تقارير وتحقيقات

موقف الاتحاد الأفريقي من حكومة بورتسودان: اعتراف ضمني أم خطوة نحو الاعتراف؟

تقرير- الجماهير

عقب أن أكد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي تطلعه إلى مناقشات غير رسمية بينه وجمهورية السودان بشأن تعليق أنشطة السودان في الاتحاد الأفريقي، وأيضًا عقب دعوته رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي لإعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد في العاصمة الإدارية المؤقتة بمدينة بورتسودان: برزت مخاوف سودانية من أن بوادر اعتراف الاتحاد الأفريقي بحكومة بورتسودان ستعقد الأزمة في السودان. 

وكان المجلس قد أكد في بيان له في التاسع من أكتوبر الجاري، على الحاجة إلى المزيد من التواصل بين الاتحاد الأفريقي والسلطات السودانية وأصحاب المصلحة. كما حث البيان الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار وتنفيذ الاتفاقيات التي توصل لها طرفا الحرب في إعلان جدة والمتعلقة بوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين والانسحاب من المنازل والمباني المدنية.

وجدد المجلس تأكيده على ألا وجود حل عسكري للنزاع، مطالبًا الأطراف المتحاربة “بالتوقف الفوري وغير المشروط عن جميع الأعمال العدائية، ووقف دائم لإطلاق النار، والعودة إلى المفاوضات للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة. وكشف البيان عن تقديم رئيس “مجلس السيادة الانتقالي” القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، اقتراحين لوفد مجلس الأمن والسلم الأفريقي، الأول يتعلق بإنهاء الحرب، وإنشاء مناطق تجميع متفق عليها، والثاني استعادة الانتقال السياسي المدني الديمقراطي، بتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية.

في هذا السياق، يرى مراقبون، أن التغيير الأخير في موقف الاتحاد الأفريقي واعترافه خطابيًا بحكومة بورتسودان وبالبرهان رئيسًا لمجلس السيادة؛ هو اعتراف ضمني بحكومة بورتسودان، وخطوة نحو تعقيد المشهد، وخروج الاتحاد الأفريقي عن الحياد، والذي حذر عدد من المراقبين من أنه يمكن أن يؤدي إلى تصعيد من قبل الدعم السريع يتمثل في إنشاء حكومة في مناطق سيطرته: الأمر الذي يهدد تقسيم البلاد في حال اعتراف الاتحاد الأفريقي بحكومة بورتسودان بشكل رسمي.

وعلق الاتحاد الأفريقي، منذ 27 أكتوبر 2021، عضوية السودان بعد الانقلاب العسكري الذي نفّذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ضد الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، وأدان مجلس الأمن والسلم الأفريقي وقتها، سيطرة المؤسسة العسكرية على الحكم، وحلّ حكومة الفترة الانتقالية، وعدّ الانقلاب نكوصا عن وإهانة للقيم المشتركة و”المعايير الديمقراطية للاتحاد الأفريقي”.

ردود أفعال متباينة:

وضمن ردود الفعل على بيان الاتحاد الأفريقي، كانت وزارة الخارجية بحكومة بورتسودان قد رحبت، الثلاثاء، ببيان مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، حيث وصفت ما تضمنه من توجهات بأنها “إيجابية وبنّاءة”، مؤكدة اتفاقها مع الأولويات التي حددها مجلس السلم والأمن بتنفيذ إعلان (مبادئ جدة) بإخلاء منازل المواطنين، وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية، ومطالبته لـ(ميليشيا الدعم السريع) بالرفع الفوري للحصار عن الفاشر، وإدانته الفظائع التي ترتكبها الميليشيا ضد المدنيين”.

كما أكدت أنها تثمن “عالياً ترحيب المجلس بخريطة الطريق التي قدمها السودان لحل الأزمة، وقرار المجلس بمواصلة ترقية وانخراط الاتحاد الأفريقي الإيجابي مع السودان، وإعادة فتح مكتبه في مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد”.

وضمن ردود الفعل أيضًا، قال بكري الجاك، المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية “تقدم” لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن بيان مجلس السلم خرج عن الحيادية ومنح القوات المسلحة اليد العليا في أي ترتيبات سياسية، وأوضح “هذه محاولة لتطبيع سلطة بورتسودان كسلطة لها حق التصرف المطلق على النقيض من تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان”.

وأضاف: “في ظل التركيبة الحالية للمجلس ليس من المستغرب محاولة إضفاء شرعية على سلطة الأمر الواقع، ومن المتوقع أن يتم تصوير هذه الخطوة لمساعدة الاتحاد الأفريقي لتكون له قدرة على التواصل مع طيف عريض من السودانيين لمعرفة ماذا يريدون، لكن الحقيقة أن أي وجود للاتحاد الأفريقي في بورتسودان سيكون فقط لسماع رواية سلطة الأمر الواقع وعناصر النظام السابق”.

وفي ذات السياق صرح الدكتور محمد مصطفى، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، لصحيفة “عرب تلغراف” بأن نجاح الاتحاد الأفريقي في حل أزمة السودان يكمن في عودة السودان إلى عضويته الكاملة في الاتحاد.

وأضاف أن أفريقيا هي الحاضنة وهي البيئة التي تحيط بالسودان وتتضمنه وتتقاسم معه الثقافة والتاريخ، وشاركته النضال من أجل التحرر والتنمية والتطور، وكان السودان مُؤسسٱ وظل عضوا في منظمة الوحدة الأفريقية ثم الاتحاد الأفريقي وفي عدد من منظماتها، كما أسهم السودان في حل الكثير من أزمات أفريقيا ودولها وكذا أسهمت أفريقيا في معالجة أزماته.

وقال مصطفى: “وفقا لتخصصي في الإدارة الإستراتيجية، أعلم يقينا بل أعتقد أنه لا يمكنك التوسط بين طرفين لا تربطك بهم علاقات عضوية ودية، وبالتالي فإن توسط الاتحاد الأفريقي بين طرفي القتال في ظل تجميد عضوية السودان محكوم عليه بالفشل”. وأشار مصطفى إلى أن عودة “السودان للاتحاد تعني الخطوة الذكية في الطريق إلى إستراتيجية الحل الشامل للأزمة السودانية”.

التحول المدني والسلام شروط الاتحاد الأفريقي لإنهاء تجميد عضوية السودان:

في سياق شروط الاتحاد الأفريقي لإنهاء تجميد عضوية السودان، وهل استجابت لها حكومته؟ كشف مسؤول في الخارجية السودانية -للجزيرة نت- أن وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي طلب من البرهان خلال زيارته الأخيرة إلى بورتسودان اتخاذ خطوات عملية تستجيب لمتطلبات الاتحاد لرفع التجميد عن عضويته، وتشمل العودة إلى الحكم المدني ومسار التحول الديمقراطي ووقف إطلاق النار.

وكان رد البرهان، بحسب المصدر، بجديتهم في السلام استنادًا إلى “إعلان جدة” وتشكيل حكومة مدنية عبر توافق وطني تقود البلاد إلى انتخابات عامة بعد فترة انتقالية قصيرة، وتمسك بعدم تجاوب السودان مع أي مبادرة أفريقية ما لم تعد عضويته في المنظمة الأفريقية.

تجدد الدعوات الدولية لاستئناف العملية التفاوضية:

وبالتزامن مع ذلك، جدد المبعوث الأمريكي الخاص للسودان في تصريحات للجزيرة مباشر، أمس الثلاثاء، دعوته للأطراف المتحاربة للعودة إلى التفاوض، مؤكدًا “نخشى سيناريو التقسيم الذي سيؤدي إلى تفتت السودان، معلنا رفضه  تمويل أو تسليح أي دولة لطرفي الصراع في السودان”، ومضيفًا، “حان الوقت لدفع كافة الأطراف الخارجية والداخلية إلى طاولة المفاوضات”.

وعقب ختام زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لجمهورية مصر العربية، أكد الطرفان، في بيان مشترك، الثلاثاء الماضي، على أهمية مواصلة الحوار من خلال منبر جدة بين طرفي النزاع السوداني وصولًا إلى وقف كامل لإطلاق النار، وإنهاء الأزمة ورفع المعاناة عن الشعب السوداني الشقيق، والمحافظة على وحدة السودان وسيادته وكافة مؤسساته الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى