الأخبار التي تتحدث عن رغبة الصين في إعادة توطين مليون صيني في الأراضي السودانية هي أخر محطات الفشل والعجز لحكومة الخرطوم، وعلى الرغم من أن أداء الحكومة طوال السنوات ال27 الماضية ممتلئ بالآف الاخفاقات، إلا إن هذا الخبر يجب التوقف عنده بوصفه حقبة جديدة في تاريخ السودان.
وربما يقود إلي استعماره من قبل الصين باعتباره أرضاً خالية من السكان، وربما نهض الصينيون بذات إدعاء اليهود “إن السودان أرض بلا ناس، يجب أن تعطى لناس ضاقت أرضهم عليهم”.
الحكومة تورطت في ديون لا حد لها أثناء تعاملها مع حكومة الصين، وهذا مرده للفساد الرهيب الذي اصاب كل أجهزة الدولة، وعندما تقول الصين أنها تريد 8 مليار دولار من حكومة السودان، ليس بامكان أي إنسان أن يعرف كيف استفاد السودان من هذه المليارات ال8. ومعها المليارات الثمانين حصيلة بيع البترول السوداني في ظرف عشر سنوات.
الصين ليس لديها أي تخوفات في التعامل مع الحكومات الفاسدة، بل في حقيقة الأمر أنها تفضل دائما العمل مع هذه الحكومات لأنها تحقق معها مكاسب أكبر.
كما أنها تمتلك قدرة كبيرة على العمل وسط الأخطار المتفاقمة نتيجة سيولة الأوضاع بسبب الحروب، وهي قادرة أيضا على حماية مصالحها في آتون الصراع، وهذا مفهوم كونها دولة عظمى تتمتع بامكانيات عسكرية واقتصادية عملاقة.
لايمكن لحكومة على كوكب الأرض التذاكي على الصينين الذين يقرضون كل شخص بفطنة المرابي وقدرته على استرداد حقوقه، وحكومة الولايات المتحدة الأكثر مالاً و الاعز نفراً تستدين من الصين . والصين ضامنة استرداد حقها من فك الاسد.
وصول مليون صيني للسودان لايتوقف عند محطة الأراضي التي سيستقرون عليها ولكن سيمتد لوضع السودان تحت الانتداب الصيني.
والقصة حدثت قبل مائة عام فقط عندما وصل الاروبيون لمصر ودخلوا في عدد من المشروعات العملاقة واقرضوا الباشا أموالا طائلة استخدم جزء منها في المشروعات وذهب الجزء الاكبر للاحتفال بانجاز هذه المشروعات ، وعندما غرق الباشا في ديونه ظهر الدائن على حقيقته وقال انه يريد معرفة المقدرات المالية لمصر حتى يستطيع استرداد ديونه، وذهب أكثر بتعيين موظفين في مكتب وزير المالية للاشراف على المال. وانتهى الامر بوضع مصر تحت الانتداب من اجل استرداد الدين.
هل تشبه هذه القصة قصتنا؟
عندما ييأتي مليون صيني لدولة ما، يقينا أن الذي يدير أمرهم سيكون اكثر من سفير. وربما يتحدث في النظام الصحي الذي يوفر العلاج لهذا الشعب، والتعليم باللغة الصينية وغيرها من التوابع.
وبعدها سيتضاعف المال الذي يطلبه باستمرار ، فالمرابي قادر على توريطك في الحلول السهلة باستمرار ، والمدين يتعلق دوما بمعسول الكلام.
تعاني الصين من ضغط سكاني كبير إذ تجاوز عدد سكانها المليار نسمة منذ سنوات بعيدة ، لذلك تتبع الصين عدد من السياسات من بينها تشجيع الصينين على السفر والحصول على جنسيات دول اخرى مع الاحتفاظ بالجنسية الصينية وكافة الحقوق ، ويحظى المهاجرون منهم بميزات تفضيلية عديدة.
اذا نجحت الصين في السودان ربما يغريها هذا بتطوير سياستها التوسعية ولاسيما ان هنالك عدد من الدول غنية بالموارد وعدد سكانها قليل مثل السودان.
الصين ايضا متورطة في مد السودان بالسلاح طوال سنوات الحرب ، وبالتالي ساهمت في استمرار الحرب التي افرغت البلاد الكبيرة من سكانها، هل حدث هذا عفوا؟ بعد الاخبار الاخيرة يجب ان نفكر مرة اخرى.
نقطة أخيرة:
نحتاج لتشكيل جبهة كبيرة من ابناء الشعب السوداني للعمل على الصعيد الدبلوماسي الدولي لكشف عدم قانوية هذا التوطين، اضافة لتشكيل تحالف عريض من كل ابناء السودان لوقف هذا المشروع، ومانفعله من خطوة حاليا اسهل كثيرا من مواجهة الانتداب الصيني وحروب الاستقلال لاحقا.