شمائل

يسألونك عن العُقُوبات..!

شمائل النور
تنتظر الخرطوم على جمر ملتهب، رفعاً جزئياً للعُقُوبات الأمريكية، وهو وعدٌ ظلت تنتظره طيلة الأشهر الماضية، خاصةً فيما يتعلق ببعض العمليات المصرفية.. وإن كان أمر العُقُوبات مفروغاً منه ومحسوماً أمره لكثيرين، إلاّ أنّ تغيُّرات المعادلة السياسية والأمنية في المنطقة ربما تقلب الثوابت.
الوفود السودانية التي تسعى بين الخرطوم وواشنطن هذه الأيام، تقود تحركات حثيثة لإحداث اختراقٍ مُمكنٍ في ملف العُقُوبات الأمريكية قبيل تسلم الرئيس الجديد دونالد ترامب مهامه رسمياً في البيت الأبيض والتي تفصلنا منها أيام معدودة.
هذه التحركات المُتصلة تصب جهدها الجهيد في نقل ملف السودان إلى نقطة إيجابية، قبل تسلم ترامب مهامه، حتى إذا ما وصل إلى البيت الأبيض، وجد الملف السوداني لا غبار عليه.. ذلك، رغم ترحيب الخرطوم بترامب واعتقادها أنه أسهل وأوضح في التعامل.. نقل السودان من سالب إلى موجب لدى الإدارة الأمريكية، وفي وقت وجيز، ليس أمراً يسيراً، ليس هو مجرد عقد صفقات عبر سماسرة لصوص لبيع بُضاعة مُنتهية الصلاحية.. وإن كان ذلك يسيراً، لحدث التطبيع مئات المرات.. وإن كان ذلك مُمكناً، لحدث عقب انفصال الجنوب مُباشرةً.. تلك الجزرة التي قدمها السودان ليلقى أجره في الآخرة.
الخرطوم أشد حاجة هذه الأيام لأي انفراج أو متنفس يأتيها من الخارج، فقد تبدّدت آمالها في انفراج داخلي، فالوضع السياسي بلغ ذروته، والاقتصادي تجاوز المعقول، حتى أن الوديعة الإماراتية التي تبلغ نصف مليار، يبدو أنها مجرد دعاية إعلامية للتخدير، الذي يظن قادة الحكومة أنه يُجدي نفعاً.
لقد ظلت تصريحات المسؤولين في كل القطاعات تشكو العُقُوبات الأمريكية، لدرجة لو صادفك أقل مسؤول في أصغر محلية، يُمكن أن يؤكد لك أن تراكم النفايات وجيوش البعوض والناموس سببه العُقُوبات الأمريكية، باتت العُقُوبات شماعة فشل السياسة والاقتصاد، وفشل كل شيء.
إذا تحقق الوعد المنتظر قبيل العشرين من يناير، وإن كان يبدو مُستحيلاً، فإنّه سوف يصبح كقطرة ماء في صحراء، نعم، سوف تُهلل الحكومة إعلامياً، وستغني وترقص، وتسب وتشتم أعداء الوطن والمارقين والخونة وعُملاء إسرائيل، وبعد نهاية الحفل تتفاجأ بالواقع.. لذلك الجُهُود المبذولة خارج دائرة المعقول، وداخل دائرة الوهم، ينبغي توجيهها للحل الداخلي.
انظروا إلى المشهد بشجاعة وجرأة، هل أزمتنا الحقيقيّة في العُقُوبات الأمريكية، وهل رفعها – إذا حدَث – سيُغيِّر هذا الواقع، هل ستكافح لنا العُقُوبات الأمريكية الفساد، هل ستوقف الدماء التي تسيل، هل ستوقف الاعتقالات..؟!
ارفعوا العُقُوبات السودانية عن كاهل الشعب، هذه إذا ما رُفعت، لن نحتاج إلى رفع العُقُوبات الأمريكية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى