيش، وبالتالي فإن أي تسوية قادمة، ستكون لهذه الحكومة المدنية نصيب الأسد من كعكة الفترة الانتقالية الطويلة القادمة!.

مصر ستكون أول من يعترف بهذه الحكومة، وستسعى لإقناع المجتمع الدولي بضرورة الاعتراف بهذه الحكومة الكومبارس.. وستبذل جهدا هائلا وتسخر كل علاقاتها من أجل انتزاع الاعتراف الدولي، لأنها كما ذكرنا سابقا في حالة الاعتراف ستكون هي الطرف الرئيسي في المفاوضات بدلا من الجيش.

 الورقة الرئيسية التي ستستخدمها هذه المجموعة هي ابتزاز المجتمع الدولي للاعتراف بها وتبنيها كطرف تفاوضي بديل للجيش مقابل التوقيع على الاتفاق الجاهز.

ما الحل مع هذا التحالف الشيطاني المصري الكيزاني؟

اعتقد هنا يأتي دور تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، يجب أن تكون هذه المعركة هي الأكبر التي تخوضها في حراكها وتعاطيها السياسي في خضم  الأزمة الراهنة، فعقب هذه المعركة ستحدد هوية السودان، إما دولة مستقلة ذات سيادة أو دولة تحت الابتزاز المصري وربما يتم فيها تقسيم السودان. يجب العمل على منع أي اعتراف من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وأمريكا بحكومة مصر والكيزان القادمة.

إذا حصلوا على الاعتراف الدولي، ليس أمام القوى السياسية المدنية الأخرى من خيار سوى التحالف مع الدعم السريع، والحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو، وحركة تحرير السودان قيادة عبدالواحد، وتكوين حكومة مدنية موازية عاصمتها الخرطوم. وبهذا يكون لدينا حكومتان وربما دولتان متحاربتان بالضبط كما يجري في اليمن وليبيا، ولكن وضعية السودان مختلفة، حكومة الخرطوم ستنتصر وتلتهم دويلة بورتسودان بكل يسر.

هذه الحرب ربنا سايقها لأن تكون نهايتها هزيمة مصر والفلول معًا، وستحرر السودان من الهيمنة المصرية إلى الأبد إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى