رأي

بتول المسلمي تكتب.. التطبيع ابتزاز عابر للحدود

بتول المسلمي

ما الذي يمكن أن يحدث في ستين عام، كيف يمكن للحقيقة الواضحة والمصقولة أن تصبح مشوّشة؟ .

كيف يمكن ليدٍ شريفة أن تصافح يداً مُلوّثة بدماء الأبرياء دون أن ترتعش؟.

كيف يمكن أن تصبح الخيانة مجرد وجهة نظر؟.

كيف يمكن أن تُلوى عنق (لا) فتصبح (نعم) غصباً وافتراءاً؟

ما حدث البارحة كان صادماً ومؤلماً؛ إذ تداولت وسائل إعلام محليّة وعالمية خبراً ينمّ عن أن إتفاقاً جرى بين ترامب ونتنياهو وحمدوك والبرهان، مفاده أن التطبيع مع إسرائيل أصبح واقعاً، لا أمراً متداولاً في وسائل الإعلام همساً فحسب.
خرج بنيامين نتنياهو متهكماً في تغريدة وقحة، صرّح فيها أنّ لاءات الخرطوم الثلاثة (لا صلح – لا تفاوض – لا إعتراف)، قد أصبحت نعم ..!!

وبذريعة الإنفتاح الإقتصادي وبدء علاقات إقتصادية وتجارية تركّز مبدئياً على الزراعة، تمّ الترحيب بهذه الخطوة .
وقد صرح حمدوك كذلك، في وقت سابق، بأنّ هذا شأن يخصّ البرلمان الإنتقالي ليقرر ما يراه مناسباً، ما يعتبر تعدياً على الوثيقة الدستورية؛ فضلاً عن أنه لا يوجد برلمان إنتقالي بالأساس .

إن ما حدث ينبيءُ عن كارثة سياسية، فاحتكار قرار بمثل هذه الخطورة ووضعه تحت إرادة قلمين فقط، هما رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء، يعطي لمحة واضحة عما ستشهده الفترة القادمة من تاريخ السودان، وتبشيراً محبطاً بدكتاتورية قادمة مدعومة دولياً .

الأمر ليس ردة أخلاقية قوية، فقط؛ بل انهيار كامل لمفهوم الديموقراطية الذي تدّعيه الحكومة الإنتقالية، وتزييف مخل لإرادة الشعب السوداني .

إنه بمثابة لي زراع وضغط فظيع، فرغم إنكار الحكومة السودانية أنّ رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أمرٌ منفصلٌ عن التطبيع، إلا أنه من الواضح قد تمّ تحت ابتزاز سياسي رخيص، مُورس على الحكومة السودانية، متجاوزاً كلّ الحدود، وضارباً بمبادئ السيادة الوطنية عرض الحائط.

وبالحديث عن الإرهاب، هل هناك دولة إرهابية أكثر من إسرائيل؟، (هذا إذا سلمنا بأنها دولة).

هل هناك في العالم من لا يعرف ما ترتكبه إسرائيل بحق الفلسطينيين من جرائم أقلّها التعدي على المملتكات وهدم البيوت والإعتقالات التحفظية والأَسْر، والإبادة الجماعية؟.

إنّ التطبيع مع إسرائيل لا يليق بشعب مثل الشعب السوداني، الذي ثار ضدّ الظلم وناضل ضدّ الإستبداد، فالأولى أن نتضامن مع كلّ شعوب العالم المقهورة، موقفاً نابعاً من ثوريتنا، و جذور إحساسنا العميق أن يكون العدل في الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى