
جاء في أخبار صيحفة الجريدة (السودانية) يوم 9 يناير 2017:
أجاز المجلس القومي للصحافة والمطبوعات لائحة أجور الصحفيين بعد إجراء بعض التعديلات الرئيسية عليها. وحددت اللائحة الحد الأدنى للأجور الجديد بمبلغ 1500 ج.س بالاضافة الى إمتيازات وعلاوات. كما أجاز المجلس لائحة السلوك المهني بعد إجراء بعض التعديلات عليها.
وطالب الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الناشرين (بالتعاون) وتنفيذ اللائحة. وأن المجلس سيقدم دعوة للناشرين لعرض اللائحة التي تمت اجازتها.
والمجلس، وبمقتضى المادة 33 (أ) من قانون 2004 أصدر لائحة تطوير العمل الصحفي في 2008 والتي عالجت شروط خدمة الصحافيين والاعلاميين بالمؤسسات المختلفة (القطاع الخاص) وتمت الاستعانة وقتها بلائحة الخدمة المدنية 1995 وقانون العمل 1997 (القائم 2017) كما تضمنت عقد العمل للصحفي من حيث ساعات العمل والأجور وحمايتها والإجازات والبدلات وكيفية انهاء الخدمة مثلما تم تحديد واجبات الصحفي وحقوقه وصدر منشور بذلك.
ولم يتمكن مجلس الصحافة والمطبوعات بعد صدور قانون 2009 من تنفيذ اللائحة بما في ذلك شركات يملكها أعضاء في ذات المجلس الذي أجاز اللائحة.
وقضت المحاكم وحتى العام 2016 للذين يلجأون اليها بعد انتهاء خدماتهم لصالح العاملين سواء من حيث المرتبات وتدرجها، وتوزيع المرتب والعلاوة السنوية أو ما يترتب على ذلك من تهرب تأميني (التأمين بمبالغ أقل).
وقيادات من المجلس القومي للصحافة والمطبوعات طوال السنوات الماضية ظلوا يؤكدون على:
– الصحفي الذي يتعاقد بأقل من الحد الأدنى تكون المشكلة في شخصه وليس المجلس أو الصحيفة.
– العمل بأقل من الحد الأدنى للأجوزر مسألة ينبغي أن يتصدى لها اتحاد الصحفيين لا المجلس.
وفات على هذه القيادات أن الاعلامي أو الصحفي في علاقة العمل (مخدم ومستخدم) هو الطرف الضعيف ولإنتفاء التعادل بين طرفي العلاقة لابد من تدخل المشرع لحماية الطرف الضعيف، ولا يجوز وضعه بين خياري (البطالة) أو (القبول) بالعمل بأقل من الحد الأدنى للأجور وشروط الخدمة.
وإن الوقائع الدامغة أمامنا هي:
1- مجلس الصحافة والمطبوعات ليس هو المخدم للعاملين بشركات الصحافة والاعلام بل هو جهة اشرافية تحت مسؤولية رئاسة الجمهورية.
2- قانون الصحافة في كل دول العالم لا يتضمن تفاصيل لشروط الخدمة ونصوصه ليست قواعد آمرة ولا من النظام العام وخارج اختصاص سلطات العمل.
3- نصوص قانون العمل عامة ومجردة ومن النظام العام ولائحة تطوير العمل الصحفي غير ملزمة للناشرين. وكل بند في عقد العمل مخالف لأحكام قانون العمل، يكون باطلاً ويحل محله أحكام قانون العمل بقوة القانون.
4- م/29 (ب) واجبات الناشر:
على كل ناشر أن يعتمد شروط خدمة مجزية للصحفيين العاملين بالمؤسسة الصحفية وفقاً لمعايير عادلة يحكمها قانون العمل أو أي قانون آخر. وهذا النص لا يتم تنفيذه بالكامل لاستناده على التفاوض بين الناشر ونقابة المنشأة. ولا توجد نقابات للمنشآت الصحفية والاعلامية.
5- الحد الأدنى للأجور في الحكومة والقطاع العام، يحدده مجلس الوزراء وكذلك الهيكل الراتبي الموحد لما فوق الحد الأدنى. والمستخدمون من الاعلاميين والصحفيين في القطاع الحكومي والعام الخاضعين لقانون الخدمة المدنية لا يواجهون مشكلة في (الإلزامية) والتنفيذ.
6- النظام العام في الدولة السودانية وضع المسؤولية بشأن الحد الأدنى للأجور وشروط الخدمة في القطاع الخاص للجنة الثلاثية وفي حالتنا هذه الاتفاقية الثلاثية للأجور (اتحاد النقابات/أصحاب العمل/الحكومة).
7- لائحة تطوير العمل الصحفي والاعلامي والحد الأدنى لأجور وشروط خدمة العاملين بالشركات الصحفية والاعلامية تخص فقط شركات القطاع الخاص وهؤلاء هم الذين يعانون من عدم التنفيذ.
8- هناك عاملون بالقطاع الحكومي أو المؤسسات العامة المستقلة شبه الحكومية يخضعون لقانون العمل (المؤقتين والمتعاونين نموذجاً) وهؤلاء كما المستخدمين في القطاع الخاص.
9- الناشرون طرف أصيل في العلاقة الثلاثية (اتحاد الناشرين) وفي التفاوض بشأن الحد الأدنى للأجور وشروط الخدمة.
10- في الممارسة لم تلتزم معظم الشركات والمؤسسات الصحفية والاعلامية بلائحة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات 2008 فيكون أصل القضية إلزامية لائحة الحد الأدنى للأجور وشروط لخدمة.
11- هناك عشرات المنشآت والمؤسسات الاعلامية والصحافية التي لها ملاكها الخاضعون لقوانين الدولة كالمخدمين الآخرين. وعلاقات العمل تنشأ بين طرفين صاحب العمل أو مالك المؤسسة الصحفية والمستخدمين لديه ولا تجيز القوانين تدخل أية جهات اخرى بما في ذلك الحكومة في علاقات العمل بين الطرفين إلا برضائهما.
كيف تكون اللائحة ملزمة؟
(1) احالتها الى وكيل وزارة العمل بالاستناد على أن المجلس القومي للصحافة والمطبوعات يتضمن الأطراف الثلاثة. وهذه الاحالة تستند على موافقة اتحاد الناشرين واتحاد النقابات.
(2) أو تحويل اللائحة بذات نصوصها مع امكانية اجراء التعديلات التنظيمية عليها الى اتفاقية جماعية (ثلاثية) محددة الأجل. ومعروف أنه يكون باطلاً وعديم الأثر، كل بند في عقد العمل ينقض حقوقاً منحت للمستخدمين بموجب التشريع أو الاتفاقيات والاتفاقيات الجماعية.
والاتفاقية الجماعية للأجور وشروط الخدمة تتضمن:
التصنيف المهني، مقاييس العمل بما فيها ساعات العمل وتوزيعها، المرتبات والأجور، التعويضات المرتبطة بالخدمة، الساعات الاضافية، ظروف العمل، التدريب، الاختبار، النزاعات الفردية والجماعية، التأمين الصحي، التأمين الاجتماعي، صندوق المساعدات الاجتماعية، الجمعية التعاونية..الخ ومدة الاتفاقية وكيفية تمديدها أو مراجعتها.
وهناك قضايا اخرى للصحفيين والاعلاميين في القطاع الخاص والمؤقتين والمتعاونين وغيرهم في القطاع الحكومي والعام الخاضعين لقانون العمل وأبرزها:
1- التدريب: م/8/ج من قانون 2009 نصت على الاهتمام بتدريب الصحفيين بالتنسيق مع المؤسسات الصحفية (نذكر أن قانون الخدمة المدنية ينظم التدريب أثناء الخدمة بخلاف قانون العمل).
2- العاملون من الاعلاميين والصحفيين تحت قانون الخدمة المدنية يسري عليهم قانون محاسبة العاملين في جميع المؤسسات في حين تطبق لائحة الجزاءات في القطاع الخاص على كل منشأة على حدة بعد اجازتها من سلطات العمل ونشرها داخل المنشأة.
3- فما هو موقع (لائحة السلوك المهني) أو (لائحة المحاسبة والمساءلة)، من قانون محاسبة العاملين ولوائح الجزاءات؟ وهل يستطيع المجلس القومي للصحافة والمطبوعات تطبيقها على الخاضعين لقانون الخدمة المدنية؟
4- نص قانون العمل السوداني على الفصل التعسفي (كفصل قانوني) في حين تم إلغاءه في قانون الخدمة المدنية فما هي معالجة اللائحة للأمر؟
5- ما هي رؤية اللائحة لطرق الاستخدام الجديدة المطبقة فعلياً في المنشآت والمؤسسات الصحفية والاعلامية في القطاع الخاص؟
6- الاعلاميون والصحفيون تحت قانون الخدمة المدنية يطبق عليهم قانون التأمين الصحي (الالزامي) ويستفيدون من صناديق التكافل الاجتماعي..الخ خلافاً للذين في القطاع الخاص.
واختم بما جاء في ميثاق الشرف الصحفي في السودان:
(يلتزم الصحافيون بواجب التضامن دفاعاً عن مصالحهم المهنية المشروعة، وعما تقرره لهم القوانين من حقوق ومكتسبات. ويتمسك الصحفي بما يليه من حقوق باعتبارها التزامات واجبة الاحترام من الأطراف الاخرى تجاهه).
وغض الميثاق الطرف عن تمسك (الأطراف الأخرى) بواجباتها في احترام وانفاذ حقوق الصحفيين القانونية، ومنها شروط الخدمة والحد الأدنى للأجور، وتدرج الأجور، وعقد العمل الصحفي. وميثاق الشرف الصحفي كما هو حماية للمهنة فإنه ايضاً حماية للصحفيين وصون كرامته وترقية بيئة العمل.
Khogali17@yahoo.com