رأي

  علي جاد الله يكتب: السيطرة على الفاشر ومآلات التحولات الداخلية والإقليمية

هناك احتمالات أفضت لقصف طيران برهان للفرقة السادسة بالفاشر، وهي إما أن الخطأ ناتج عن دقة تصويب كانت معنية به قوات الدعم السريع التي اقتربت من الفرقة، ويؤكد على قربها فعليا، أو أن الغرض من القصف هو تدمير أسلحة مخزنة، ويعني أيضًا اقتراب الدعم السريع من السيطرة على الفرقة.

كل الاحتمالات تؤكد على أن الوضع مرتبك ويقود إلى مزيد من الخلافات بعد ورود تقارير تؤكد وضع قوات متحالفة موضع الشك واعتقال أفراد بتهم التعاون وإرسال إحداثيات لمدافع الهاون. وفي الجانب الآخر، هناك تقدم لقوات الدعم السريع نحو الفرقة وسيطرتها على ارتكازات متقدمة.

عليه، إن وضع الحركات المتحالفة مع برهان صعب، خاصة بعد انقطاع الدعم البري وفشل الإسقاط الجوي الذي يسقط جانب منه في أيادي الدعم السريع، أو باستهداف المظلات بالمضادات الأرضية مما يتسبب في تلف العتاد المسقط. بل وصل الأمر إلى أن  هناك خلافات جدية في بورتسودان، ودعوات لفك الارتباط مع برهان وصلت إلى الانسحاب من مناطق سيطرة القوات المسلحة والتوجه إلى دارفور، خاصة بعد أن قام الرئيس التشادي بإغلاق الحدود وعدم السماح بالتحركات العسكرية على حدود بلاده، خاصة بعد مشاركة أعداءه من أمثال عثمان ديلو شقيق يحيى ديلو الذي قتل في مداهمة مقر حزبه قبل نصف عام بأنجمينا. إن أي تضخيم لقوة معارضين محمد ديبي ليست من صالحه، خاصة أنهم يعتبرون أقرباءه من جهة الأب والذين تسببوا في مقتل والده.  

قبل يومين، شاهدت فيديو لقائد ميداني يدعى وادي هور يدعو صراحة إلى فك الارتباط باللغة المحلية، ويبدو أن مناوي تحدث مع القيادة الميدانية بأن الأوضاع وصلت مرحلة اللاعودة.

تؤشر كذلك اللقاءات التي عقدها برهان في جوبا مع الرئيس سلفاكير إلى البحث عن تحالفات جديدة تنقذ الوضع، بعد فقدان برهان لعائدات مرور البترول؛ رغم أن برهان هو من قصف محطات الضخ وغرف التحكم لإجبار حكومة جنوب السودان للوقوف معه في الحرب. تذكر المصادر أن الرئيس سلفاكير قد وصل إلى تفاهمات مع شركات صينية لتوصيل خط ناقل للبترول إلى ميناء جيبوتي يمر عبر أثيوبيا، وكانت التفاهمات قد تمت في القمة الصينية الأفريقية التي رفض فيها الرئيس سلفاكير مقابلة البرهان. وزيارته إلى جوبا كانت للاعتذار والتعهد باستئناف ضخ البترول إلى ميناء بورسودان. لكن هناك عوائق كبيرة تحول دون قدرته على استئناف مرور البترول، أولها استخدام البترول ككرت ضغط لانخراط جنوب السودان في الحرب، ثانيها يقع أغلب الخط الناقل ومحطات الصيانة والضخ والتحكم في مناطق يسيطر عليها الدعم السريع، ثالثها وهي تقسيم عوائد مرور النفط التي تحتاج إلى تفاهم مع الدعم السريع، رابعا وأخيرا؛ أن تكلفة تسييل أنابيب النفط التي توقفت مكلفة للغاية ربما تساوي ربع بناء خط جديد. 

 ويبدو أن جنوب السودان ربما يحتاج إلى التريث قبل التورط في الصراع الذي هو غني عنه، لأن حدوده مع السودان كبيرة وذات طبيعة حساسة سواء كانت مصادر للبترول التي يعتمد عليها أو وجود قوات المعارضة التي كانت وما زالت تشكل مصدر قلق للسلطة القائمة.

على أية حال، سيطرة الدعم السريع على الفرقة السادسة في الفاشر تربك حسابات كثيرة، ليست الداخلية فحسب بل الخارجية خاصة، قد تتوجه الأنظار بعد الفاشر نحو شرق السودان؛ على الحدود المتاخمة لإثيوبيا خاصة إقليم أمهرا المضطرب وكسلا التي تقلق الرئيس أسياس أفورقي الذي يحتضن عدد من حركات دارفور المسلحة وحركات من شرق السودان تمت صناعتها من قبل استخبارات الجيش الأرتري وجيش برهان. أما منطقة النيل الأبيض وشرق كردفان المتاخمتين لجنوب السودان يجعلان من الصعب على حكومة جنوب السودان التفكير في التقارب مع برهان، رغم أن لوبي مستشار الرئيس توت قلوال ابن البشير بالتبني سابقا يضغط في اتجاه تمتين العلاقات.

إن حسم معركة الفاشر لصالح أي طرف تحقق مكاسب، ويبدو أن الدعم السريع يمتلك زمام المبادرة في الحسم، خاصة بتحالفه مع ليبيا التي أغلقت الطرق أمام تزويد الحركات بالسلاح والسيارات، رغم أنهم موجودين في منطقة المثلث الحدودية، وربما حسم الفاشر يؤشر إلى فتح الطريق مع ليبيا بصورة كاملة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى