رأي

علي أحمد يكتب: لماذا رفض (الجيش)مشروع اللجنة الدولية للتحقيق في جرائم الحرب، وقبل بها الدعم السريع؟!

علي أحمد
علي أحمد

يحاول الجيش المختطفة قيادته من الفلول والمُتأسلمين، يحاول أن يلعب ذات لعبته القذرة التي يمارسها مع المواطن السوداني من قتل وتشريد وعبث بأمنه وأمن البلاد ومقدراتها وعدم الانصات لصوت العقل والجلوس إلى مفاوضات، من أجل أن يعود إلى السلطة. يحاول أن يلعب نفس اللعبة مع المجتمع الدولي؛ وهيئاته. 

عندما كانت أبواق الجيش والفول، تصرخ في الفضائيات، تنادي المجتمع الدولي الحق (سعد) فقد أهلك الدعم السريع (سعيداً)، كُنا نقول هذا كذب فقد قتل الجيش (سعد) منذ سنوات واغتصب أهله وحرق قريته، فيما هرب (سعيد) من البلاد عبر قوارب الموت إلى الغرب، يبتغي أمناً وسلاما ونجاة من أفاعيل الجيش السوداني (ملك الانتهاكات) في العالم أجمع، لم يكن يصدقنا إلاّ قلة، لكن رويداً رويداً انكشف الستار، ورأي الناس كيف يحتل الجيش منازل المواطنين ثم يتباكى على هذه المنازل، ويقيم ارتكازاته في المستشفيات ويقتل الأسرى ويعدم المواطنين ويسجنهم على الهويه ويشيع الفتن القبلية بين المجتمعات المحلية، حتى تهلك بعضها بعضاً!

إنه الجيش ياسادتي، وهذه حقيقته ناصعة ساطعة وواضحة جلية، لمن يريدها. 

الآن، ولأن الحق أبلج والباطل لجلج، وما ان انطلقت المشاورات في أروقة الأمم المتحد بجنيف حول مشروع قرار لمجلس حقوق الإنسان لانشاء لجنة تقصي حقائق دولية مستقلة بشأن السودان؛ حول انتهاكات طرفي الحرب، حتى رفض ممثل الفلول “الكيزان” في الأمم المتحدة المشروع نيابة عن حكومة الحرب الكيزانية القائم، بمبرر مثير ليس للضحك فحسب بل للقهقهة، قال إن القرار “يتجاهل الجهود المبذولة لاسكات صوت البنادق و لايأخذ في الاعتبار وجود آليات أُخرى تتابع الوضع”، فيما رحبت قوات الدعم السريع بالقرار وأعلنت استجابتها له وتعاونها مع اللجنة وامتثالها للقرارات الصادرة عنها لاحقاً. 

كثيرون اعتبروا هذه مفارقة، لكنها بالنسبة لي حقيقة حاول الفلول التعمية والتغطية عليها ما استطاعوا، فالمعروف عن استخبارات الجيش وآله الكيزان الاعلامية إنها تنسب ما تفعله إلى طرف آخر، وهذا ما حدث ويحدث للدعم السريع. 

فالحكومة الكيزانية الحالية، وقيادة الجيش ظلا ومنذ بداية الحرب يطلقان الاتهامان بحق الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الانسانية، ثم ما إن يأتي المجتمع الدولي لتشكيل لجنة تقصي عن ذات الموضوع من أجل الاستيثاق وجمع المزيد من الأدلة تمهيداً لمحاكمة المنتهكين، يرفضان ذلك ويعارضانه، لماذا يا تُرى؟ 

لماذا يخشى الجيش والفول التحقيق الدولي؟؟

ببساطة لأنهما من يرتكب الانتهاكات بل هما المعلم الأكبر والعراب (الأشر) في هذا الجانب – فمن غير الجيش علم الجميع النهب والسلب والحرق والاغتصاب ؟ اسألوا أهل الجنوب ودافور وجبال النوبة والنيل الأزرق وأخيراً شرق السودان، لتعرفوا (ما الجيش)؟

ظللت منذ الأيام الأولى لاشتعال الحرب؛ أؤكد في حوارات جانبية صغيرة مع أصدقاء وزملاء أن الجيش سيرفض أي تحقيق دولي مستقل عن جرائم الحرب، حال طالب المجتمع الدولي به، فكانوا يضحكون ويهزوون رؤوسهم كحمقى سخرية مني، وها أنا الآن أهز رأسي وأمد رجلي كأبي حنيفة.

أكثر ما لفت نظري في المناقشات التي دارت حول المشروع، مداخلة ممثل بريطانيا، فقد أبدى أسفه جراء التراجع المخيف لأوضاع حقوق الإنسان في السودان، وقال أن هذا الملف تحسن كثيراً بعد الثورة العظيمة (هكذا وصفها) التي مهرها الشباب المتطلع للحرية و الديمقراطية، لكن بدأ التراجع الحقيقي منذ انقلاب اكتوبر 2021. 

هكذا قال ممثل بريطانيا، وأيده معظم ممثلي الدول الأخرى، عدا قلة من الدول العربية والصين وهلم جرا، فالمجتمع الدولي لا يمكن خداعه، وإن خدعته مرة، فلن يستمر ذلك طول الوقت. 

الآن، وبهذا الرفض من الجيش الفلولي للجنة تقصٍ دولية حول حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وقبول الدعم السريع لها، فإن الأمور قد وضعت في سياقها الصحيح، ورويداً رويدا سيكتشف الجميع أن ما ارتكبه الجيش ومليشيات الكيزان يعادل مئات أضعاف ما فعله بعض المتفلتين من منسوبي الدعم السريع، وهي قوات تملك آلية ضبط فعالة لمنسوبيها، لكن في الحرب لا بد من حدوث تفلتات، وهي موجودة فعلًا ، أما الجيش فإن انتهاكاته ممنهجة وهي جزء من عقيدته العسكرية في حروبه التي خاضها ضد مواطنيه منذ عام 1955، هذه هي الحقيقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى