أخبار

مستور أحمد لـ(الجماهير): تأسيس جيش مهني قومي ضرورة لضمان استقرار السودان

هل يمكن ايقاف الحرب في السودان؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟ وما هي فرص إعادة السودان الى مسار الانتقال الديمقراطي؟

كل هذه الأسئلة وأكثر طرحناه على رئيس المجلس المركزي في حزب المؤتمر السوداني مستور أحمد محمد

في بداية الحوار سألنا مستور عن امكانية إيقاف  “حرب الجنرالات”التي تدور منذ منتصف أبريل المنصرم الماضي؟ . فقال: نعم هناك إمكانية لوقف هذه الحرب، لكن هذا الأمر مرهون بوصول طرفي النزاع إلى قناعة أن المنتصر في أرض المعركة بحسابات الميدان هو خاسر في موازين الوطنية.

لا تتفق معي ، بأن هذا حديث عاطفي مكرر ، الان مرت 7 اشهر على القتال وملايين السودانيين موزعين بين نازح ولاجي بجانب التدمير للبنية التحتية، الى متى ننتظر رسوخ هذه القناعة لإيقاف الحرب؟

حسنا هذه الحرب وقفها يحتاج إلى قرار شجاع فقط. أما منبر جدة وكل المبادرات هي فرصة، لكن ما تفعله هذه المنابر يمكن أن يتم عبر قرارات شجاعة و صحيحة وهي في يد الجيش.

ماهي هذه القرارات الشجاعة والصحيحة؟

على الجيش اتخاذ قرار ايقافها دون النظر لحسابات الربح والخسارة و عزل الاسلاميين داخل الجيش لتورطهم في اشعالها و تحصين نفسه من أي اختراق سياسي . هذه القرارات الشجاعة والصحيحة والتي ستجد الدعم من السودانيين.

لكن هناك طرف اخر هو الدعم السريع اليس له يد في وقف الحرب؟

الدعم السريع لم ياتي من السماء صنعه الجيش، والجلوس معه لوقف هذا القتال ممكن . ويجب ان يسبقه اتخاذ قرار حاسم تجاه الاسلاميين لانهم من اشعل هذه الحرب، وايضا لابد للقوات المسلحة من تتحصين نفسها ضد تدخل اي جهة سياسة.

تأسيس جيش مهني قومي ضرورة لضمان الاستقرار

تكرر الاتهام للاسلاميين وفي مقالات سابقة لك تحدثت عن الحرب لا يمكن تفاديها.

هذه الحرب وقوعها كان حتمي هذه حقيقة. ولا يمكن تفاديها لأسباب كثيرة فصلت فيها عبر مقالات وعلى راسها العقلية المؤورثة . لكن إيقافها و تفادي حدوث حروب مستقبلية في السودان هو ما يجب النقاش حوله الآن. 

لنتحدث عن خارطة طريق ايقافها ؟

صوت الحرب انخفض والراي العام السوداني مع ايقافها وهو قرار بيد الاطراف المتحاربة . المطلوب من طرفي القتال التنازل عن الصغائر ومصالحهم الشخصية وفكرة الانتصار للذات والتفكير في استقرار الشعب السوداني، هذا امر ممكن و القرار فيه بيد الجيش والدعم السريع، هم من يملكون القدرة على ايقاف الحرب التي وصفوهوا بالعبثية. وهذا الامر يتم عبر ابعاد الاسلاميين من القوات المسلحة اولا، ثم عليها ان تناي بنفسها عن اي عمل سياسي، يعقب ذلك جلوس الجيش و الدعم السريع لايقاف القتال، وترك ميدان العمل السياسي للمدنيين، حتى الان رغم ما حدث من قتال ودمار يمكن ايقاف الحرب عبر القرارات الشجاعة وهي بيد حاملي السلاح. 

تتحدث بنبرة متفألة ، لكن هناك اصوات بدت تنادي بالانفصال؟

اصوات الانفصالين محدودة ومتشائمة ولا ترغب في تحمل المسؤولية . وترغب في تصوير ما يجري من حرب بانها حرب ابناء السودان الشمالين ضد ابناء غرب السودان، وهذا غير صحيح تجولت في السودان طوال ايام الحرب.. السودانيين جميعهم رغم التنوع متشابهون، و هم جميعا ضحايا لحرب الجنرالات.

لكن هناك من يدعم الجيش وينظر للحرب كحرب خلاص؟

الشعب السوداني عندما اعتصم في القيادة العامة لم يذهب من فراغ ، ذهب لانه يعتقد بان القوات المسلحة هي المؤسسة التي تحمي كل السودان وتتمتع بقومية لان نسيجها يتشكل من كل الدماء، لكنها خذلته في فض الاعتصام مع ذلك لازال الامل معقود في الجيش، ثم جاء الانقلاب على الثورة والفترة الانتقالية ثم الحرب واستمر الخذلان.

إيقاف الحرب الأهلية شرط أساسي لعودة السودان إلى الديمقراطية

مع ذلك انا لا الوم من يدعم القوات المسلحة، لان داعميها يرون ان هناك بصيص امل لازال موجودا، وهذه فرصة من فرص كثيرة اضاعها العسكريون بسبب الخذلان التاريخي للشعب، والان يمكنهم لحاق نفسهم واتخاذ القرار الصحيح والشجاع . 

هل تقصد قرار ايقاف الحرب؟

هم قرارين وقف الحرب و القرار الثاني أن يتنحوا جانبا، واذا فعلوا ذلك سيكتب التاريخ انهم شجعان، استطاعوا تصحيح  الاخطاء السابقة كلها، لان مشكلة السودان التاريخية تتمثل في تدخل الجيش في الاقتصاد والسياسية، عندما يتخذ الجيش قرار الابتعاد عن السياسة والاقتصاد، سيكشف ظهر اي جهة سياسية تتخذ من السلاح اداة . وسيساعد ذلك في مستقبل آمن للبلاد لان حاملي السلاح وقتها سيبحثون عن وسائل غير عنفيه .

هناك من يقول ان حمل السلاح بسبب عدم احترام الدولة المركزية للتعدد والاختلاف ؟

الاختلاف مطلوب لكن المهم كيف ندير الاختلاف وهذه مهمة الساسة وليس العسكريين، ويتم في نظم ديمقراطية مدنية، ادواتها الحوار وليس القتال. 

ايضا هناك من يشير بالاتهام للخارج بانه يقف خلف تازيم الوضع في السودان؟

المتربصين بالسودان اقليميا ودوليا كثر، وهناك من يريد السودان رهينة، وهذا لا يتحقق الا عبر الصرعات والحروب.

لكن أقول للجوار القريب والاصدقاء البعاد هذا تفكير قاصر لأن المصالح تصان عندما يصبح السودان قويا، أي مصلحة  مرتبطة بتطلعات الشعوب هي دائمة والمصالح المرتبطة بالشموليات مهددة بالزوال وغير مستقرة.

انتم كمدنيين ترمون باللوم على العسكريين دائما؟

المؤسسة العسكرية والمدنيين السياسين  الاثنان يتحملون المسؤولية التاريخية، فالمدنيين هم من استخدم العسكريين وحولهم لاداة للاغراض السياسية، والعسكريين خضعوا لذلك وكبرت اطماعهم التي خصم على البلاد والمؤسسة العسكرية نفسها.

ماذا بعد وقف الحرب؟

يجب ان نؤسس جيش مهني قومي، وعندما نتكلم عن جيش مهني وقومي يجب التفكير في وضع ابعد من وضعنا الحالي، لان الوضع الاني فيه سياسين عسكريين، وفيه جيش مسيس. 

الكل يتحدث عن قومية قومية المؤسسة العسكرية عبر الدمج والتسريح، هذا امر ممكن وسهل بالطرق الميكانيكية، لكنها لن تحقق اي مؤسسة مهنية بل ستصبح اكثر تسيسا من قبل . لابد من التفكير استراتجيا و اي عملية دمج يجب ان تخضع لدراسة، واي خطوة دون ذلك نتائجها هي جمع مجموعة من الشتات السياسي داخل الجيش .

اذا كيف نصل الي جيش مهني قومي؟

القومي عبر الدمج لكن هذه العملية يجب ان يسبقها فك الارتباط بين العمل السياسي والاقتصادي والمسلح لتحقيق مهنية الجيش.

ولن نصل الي جيش مهني عبر الدمج فقط. لان دمج هولاء المقاتلين وهم في الاساس سياسين هذا يعتبر ترحيل القنابل القابلة للانفجار إلى الأمام. و اي اختلاف سياسي سيوثر على الجيش اذا جمعنا حاملي السلاح وادخلناهم في الجيش. لن نفعل غير تهديد التحول المدني الديمقراطي واستقرار السوودان مستقبلا. 

لذلك اي عملية سياسية لا بد من مناقشة الوصول الي جيش مهني وقومي وهذا يتم عبر فك الارتباط بين السلاح وهو امر يحتاج  الى اجيال لكن لابد من وضع الاسس له.

ماهي هذه الاسس؟

الاتفاق الاطاري نظريا وضع هذا الاساس لكن لم يخاطب مخاوف الكل و لم يتم نقاش هذه المخاوف بشكل شفاف وواضح كل اصحاب المصلحة في الانتقال ليس لديهم مشكلة نظرية مع الاتفاق الاطاري، لكن لم يحدث نقاش لمخاطبة مخاوفهم ومصالحهم وهذا امر مهم اغفله الاطاري. حتى الدول صاحبة الارتباط المصلحي و المطامع ، الاطاري لم يخاطب مصالحها ومخاوفها ويستجيب لها وفقا لمصالح وتطلعات الشعب السوداني، وهذه اكبر نقطه سلبيه في الاطاري.

اقول يمكن ايقاف الحرب والعودة للانتقال لكن هناك مجموعة من الاسئلة إذا لم تقدم لها الاجابات، ستنتظرنا في المستقبل و ستتحول الي قنابل وسياتي يوم تفجرها. 

السودانيين قادرين على الاتفاق وايقاف الحرب لكن اتفاقاتهم دائما هي اتفاقات الحد الادني في هذه المرة محتاجين نعمل الامرين الحد الادني (حق صلوا على النبي) لايقاف الحرب، والأمر الثاني هو وضع الاسئلة الصعبة و الاجابة عليها ومخاطبة مخاوف ومصالح كل السودانيين من اجل مستقبل امن.

يقول مستور أن السودانيين لا يحبون الهزيمة، لذلك الجيش والشعب غير مستعدون لتقبل حقيقة ان القوات المسلحة يمكن تهزم من جهة قامت بتكوينها .

لكن اذا نظروا للامر من ناحية اخرى، او بذات نظرة الوالد مع ابنائه، يمكنهم تقبل الأمر، لذلك اكرر أن القرار بيد الجيش

الثورة كان القرار فيها بيد الشعب وحقق الانتصار، الان القرار في يد الجيش وبأمكانه اختيار الخيار الصحيح، وهو إيقاف الحرب. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى