تقارير وتحقيقات

أزمة دبلوماسية بين الدعم السريع والحكومة المصرية ودعوات لوقف تصدير الموارد السودانية

تقرير- الجماهير

متغيرات كبرى تطرأ على حرب السودان، عقب أن اتهم قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الأربعاء 9 أكتوبر الجاري، الطيران الحربي المصري بالمشاركة مع الجيش السوداني ضد قواته، ونشبت أزمة دبلوماسية بين الدعم السريع والحكومة المصرية.

وأكد حميدتي، أن الطيران المصري قد شن غارات على الدعم السريع في “جبل موية”، وشارك بشكل مباشر في الحرب منذ بدايتها في 15 أبريل 2023م، وذلك باستهداف قواته المفوجة إلى خارج البلاد في معسكرات كرري بأمدرمان.

جاء التصعيد المصري عقب ساعات فقط على اتهام حميدتي، حيث نفت فيه وزارة خارجية جمهورية مصر، في بيان، الأربعاء الماضي، اتهامات قائد من وصفتها بـ”مليشيا الدعم السريع” بشأن اشتراك الطيران المصري في المعارك الدائرة بالسودان، ودعت المجتمع الدولي للوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره حميدتي.

وضمن التصعيد أيضًا، اتهم مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، الخميس 10 أكتوبر الجاري، جمهورية مصر العربية بتدمير البنى التحتية من مصانع وجسور ومؤسسات عامة في الدولة السودانية. وقال إن ذلك “يعتبر امتداد طبيعي لموقف مصر تجاه السودان عبر التاريخ”.
وأعلن طبيق، في تدوينة على صفحته بمنصة إكس، أن الوقت قد حان لإيقاف جميع الصادرات السودانية إلى مصر، وعلل ذلك باحتلال الأخيرة لحلايب وشلاتين ورغبتها في أن يكون السودان تحت سيادتها للاستفادة من موارده الخام لدعم اقتصادها.

ووصف “طبيق” خطاب محمد حمدان دقلو بكونه “تاريخي واستثنائي”، ووجه عناصر الدعم السريع بوضعه موضع التنفيذ ابتداء بمنع مرور شاحنات المواشي والمحاصيل القادمة من كردفان ودارفور إلى الولاية الشمالية، وذلك لأن “كل هذه المواشي والمحاصيل تصدر خام إلى جارة السوء مصر التي تقصف المدنيين بطيرانها الحربي دعما” للإرهاب في السودان” على حد قوله.

وأعقب نفي الخارجية المصرية ووصفها لقوات الدعم السريع بـ”المليشيا” تصعيد رسمي من جانب الأخيرة، حيث حذر الناطق الرسمي باسمها، المقدم الفاتح قرشي، الجمعة 11 أكتوبر، الحكومة المصرية من التمادي في التدخل في الشأن السوداني، مؤكدا “أن الحكومة المصرية لم تتوقف عن تقديم الدعم العسكري للجيش السوداني من سلاح وذخائر وقنابل الطائرات والتدريب، إلى جانب الدعم الفني والسياسي والدبلوماسي والإعلامي”.

وأفاد بأن مصر قدمت خلال شهر أغسطس الماضي (8) طائرات k8  للجيش، وصلت القاعدة الجوية في بورتسودان، وتشارك الآن في القتال الدائر لصالح الجيش. وقدمت كذلك قنابل 250 كيلو أمريكية الصنع، كانت سببًا في تدمير المنازل والأسواق والمنشآت المدنية. كما أشار قرشي إلى أن الطيران المصري ساهم في قتل مئات المدنيين الأبرياء في دارفور والخرطوم والجزيرة وسنار.

نهب مصر لموارد السودان:

تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، أمس السبت، مقاطع فيديو لأرتال طويلة من شاحنات البضائع، والتي -بحسب شهود عيان- قد منعت من قبل منسوبي قوات الدعم السريع من العبور إلى منطقة الدبة التي تمثل ميناء بريا رئيسا في طريق التصدير إلى مصر. هذا ولم يصدر أي بيان رسمي من قبل الدعم السريع ينص على منع التصدير، عدا تصريحات عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق. 

وفي يوليو الماضي، وضمن سياق ارتباط الاقتصاد المصري تاريخيا بنهب موارد السودان أشار تقرير بعنوان “حرب أخرى في السودان: مكان الذهب الأثر الاقتصادي للحرب في السودان” إلى أن تصدير الذهب من العاصمة البديلة، بورتسودان، قد شهد قيام وزارة المالية بمراجعة إجراءاته واشترطت دفع عائدات بيع الذهب قبل بدء عمليات التصدير.

وتابع التقرير، أن إجراءات “مالية بورتسودان” خلقت صعوبات جمة للمصدرين الشرعيين الذين تأثرت قدرتهم على الإنتاج ونقل المنتجات بسبب الحرب، وقد أدت هذه العقبات المالية إلى توسع وتزايد عمليات التهريب، خاصة عبر حدود السودان البرية الشاسعة.

ولمح التقرير إلى اشتراك حكومة بورتسودان والحكومة المصرية في نهب ذهب السودان عبر عمليات التهريب عبر الحدود، حيث كشف أن مصر “ومن خلال زيادة احتياطياتها من الذهب في محاولة منها لمنع عملتها من الانهيار، اعتمدت على الذهب للتخفيف من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تزامنت مع تعويم سعر صرف الجنيه لديها”.

ويتابع التقرير، “وقد دفع هذا مصر إلى زيادة اعتمادها على الذهب بنسبة 11٪، حيث يمثل الذهب حاليًا 25٪ من إجمالي الاحتياطي النقدي للبلاد. هذا وقد قفز احتياطي الذهب بالبنك المركزي المصري من 44 طنًا في 2021 إلى 125 طنًا في أوائل عام 2022، بزيادة قدرها 54٪.23″.

ويشير التقرير أيضا، إلى أن أسعار الذهب في مصر قد ارتفعت، وتزايد الطلب عليه بالتزامن مع اندلاع الحرب الحالية في السودان في منتصف إبريل العام الماضي.

ويستطرد التقرير “وفي العاشر من مايو الماضي، أصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قرارا يسمح باستيراد أي كميات من الذهب الخام والمشغول، وأيضا باستيراد الذهب  من الخارج”، وذلك بهدف تثبيت سعر صرف العملة الأجنبية بزيادة احتياطي الذهب بالبنك المركزي.

وخلال هذه الفترة، قُدِّرت أسعار الذهب في مصر بـ 53% أعلى من السعر العالمي -وفقا للتقرير- مما ساهم في زيادة التضخم، حيث قُدِّر السعر الحقيقي للدولار الأمريكي بـ47 جنيهًا مقابل الدولار، رغم أن البنك المركزي المصري ثبّت السعر عند 30.9 جنيهًا مقابل الدولار، مما ساهم بدوره  في ارتفاع أسعار السلع بالدولار الأمريكي في السوق الموازية، وهي ظاهرة أيضًا شهدها السودان، كما أنها أثرت أيضا بشدة على العملة المحلية.

ويؤكد التقرير “وقد أدت هذه الإجراءات إلى استقرار أسعار الذهب في مصر، بمتوسط ​​2315-2350 جنيهاً مصرياً (75-76 دولاراً أميركياً) للجرام، وذلك بالإعلان عن دخول أكثر من 306 كيلوجراماً من الذهب المشغول خلال شهر واحد من صدور القرار”. ويتابع،  “ولم يتم تحديد حجم واردات الذهب غير المشغول إلى مصر بشكل واضح”.

 وأوصى التقرير السلطات المصرية بضرورة العمل على وقف استنزاف الموارد السودانية من خلال تطبيق ضوابط صارمة على المعابر الحدودية والمطارات لضمان عدم استقبال سوى الصادرات الرسمية.وطالب التقرير  في حالة عدم الامتثال من جانب السلطات المصرية، بضرورة فرض “أقسى العقوبات” وذلك “بسبب عدم التزام الدول بالشفافية الكافية مما يجعلها تساهم في دعم الصراع في السودان.”  

وفي ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور النور حمد، اليوم السبت، إن السودان منذ استقلاله ظل «مستعمرة مصرية» يديرها بالإنابة قادة الجيش السوداني والنخب السياسية الفاسدة”. وحان وقت الاستقلال الحقيقي.

وأعلن “حمد”، في تدوينة على صفحته بمنصة فيسبوك، أنه لقد آن الأوان لكي يخرج السودان من الاستقلال الإسمي الزائف، الذي استمر منذ 1956م إلى الاستقلال الحقيقي، في إشارة إلى تدخل جمهورية مصر العربية في الشؤون السودانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى