رأي

تريكو البشر يكتب: رفض مفاوضات جنيف.. الطريق الى جهنم

في تقدير قيادة الجيش، فإن أسهل طريقة للتخلص من العقبة الكؤود أمام حكومة الفرد بقيادة البرهان، هو إشعال حرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، تمكنهم من التخلص من قائدها الفريق محمد حمدان دقلو الذي  دأب على تكرار الحديث بأن  قواته تقف مع التحول المدني، الأمر الذي يعارض رغبة البرهان والإسلاميين من حوله.

في أيام قمع الجيش لمواكب الثوار المدنيين، صرح قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو  بوضوح أثناء قمع الجيش لتظاهرات تطالب بعودة العسكر للثكنات، بأن قوات الدعم السريع مستعدة لحماية مواكب الثوار من قمع أجهزة البطش. فكر ودبر قادة الجيش أمرهم، واتفقوا -حسب تقديراتهم- على افتعال حرب خاطفة يستطيع الجيش من خلالها  هزيمة قوات الدعم السريع في لحظات.

فعلًا، في صبيحة يوم 15 أبريل، أرسل الجيش قوة إلى مهاجمة قوات الدعم السريع في المدينة الرياضية، وقبل ذلك نشر قناصين على امتداد طريق شارع المطار. الشرارة قد أشعلت، وكانت نتائجها الأولية كلها،  لم تكن في صالح الجيش، سقط القصر الجمهوري والإذاعة ومطار الخرطوم وانهزمت قواته المهاجمة، حيث بث جنودها الدعم السريع في الحال مقاطع فيديو لمئات الجنود والضباط الأسرى. لو كان من بين أركان الجيش رجل رشيد لاختار منذ تلك الأيام طريق إيقاف الحرب للحفاظ على كرامة الجيش.

تمددت الحرب على مدار شهور، يوم بعد يوم يفقد الجيش حامية، حتى فقد أكثر من (70%) من مقراته في الخرطوم، وسقوط فرق كبيرة في غرب السودان ووسطه، هنا تأكد للناس أن الحرب لا تقف سوى بالتفاوض وكذلك المجتمع الدولي، إلا قادة الجيش والإسلاميين في أحلام يقظتهم يرون أن الملائكة أو معجزة سماوية ستنفذ موقف الجيش المنهار.

استخدم المجتمع الدولي أسلوب الترغيب والترهيب معًا، لسوق الجيش إلى التفاوض في جدة. بعد تعنت ولولوة، وافق قادة الجيش على الذهاب إلى جدة كمجاملة للمجتمع الدولي من غير رغبة حقيقية في سلام يوقف الحرب. وقع وفده على وثيقة مبادئ في جدة، ولكن قبل أن يجف حبر التوقيع، بدأ الجيش في التنصل من تعهداته.

عانى الشعب السوداني جراء الحرب معاناة كبيرة، وبات شبح الجوع يطارد السودانيين في الخارج والداخل. وجدد المجتمع الدولي مطالبه لأطراف الحرب باللجوء إلى الحوار، واختار جنيف بسويسرا مكانًا للتفاوض المزمع عقده في 14 أغسطس الجاري، ولكن قادة الجيش كعادتهم يبحثون عن مخرج من أي التزام يوقف الحرب. مرة يقولون نعترض على دعوة قائد الجيش دون صفة الحكومة، ومرة يعلنون التمسك باتفاق جدة الذي نقضوا غزله بأيديهم  طوعًا! إذا لم يهتد قادة الجيش هذه المرة إلى الذهاب إلى التفاوض بنية حسنة؛ فإن استمرار الحرب يعني ببساطة فقدانهم لما تبقى من وحدات عسكرية، وهزيمة ساحقة للجيش تقود قادته إلى جهنم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى