هل كان البشير ليجرؤ على تهديد جون قرنق يا عرمان ؟!
2017-12-14آخر تحديث 2017-12-14
18 4 دقيقةقراءة
البشير - عرمان
عثمان محمد حسن
كانت هيبة جون قرنق تملأ المكان و تخرس البشير و الأمريكان..
• أمريكا تريد فصل الجنوب.. و جون قرنق يريد سوداناً جديداً أساسه العدل و المساواة بين جميع أبنائه.. لم يكن بيدقاً تحركه أمريكا كما تريد.. تمت تصفيته.. حدث فراغ لم يكن سلفا كير مؤهلاً لملئه و تحقيق السودان الجديد الذي كانت الجماهير تتطلع إليه..
• و بغياب جون قرنق، التقى هدف الانفصاليين الشماليين بهدف سلفا كير و هدف الانفصاليين الجنوبيين لانفصال الجنوب و بهدف البشير في الحفاظ على كرسي السلطة بأي ثمن.. و كانت أمريكا تدفع البشير لقبول مطلب الحركة الشعبية بإجراء الاستفتاء قبل إجراء الانتخابات في عام 2010..
• قبل البشير على مضض.. لكن الحركة تمادت بترشيحها ياسر عرمان في مواجهة البشير في الانتخابات ، خاف البشير على كرسيه من السقوط.. هدد و توعد بالنكوص عن اجراء الاستفتاء إذا لم تسحب الحركة الشعبية ترشيح عرمان للرئاسة.. فسحبت الحركة عرمان..
• كان الانسحاب انسحاباً تكتيكياً لتحقيق استراتيجية الانفصاليين الجنوبيين.. و تحققت رغبة أمريكا الملحة في ( بهدلة) السودان كما نراه الآن..
• و بعد سبعة أعوام من ذلك الانسحاب، غير المشرَّفٍ لتاريخ الحركة الشعبية، أتى الأستاذ/ ياسر عرمان بعذر أقبح من الذنب في فيديو مبثوث يشرح سبب انسحاب الحركة الشعبية بكامل قوتها المهولة من انتخابات 2010 .. انسحاباً أصاب السودان في مقتل..
• مشكور عرمان، على أي حال، أن كشف لنا ما حدث.. و في اعتقادي أن عرمان لم يكن في الصورة تماماً.. و لا يمكن لأعدى أعدائه أن يقول بذلك عن قناعة..
• و تم الاستفتاء و تمت الانتخابات.. و تحدث الجميع عن التزوير في الانتخابات في الشمال.. و لم يتحدثوا عن التزوير الذي غطى كل شبر في جنوب السودان في الاستفتاء و الانتخابات معاً.. و كان يتم تحت تهديد السلاح في غالب الأحايين.. و عن ذلك كتبتُ مقالاً تحت عنوان ( غاب جون قرنق… فلعب سلفا كير و البشير بالسودان!) بتاريخ 13/2/2017، جاء فيه:-
• مهد قانون الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان لانفصال الجنوب وفق رغبة الانفصاليين في الشمال و الجنوب.. و فات على الوحدويين ما قصده الانفصاليون من أن تكون إدارة عمليات التسجيل و من ثم عمليات الاقتراع حصراً على الحركة الشعبية في الشمال و الجنوب.. و قد أنيط بالانفصاليين إدارة عمليات التسجيل بحيث رفضوا تسجيل الأسماء ذات الدلالات العربية أو الاسلامية.. خاصة من قبائل غرب بحر الغزال و الفراتيت المسلمين..
• و أعرف أناساً ذهبوا للتسجيل و رُفض تسجيل أسمائهم.. و أعرف امرأة أصرت على التسجيل و أتت بجميع الأوراق الثبوتية.. و هي تجيد لغة الدينكا إجادة أمها الدينكاوية للغة.. لكن اسمها لم يُسجل..
• كان الانفصال انفصالاً قسرياً.. و تزويراً مهد له قانون الاستفتاء في مهزلة تشريعية تستخف بالمنطق.. و كان الاقتراع فضيحة أخلاقية بلا سواتر.. ففي كل مركز اقتراع بالجنوب صندوقان في مكانين منفصلين، مكتوب على أحدهما:- ( نعم) للانفصال- و مكتوب في الآخر ( لا9 للانفصال.. و كان هناك جنود مدججون بالسلاح يحيطون بمراكز الاقتراع في حالة ارهاب للمقترعين..
• هل كان الجنوب في حاجة إلى الانفصال؟ لقد تم دفعه دفعاً إليه..
• رسم قانون الاستفتاء خارطة طريق ذات اتجاه واحد يفضي إلى الانفصال.. و لا يعرف الحقيقة من يرى غير ذلك.. و كانت قوة الجذب لدى الانفصاليين الجنوبيين قوية جداً تعضدها قوة مركزية انفصالية شمالية طاردة بعيداً عن مجال الوحدة..
• في عام 2009 إتفق المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية على أن يكون الاستفتاء قانونياً إذا شارك في التصويت ما نسبته 60% من الناخبين المسجلين.. كما اتفقا على أن تكون النسبة الغالبة لقبول أو رفض الانفصال من الناحية القانونية هي نسبة 50% + 1…
• عقب الاتفاق ظهر السيد/ ياسر عرمان على شاشة التلفزيون يحيط به مراسلو الصحف المختلفة و هو يبتسم ابتسامة المنتصر.. فكتبتُ في جريدة التيار الغراء مقالاً بعنوان:- ” أكبر ابتسامة في التاريخ !” إذْ كنت مندهشاً من ابتسامة ياسر ( العريضة) غاية الاندهاش.. و كنت أتساءل عما إذا كان ياسر يؤيد الانفصال أم أنه كان مخدوعاً مثل كثيرين!
• و بدأت عمليات الاقتراع في يوم 9 يناير 2011 و اعلنت النتائج غير الرسمية في يوم 25 يناير 2011 ، و أيدتها مفوضية الاستفتاء رسمياً في يوم 7 فبراير عام 2011، حيث أعلنت أن نسبة المشاركة كانت 97% من المقترعين المسجلة أسماؤهم في سجلات الاستفتاء. و أن نسبة المصوتين لصالح الانفصال كانت 98.83% ( فقط لا غير!!) و هي نسبة ( مألوفة) في الانتخابات الرئاسية في النظم الشمولية في عالمنا الأفريقي و العربي..
• و علا صخب الانفصاليين الجنوبيين المقيمين في الشمال على صوت الوحدويين الجنوبيين و سمعنا ( باي.. باي خرطوم!) تتردد من الانفصاليين في أرجاء العاصمة.. و غضب الشماليون إذ صدقوا أن الجنوبيين يكرهونهم بنسبة 98.83%.
• 98.83% يا ناس! 98.83 %؟ ( صاحب العقل يميز)!
• و فرح الخال الرئاسي الانفصالي في ( الانتباهة).. و استمر يضرب على حديد الكراهية و البغضاء و الحديد ساخن..
و ذبح الثور الأسود و كأنه يذبح الأمة الجنوبية السوداء بأسرها و يرميها خارج الحدود..
• و السؤال القائم منذ الانفصال و إلى الأبد هو:- هل كان الانفصال سيتم لو كان د. جون قرنق حياً؟..
• أيها السودانيون، إن نسبة من صوتوا للانفصال من الجنوبيين ليست كما صوروها لكم.. و أؤكد لكم، أن الاستفتاء لو كان جرى بشفافية و نزاهة لما انفصل جنوب السودان أبداً.. و أسألوا تلاميذ الدورة المدرسية الذين ذهبوا للمشاركة في فعالياتها.. و أجهضها باقان أموم.. إسألوهم كيف كان استقبال سكان مدينة واو لهم بالطبول و الزغاريد.. و كيف انتكست الفرحة بعد إجهاض باقان أموم للدورة المدرسية.. فصارت أماكن إقامات التلميذات الشماليات و التلاميذ الشماليين أشبه ببيوت عزاء..!
• أنا من مدينة واو و لي أهل كانوا ضمن المستقبلين للتلميذات و التلاميذ في بيوتهم.. و كثيرون منهم شاركوا في العويل و البكاء بعد اجهاض الدورة المدرسية..
• مهما كان الأمر، فما زال السودان و دولة جنوب السودان يشتركان في اسم السودان.. و لا زالا مفتوحين على الوحدة بحكم الرباط التاريخي و الاجتماعي و الاقتصادي بينهما.. و يمكن العودة إلى وحدتهما بصياغة مختلفة.. صياغة السودان الجديد الذي يتطلع إليه المخلصون من أبناء البلدين التوأمين.. رغم أنف الانفصاليين..
• لا بد من وحدة البلدين و إن طال الزمن!
• إن قول ياسر عرمان:- ” انا من المؤمنين بوحدة السودان ووحدة افريقيا و ما زلت مؤمناً بإمكانية تكوين اتحاد سوداني بين دولتين”، أكد لي أنه لم يكن ملماً بكل ما كان يُحيكه الانفصاليون داخل الحركة الشعبية من وراء ظهره.. لكنه شارك في مأساة الجنوب و الشمال- مأساة السودان الجديد، مع الأسف!..