السودان يستبعد الخيار العسكري لحل أزمة سد النهضة الإثيوبي
2021-04-08آخر تحديث 2021-04-08
9 4 دقيقةقراءة
رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان البرهان و رئيس الوزراء الاثيوبي ابي أحمد - ارشيف
الدوحة: عباس محمد
استبعدت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، الخميس، الخيار العسكري لحل أزمة سد النهضة.
وقالت المهدي في تصريحات صحفية على هامش زيارتها للعاصمة الدوحة، “لا مجال للحديث عن الخيار العسكري، بل نحن نتحدث الآن عن الخيارات السياسية كما ذكر الرئيس السوداني من قبل”.
وأشارت إلى حدوث “استقطاب واسع النطاق للرأي العالمي والإفريقي وبشكل خاص في دول حوض النيل ودول الجوار لمنع إثيوبيا من المضي قدما في زعزعة أمن دول مهمة جارة لها وهي السودان ومصر”.
وفي ردها على النتائج الأخيرة لمفاوضات سد النهضة قالت المهدي، لا يمكننا وصف نتائج مفاوضات كينشاسا بالفشل، والسودان ذهب لهذه المفاوضات بقلب وعقل مفتوح بغرض التوصل لاتفاق قانوني وملزم بصورة عاجلة خاصة قبل الملء الثاني للسد”.
وأضافت: “كما تعلمون تحدد في العام الماضي للوصول لهذا الاتفاق في مدة أقصاها أسبوعين، ولكن للأسف خسرنا في العام الماضي حوالي 200 يوم لم يحدث فيها أي تقدم، بل على العكس حدث تراجع وتأخر في المواقف”.
وبينت الوزيرة أنه تم رفض تقرير الخبراء المستقلين الأفارقة الذين تم اختيارهم بعناية، في الوقت الذي وافق فيه السودان على تقرير الخبراء ورأي فيه أساس مهم للتوافق ولكن تم رفضه من أثيوبيا.
وأضافت، “عدم تسوية الأمور عبر وساطة الاتحاد الافريقي كما ارتأينا.. للأسف تم الملء الأول للسد والذي تضرر منه السودان بصورة كبيرة وأثر علي المشاريع الزراعية ومياه الشرب بل حتى أثر على المستوي السياسي، لذلك تقدمنا بمبادرة تقتضي بأن يقوم الاتحاد الافريقي والشركاء الدوليين الذين كانوا أصلا متواجدين بشكل مراقبين وهم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الامريكية وأضفنا إليهم الأمم المتحدة ووافقت كل هذه الأطراف على الوساطة وهي كانت جزءا من عملية التفاوض في مرحلة من المراحل، وكانت تقتضي موافقة الأطراف الثلاث وعلى هذا الأساس وافقت مصر من أجل إنجاز الاتفاق القانوني بأسرع ما يمكن وعليه عندما ذهبنا إلي كنشاسا كان الهدف الوصول لهذا الاتفاق والبناء علي ما تم الاتفاق عليه وتبني نهج مختلف يقوم علي التعاون وليست النظرة الأحادية لكل دولة ومراعاة مصالح سكان الدول الثلاثة البالغ عددهم 250 مليون مواطن”.
تعنت إثيوبي:
وتابعت وزيرة الخارجية السودانية: “للأسف أنكرت اثيوبيا معرفتها بهذه المبادرة ورفضتها وأصرت علي أن يكون الوجود الدولي في شكل مراقبين، بل حتى تعريف المراقبين هو عبارة (متفرجين وليسوا مراقبين) ولا يحق لهم المساهمة بأي شيء الا بإجماع الأطراف الثلاثة، وقدمت مصر مبادرة للخروج من هذه الأزمة بأن يتحول المراقبين إلي مسهلين ولكن أثيوبياً أيضاً رفضت، وقالت الوزيرة :”تقدمت مصر مرة أخري بمقترح آخر أيده السودان بأن يكون رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفته رئيس الاتحاد الإفريقي هو الوسيط وله الحق بأن يستعين بالخبراء الدوليين الذين أضافت إليهم أثيوبيا دولة جنوب إفريقيا، ونحن بالمقابل(السودان ومصر) رحبنا بوجود جنوب إفريقيا بحكم دورها كرئيسة سابق للاتحاد الإفريقي وهي دولة كبيرة ومهمة ولها وزن سياسي كبير في إفريقيا”.
وأبرزت المهدي أنه لم يكن هناك أي اعتراض بخصوص انضمام جنوب إفريقيا للمفاوضات وهذا علي عكس ما جاء علي لسان وزير الري الاثيوبي وهو أمر مؤسف حيث لم يكتفي الوزير الإثيوبي بتحوير الواقع وإنما زعم إن الرفض لوجود جنوب افريقيا هو إهانة لدولة جنوب افريقيا، وهذا غير صحيح ومؤسف بل كان هناك ترحيب مباشر من السودان وموافقة من مصر.
تسهيل المفاوضات:
وأوضحت المهدي أن الخرطوم اقترحت أن يقوم رئيس الاتحاد الإفريقي بتسهيل المفاوضات بمساعدة الأطراف الدولية، ولكن أثيوبيا رفضت ذلك مرة أخري بينما وافق السودان، وآخر هذه المقترحات التي تقدمت بها مصر كمحاولة أخيرة للمضي قدماً في هذه المفاوضات وانهاء التعنت الاثيوبي كانت أن دعت لأن يتنازل الجميع ويتم وضع الثقة في رئيس جمهورية الكونغو ليقوم بالوساطة والوصول إلى اتفاق قانوني وملزم خلال 8 أسابيع. وفي الواقع منذ العام الماضي تم الانتهاء من 90٪ من القضايا وبقيت القضايا الملزمة قانونياً لإثيوبيا.
وشددت وزيرة الخارجية السودانية بأن المقترح المصري بوضع إطار زمني لمدة 8 أسابيع هي فترة كافية جداً في حال وجدت الإرادة السياسية الحقيقية يمكن أن لا يحتاج الأمر لأكثر من ساعتين أو 4 ساعات للوصول لاتفاق قبل الملء الثاني المرتقب. وتابعت سعادة وزيرة الخارجية: للأسف مرة أخري تعنت إثيوبيا في رفض هذا المقترح المهم ونحن ونثق في حكمة وقدرة رئيس الاتحاد الافريقي للاستعانة بما يتوفر من موارد بغرض الوصول لاتفاق خلال 8 أسابيع، وهذا المقترح كان فيه تنازل كبير من السودان الذي سيواجه معاناة كبيرة من ملء السد. وللأسف تعنتت إثيوبيا مرة أخري ورفضت هذا المقترح.
الخيار العسكري:
وفي ردها على سؤال حول الخيار العسكري لحل الأزمة، قالت وزيرة الخارجية: لا مجال للحديث عن الخيار العسكري بل نحن نتحدث الأن عن الخيارات السياسية كما ذكر فخامة الرئيس السوداني من قبل، مشيرة إلي أنه سيكون هناك استقطاب واسع النطاق للرأي العالمي والأفريقي وبشكل خاص في دول حوض النيل ودول الجوار لمنع اثيوبيا من المضي قدماً في زعزعة أمن دول مهمة جارة لها وهي السودان ومصر.
وشددت وزيرة الخارجية، على أن السودان على الدوام يحرص على بناء السد وأكد ذلك أكثر من مرة بصورة مطلقة لحق الاثيوبيين في الاستثمار في نهر النيل الأزرق وقدم الدعم السياسي والتقني والأخلاقي.
وأضافت وزيرة الخارجية السودانية بأن الجانب الأثيوبي قدم عرضاً خلال المفاوضات بخصوص تبادل المعلومات قائلة: “قدم الأثيوبيين عرضاً بخصوص تبادل المعلومات في الملء القادم” وأضافت :”هذا أمر خطير جداً ، فنحن لدينا سد الروصيرص والذي هو بسعة تساوي عُشر سعة سد النهضة وبارتفاع أقل بكثير من سد النهضة ونحن للأسف لا نثق في الجانب الأثيوبي في هذا الإطار لأنه ببساطة يمكن أن يمدونا بالمعلومات لهذا العام ومن ثم يحجمون عنها في الأعوام المقبلة بعد أن يصبح أمراً واقعاً بالتالي فإن الملء يكون فقط بمجرد تبادل المعلومات ودون وجود اتفاق ملزم وقانوني يعد أمراً خطيراً لأمن السودان واستقراره ومصالحه الاستراتيجية وقدراته علي التخطيط الزراعي في المستقبل” وأضاف: “للأسف هذا يعكس سوء نية من الجانب الأثيوبي بأنه يريد أن يفرض ذلك بالأمر الواقع بالتالي فإن أى ملء دون التزام قانوني واضح هو خطير ويشكل تهديد مباشر علي السودان”.
ونوهت وزيرة الخارجية إلى أن إثيوبيا تسئ لعلاقات الجوار مع السودان حينما تدعي بأن ايقاف الملء يكلفها حوالي مليار دولار وهي بذلك لا تراعي لحياة الملايين من السودانيين الذين يتضررون من ملء السد.
قائلة: “إذا صدق ذلك نحن نتساءل كيف يقارن جيراننا الاثيوبيين مليار دولار يمكن أن تعوض بحياة السودانيين وأمنهم واستقرارهم.. حقيقة نحن لم نتوقع مثل هذا التصرف من الطرف الاثيوبي رغم الدعم السياسي والأخلاقي الذي تقدم به السودان لبناء سد النهضة ونحن ماضون لتحقيق المصالح بكل الوسائل الدبلوماسية والسلمية”.