لماذا يصر قادتنا السياسيين علي حصرنا في قائمة محددة من الآمال و التمنيات ، فمع نهاية كل عام نري وعودا بان العام المقبل سيشهد عودة السلام والاستقرار في ربوع البلاد ، وان هناك رغبة وجدية في وضع برامج جديدة في كافة المجالات التي تهم المواطن ومستقبل البلد ، لماذا لايتم تقييم تجربة العام السابق ماتحقق فيه من وعود وما لم يتحقق ، مع توضيح الاسباب و الملابسات التي قادت لتلك الاخفاقات بشجاعة ومسئولية ، ام اننا مطالبون فقط بمجاراة الروتين في نهاية كل عام ، كما يحدث في بقية الدول و البلدان من حولنا.
نعم لقد ظل قائمة الآمال و التطلعات واحدة ولم تتغير ، ذات الآمال القديمة التي حملناها خلال العقود الماضية باهمية عودة السلام والامن والاستقرار ، وعودة النازحين واللاجئين لاعمار البلد والمساهمة في تنميتها ، آمال الجيل المؤسس منذ خمسينيات القرن الماضي هي نفسها تطلعات جيل مابعد استقلال دولة جنوب السودان ، آمال وتطلعات ورثناها عن ذلك الجيل ونخشي ان يرثها جيل ابنائنا من واقع الحرب التي تعيشها بلادنا الآن وهي تمضي نحو عامها الخامس ، لطالما غابت الارادة السياسية وباتت قضية الوطن والمواطن في ذيل قائمة الاولويات لدي قادة البلاد .
كنا نأمل ان يكون اتفاق وقف العدائيات الذي وقعت عليه الاطراف نهاية العام الماضي نقطة تحول كبيرة في مسار العملية السياسية في جنوب السودان ، وبارقة أمل تلوح في نهاية نفق المعاناة و التشرد المظلم ، لكن مع تجدد المواجهات وتبادل الاتهامات بين الاطراف المتحاربة ادت لتراجع سقف الطموح والتوقعات بامكانية احراز تقدم حقيقي في المسائل المتعلقة بالسلام في القريب العاجل ، برغم الضغوط الداخلية من الجماعات السياسية وتنظيمات المجتمع المدني و الشارع الجنوبي ، الي جانب التحذيرات الدولية المتكررة بمحاسة اي طرف يقوم بمخالفة وانتهاك الاتفاق الاخير ، فدون وقف للعدائيات واسكات صوت السلاح ، لايمكننا الحديث عن عودة الاستقرار او وجود رغبة في احراز اي تقدم في بقية الملفات العالقة .
نامل مع حلول العام الجديد ان يفطن قادتنا لاهمية التوافق علي حل سلمي للحرب الدائرة حاليا ، تسوية تتجاوز المصالح السياسية الضيقة وتنظر لمستقبل هذا البلد المهدد بالتشرزم والتمزق و التداعي ، نامل ان يلتفتوا لصراخ المواطنين لاجل السلام وتمنياتهم بعام جديد يسوده الهدوء و الاستقرار ، انها حقوق تحولت لمطالب وتمنيات وواجبات تتنظر قدر من الالتزام والمسئولية ، فليس هناك هدية يمكن ان تقدم لهذا الشعب المكلوم اكبر من اسكات صوت البندقية و السعي من اجل المصالحة الحقيقية بين كافة مكونات البلاد من خلال التوافق علي ترتيبات جديدة لعملية سياسية تضع خارطة طريق جديدة تهئ الاجواء لاقامة الانتخابات.