تقارير وتحقيقات

مخاوف من تحول السودان إلى وكيل جديد لإيران بالمنطقة

في الآونة الأخيرة، شكلت ميليشيا إيران الخاصة ذات الإمكانات العالية، والحرس الثوري الإسلامي، علاقة وطيدة مع قائد القوات المسلحة السودانية الجنرال عبد الفتاح البرهان.

كان الحرس الثوري الإسلامي يعمل على إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، ويزود القوات المسلحة السودانية بطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية متقدمة.

يبدو أن إيران تبحث عن وكيل جديد في المنطقة يكون بمثابة عزاء وتعويض لها، وذلك عقب التدهور الخطير لكل من حماس وحزب الله؛ أهم وكلائها الرئيسيين، وذلك لاستخدامه كقاعدة إضافية لعملياتها: ويبدو أن إيران تضع السودان نصب أعينها.

بقلم: بيتر هوكسترا

ترجمة: الطيب علي حسن

تعريف بالكاتب:

بيتر هوكسترا زميل بارز متميز في معهد جيتستون. كان سفيرًا للولايات المتحدة في هولندا أثناء إدارة ترامب. كما خدم لمدة 18 عامًا في مجلس النواب الأميركي ممثلاً للمنطقة الثانية من ميشيغان وشغل منصب رئيس وعضو بارز في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب.

نص التقرير:

منذ مدة وإيران تحاول إنشاء ميناء لها في بورتسودان أكبر المدن الساحلية الكبرى في السودان، ويبدو أن استراتيجية إيران المتمثلة في دعم واختراق دول وجماعات إرهابية أخرى -كما فعلت في العراق وسوريا وغزة ولبنان وفنزويلا واليمن- هي بعد  آخر لاستراتيجيتها -الأساسية- المتمثلة في الانتقال إلى البلدان ضعيفة الحكومات، أو البلدان غير المستقرة؛ لتوسيع نفوذها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وإنشاء جبهات جديدة ضمن حملتها للقضاء على إسرائيل وإسقاط النظام العالمي بقيادة الغرب.

 إن وجود ميناء رئيسي وموطئ قدم لإيران في السودان، سيمكنها من تحقيق هدفين -أساسيين- من أهدافها: أولًا، الاستمرار في تطويق إسرائيل ضمن “حلقة من النار” وذلك من خلال فتح جبهة جديدة لمهاجمة الأمة اليهودية -قليلة العدد- من اتجاه الجنوب الغربي حيث يقع السودان، وثانيًا، توسيع سيطرتها بشكل أكبر على حركة الشحن الدولي في البحر الأحمر، حيث أصبحت معظم السفن في الوقت الحالي، خاصة تلك التي لا تستطيع  شراء التأمين، تُضطر نتيجة الاضطراب الهائل الذي أحدثه وكيل إيران، الحوثيون، إلى الالتفاف حول قارة إفريقيا بأكملها بدلاً من قناة السويس، ونظرًا لأن هذا التغيير يكلف كل سفينة ما يصل إلى 800 ألف دولار إضافية لكل رحلة، انخفضت حركة الشحن التجارية في البحر الأحمر بنحو 80٪.

في الآونة الأخيرة، شكلت ميليشيا إيران الخاصة ذات الإمكانات العالية، والحرس الثوري الإسلامي، علاقة وطيدة مع قائد القوات المسلحة السودانية الجنرال عبد الفتاح البرهان. حيث انخرطت -هذه المليشيات- لأكثر من عام في قتال قوات الدعم السريع، التي يترأسها محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي. هذا وقد عمل الجنرالان -المتحاربان- معا عام 2019 على تنظيم انقلاب، إلا أنهما وقبل 17 شهرًا، بدأا يتقاتلان. وفي الأسبوع الماضي، بدأت القوات المسلحة السودانية في محاولة استعادة العاصمة السودانية الخرطوم.

في أغسطس 2024، تم الدعوة إلى محادثات السلام، بهدف إنهاء الحرب الأهلية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وكتب المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو على إكس في ذلك الوقت، إن وفودًا من قوات الدعم السريع والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ومصر، قد اجتمعت في جنيف لإجراء محادثات برعاية الولايات المتحدة، كما أشادت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد بالجولة الجديدة من المفاوضات باعتبارها خطوة مهمة لإنهاء الحرب الدموية.

 في غضون ذلك، كان الحرس الثوري الإسلامي يعمل على إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، ويزود القوات المسلحة السودانية بطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية متقدمة. ويضع هذا الدعم -الإيراني- السودان كقاعدة عمليات جديدة محتملة لإيران ضد إسرائيل. ويبدو أن استراتيجية إيران المتمثلة في التغلغل داخل الدول الضعيفة أو غير المستقرة، مثل السودان، محاولة واضحة لتكرار انتشار الدول بالوكالة، وتوسيع نطاقها، وإنشاء جبهات جديدة في شبكتها العالمية ضد الغرب.

بالرغم من ذلك، إلا أن التهديد لا يتوقف عند إسرائيل: فالهدف النهائي لإيران هو بكل وضوح الولايات المتحدة، حيث أن شعارات مثل “الموت لإسرائيل” و”الموت لأمريكا”، هي الطموحات التي يدافع عنها النظام الإيراني، وذلك منذ أن أطاح آية الله الخميني بالشاه بالثورة الإسلامية عام 1979، حيث تعهد وقتها، “سنصدر ثورتنا إلى العالم أجمع. حتى يتردد صرخة “لا إله إلا الله” في جميع أنحاء العالم، سيكون هناك صراع”. [1]

إن القوات المسلحة السودانية بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، وعلى الرغم من دعوتها إلى محادثات السلام، إلا أنها لم توافق على إرسال  ممثليها، كما أن البرهان قد قال للصحفيين في بورتسودان وقتها،   “لن نذهب إلى جنيف”؛ مضيفا، “سنقاتل لمدة 100 عام”. ومع كل ذلك، ظهر البرهان في الأمم المتحدة مؤخرًا، طالبًا إجراء محادثات سلام؛ فلماذا لم يحترم دعوة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عندما منحوه تلك الفرصة في جنيف؟ هل يشير هذا الحادث إلى افتقاره إلى الصراحة؟

تسعى إيران من خلال التصريح علنًا بطموحها للهيمنة على الشرق الأوسط – وطرد القوات الأمريكية من المنطقة على الأرجح لتسهيل القيام بذلك – وبواسطة  القوة والترهيب منذ 40 عامًا، إلى الهيمنة على جيرانها في الشرق الأوسط، وليس فقط إسرائيل، ولكن أيضًا المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

في حين يظل تركيز إيران إلى حد كبير على الشرق الأوسط، إلا أن شبكاتها المالية في إفريقيا، والمدعومة من نشاط حزب الله المكثف في أنشطة غير مشروعة – مثل غسل الأموال والتهريب وجمع الأموال من الشتات اللبناني – تضعها في موقف تهديد خفي، ذلك أن وجود حزب الله في دول مثل غينيا وسيراليون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، يوفر له ولإيران الموارد المالية اللازمة لتعطيل المصالح الأميركية في أفريقيا. وفي حالة حدوث توترات مستقبلية، قد تستغل طهران هذا النفوذ لتأجيج الصراعات من خلال استهداف المصالح الغربية في القارة.

إن هيمنة إيران المحتملة على هذه على البلدان، رفقة التعاون مع روسيا والصين، يشكل تهديدًا أمنيًا خطيرًا  ليس فقط لإسرائيل، بل وأيضًا للمنطقة بأكملها والولايات المتحدة. ومن المأمول أن تولي حكومة الولايات المتحدة، أيًا كان الفائز في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، هذه النقطة الساخنة الناشئة اهتمامًا عاجلاً.

[1] February 11, 1979 (according to Dilip Hiro in The Longest War p.32) p.108 from Excerpts from Speeches and Messages of Imam Khomeini on the Unity of the Muslims.

https://www.gatestoneinstitute.org/20982/iran-newest-proxy-sudan

GATESTONE INSTITUTE INTERNATIONAL POLICY COUNCIL 

www.gatestoneinstitute.org/about/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى