تقارير وتحقيقات

تطورات جنيف: الجيش يتمسك باتفاق جدة والوساطة تشيد بانفتاح الدعم السريع نحو السلام

تقرير- الجماهير

ساعات تفصلنا عن نهاية اليوم الرابع على انطلاق محادثات جنيف، التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، رفقة الأمم المتحدة، وعدد من الشركاء الدوليين، بهدف الوصول إلى وقف إطلاق نار، وتوصيل المساعدات الإنسانية وتعزيز تدابير حماية المدنيين في السودان. ويأتي ذلك، في ظل حضور وفد قوات الدعم السريع أحد طرفي الصراع في السودان؛ وغياب وفد الجيش السوداني الطرف الثاني في الصراع، ورفضه قبول الدعوة الأمريكية للتفاوض. 

وضمن فعاليات اليوم الرابع من مفاوضات جنيف، وفي بيان مشترك، نشره المبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو، على حسابه الرسمي بمنصة إكس، اليوم السبت، أعلنت كل من الولايات المتحدة وسويسرا والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والأمم المتحدة ووفود الاتحاد الأفريقي المجتمعة في سويسرا؛ انطلاق جلسات اليوم الرابع للمباحثات حول السودان، في ظل غياب وفد الجيش.

المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو (الشرق الأوسط)

وأكد البيان، ترحيب الوفود الدولية المشاركة في محادثات السودان بسويسرا، بقرار مجلس السيادة السوداني -بحسبهم- فتح معبر أدري الحدودي، الرابط بين تشاد وشمال دارفور للأشهر الثلاثة المقبلة، في إشارة إلى قرار قائد الجيش، الذي صدر أمس الجمعة، والقاضي بفتح معبر أدرى الحدودي، الذي يقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

ورحب البيان المشترك، بالتزام قوات الدعم السريع للشركاء الدوليين، بالتعاون في توصيل المساعدات الإنسانية؛ لا سيما عبر طريق الدبة الحيوي إلى دارفور وكردفان. ورحب البيان أيضا: “بالتزامها بحماية العاملين في المجال الإنساني أثناء عملهم”. 

ووصف البيان المشترك، هذه القرارات “بالبناءة من قبل الطرفين”، وأنها، “ستمكن من دخول المساعدات اللازمة لوقف المجاعة، ومعالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي والاستجابة للاحتياجات الإنسانية الهائلة في دارفور وخارجها”.

وشدد البيان، على أنه يجب على الأطراف المتصارعة في السودان، “التواصل والتنسيق فورا، مع الشركاء في المجال الإنساني لتعجيل تشغيل الممرات الإنسانية والمعابر بكفاءة وبكامل طاقتها”. 

وأكد، “يجب على المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، اغتنام هذه اللحظة، لتوصيل المساعدات إلى المحتاجين”، وتابع: “وذلك حتى ننقذ حياة الفئات الأكثر ضعفًا. وحتى يستمر عمل الوفود الدولية في سويسرا اليوم”.

البرهان يجدد رفضه لجنيف:

قائد الجيش عبدالفتاح البرهان

وضمن مستجدات اليوم الرابع من مباحثات جنيف، قالت منصة “الشروق” إن قائد الجيش السوداني،  كشف خلال لقاء جمعه مع عدد من الصحفيين المصريين والسودانيين بمكتبه في مدينة بورتسودان، اليوم السبت: أن حكومته قدمت مقترحها ورؤيتها بشأن تنفيذ اتفاق جدة. وأضاف؛ تم تحديد برنامج محدد بجدول زمني، وجرى تسليمه لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والمبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو.

وبحسب الشروق، فإن البرهان قد أكد أن المقترح يتضمن خروج قوات الدعم السريع من العاصمة الخرطوم، ومدن إقليم دارفور وولاية الجزيرة. كما أن مقترح حكومة بورتسودان المذكور آنفا، قد حدد آلية المراقبة على الأرض، والتي تتعلق بتنفيذ اتفاق جدة.

 وأوضح البرهان لـ”الشروق”: أن آلية المراقبة التي حددتها حكومته تتألف من بعض دول الجوار. مضيفًا، أن قوات الدعم السريع كانت قد اعترضت على وجود بعض الدول، مثل مصر وجنوب السودان. إضافة إلى ذلك، حدد المقترح أعداد القوات ومناطق انتشارها، بحسب إفادة البرهان.

وشدد قائد الجيش على أن “موقف الحكومة من أي مفاوضات معلوم من خلال الرؤية التي تم تقديمها للوسطاء”، ونفى إمكانية البدء في أي مفاوضات جديدة دون الالتزام بتنفيذ اتفاق جدة. وتابع: “من يريد إيقاف الحرب عليه الحديث مع المتمردين الذين يهاجمون المدنيين في مناطقهم” وفقًا للشروق.

ومن جهته، قال إعلام حكومة بورتسودان في بيان، اليوم السبت، إن “البرهان أطلع الوفد الإعلامي المصري على تطورات الأوضاع في السودان، على خلفية التمرد الذي قادته مليشيا الدعم السريع الإرهابية ضد الدولة ومؤسساتها مؤكداً قدرة القوات المسلحة على دحر التمرد والقضاء عليه”.

قائد آخر من الجيش يجدد رفض جنيف:

وضمن تجديد موقف الجيش من مفاوضات جنيف، قال مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق إبراهيم جابر، في لقاء مع قناة القاهرة الإخبارية، أمس الجمعة: “إنّ الجيش لم يوافق على جنيف، بسبب أن وفد حكومتهم الذي تشاور مع الجانب الأمريكي بجدة، لم يجد إجابة واضحة لثلاثة أسئلة رئيسية طرحوها عليهم بجدة”.

الفريق إبراهيم جابر

وأوضح جابر: “لم نجد إجابات من الجانب الأمريكي، حول قضية تنفيذ اتفاق جدة، كما أنهم أصروا على أن تبدأ المفاوضات في يوم 14 من أغسطس”. وأضاف: “قلنا لهم إن هذا يوم عظيم بالنسبة للقوات المسلحة”، ووصف موقف الجانب الأمريكي “بالتملص” من المواعيد، ذلك أن ردهم على اعتراض القوات المسلحة على ذلك، بألا مانع لديهم في تأجيلها إلى يوم 18 أغسطس.

وتابع جابر، أن القضايا الثانية والثالثة التي رفضوا بسببها قبول الدعوة الأمريكية للتفاوض بجنيف، تتعلق بأن الجانب الأمريكي في مشاورات جدة، كان قد حدد أجندة التفاوض مسبقا دون مشاورتهم وكذلك المراقبين، حيث قال “أجرينا ثلاثة اجتماعات مع الجانب الامريكي، وأوضحنا لهم أنه يجب التشاور مع الجانب السوداني حول أجندة التفاوض وتحديد الدول المراقبة والالتزام بتنفيذ اتفاق جدة”.

وأكد جابر خلال المقابلة، على أن توصية وفد التشاور التابع للقائد العام للجيش السوداني، خلصت بعد المشاورات في جدة، إلى أن الجانب الأمريكي لا يرغب في التشاور مع الحكومة السودانية حول أجندة التفاوض والدولة المراقبة، والالتزام بتنفيذ اتفاق جدة، وقال جابر في سياق ذلك  “كان ردنا واضحا على الجانب الأمريكي بألا يذهب وفدنا إلى جنيف، دون التفاهم على هذه الثلاث قضايا”.

الدعم السريع يجدد حرصه على التفاوض:

وضمن تطورات محادثات جنيف، أعلنت قوات الدعم السريع، أن وفدها المفاوض برئاسة العميد الركن عمر حمدان، عقد، مساء أمس الجمعة، لقائين منفصلين بوفدي الاتحاد الأفريقي والمملكة العربية السعودية بجنيف، بحث خلالهما عدد من القضايا والموضوعات التي تتصل بتطورات الأوضاع في السودان وسبل تحقيق السلام والاستقرار. 

ووفقًا لبيان حصلت عليه «صحيفة الجماهير»، أعرب وفد قوات الدعم السريع خلال اللقاء مع وفد الاتحاد الإفريقي برئاسة رئيس الآلية رفيعة المستوى محمد بن شمباس، عن تقديره للجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى تحقيق السلام في البلاد. 

جانب من لقاء وفد تفاوض قوات الدعم السريع بوفد الاتحاد الأفريقي

وأكد وفد الدعم السريع أن المشاركة في مفاوضات جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة الأميركية تأتي “تعبيرًا عن رغبة صادقة في وقف الحرب ورفع المعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوداني بسبب الحرب”.

وأشار وفد الدعم السريع إلى أن عدم استجابة الجيش للدخول في المفاوضات وإصراره على مواصلة القتال رغم خسارته في الميدان، يرجع لتعدد مراكز اتخاذ القرار، وتحكم النظام القديم على مفاصل القوات المسلحة وتسخيرها لخدمة أجندته.

وأشاد وفد قوات الدعم السريع خلال لقائه بوفد المملكة العربية السعودية برئاسة السفير علي بن جعفر، بالجهود التي ظلت تبذلها المملكة العربية السعودية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان، لا سيما رعايتها جولتي التفاوض في منبر جدة الذي أسس لمفاوضات جنيف الحالية، إلى جانب الدعم السخي الذي قدمته للمتأثرين بالحرب في السودان عبر مركز الملك سلمان.

جانب من لقاء وفد تفاوض قوات الدعم السريع بوفد المملكة العربية السعودية في جنيف

وجدد وفد الدعم السريع التزامه بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في جميع أنحاء البلاد.

وكان الناطق الرسمي للوفد المفاوض بقوات الدعم السريع بمباحثات جنيف، محمد المختار النور، قد قال في مقابلة مع قناة الحرة، مساء أمس الجمعة؛ إنهم قد انخرطوا في مشاورات أولية وجلسات فنية ثنائية بينهم وبين الوساطة الأمريكية، في اليوم الثالث على انطلاق مباحثات جنيف، وذلك في إطار البحث عن الآليات والإجراءات الفنية ومطلوبات المنبر بجنيف. وأضاف المختار: “نحن اتينا بآمال عريضة للوصول إلى هدنة ووقف إطلاق نار لأننا ندرك معاناة الشعب السوداني”.

وأكد المختار، أن الجيش تسيطر عليه الحركة الإسلامية، ولا يمكنه لقيادته أن ترسل وفدها للمفاوضات بجنيف، حيث أوضح: “لقد اتضح لنا من خلال تجاربنا التفاوضية، في كل من جدة الأولى والثانية، والمنامة، وجنيف السابقة، أن إرادة الجيش مختطفة من قبل الحركة الإسلامية”. مضيفًا، أنه لا يمكن للجيش أن يرسل وفدًا للتفاوض، إلا بعد مباركة الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني على ذلك”.

وفي سياق ذلك، أكد المختار، أنه لا يمكن لقوات الدعم السريع، توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار والعدائيات، في ظل عدم حضور الطرف الآخر. كما لا يمكن إعلان وقف إطلاق نار من جانب واحد. موضحًا أن أي اتفاق يتعلق بذلك، يوقع من جانب طرفين، وفي حال عدم حضور الجيش ورفضه للتفاوض، فإن قوات الدعم السريع ستنخرط في مفاوضات ثنائية مع الوساطة والمراقبين الدوليين بجنيف، حول قضيتين هما؛  توصيل المساعدات الإنسانية إلى المواطنين، والترتيبات التي تتعلق بحماية المدنيين في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.

الناطق الرسمي باسم وفد التفاوض بالدعم السريع محمد المختار

وأكد الناطق الرسمي، جاهزيتهم في قوات الدعم السريع، للتفاوض بجدية في المباحثات بجنيف، كما أن مشاركتهم الجادة في جنيف تؤكد حرصهم  على إنهاء الحرب في السودان. وأضاف المختار: نحن لم نكن منذ بداية الحرب، ذلك الطرف الذي يعرقل الحرب، كاشفًا عن أن الجيش هو الذي سحب وفده من جدة الأولى، وجدة الثانية، والمنامة، مؤكدًا عدم جدية في وقف الحرب، وأن الدعم السريع جاهزة للتفاهم حول آليات تنفيذ الاتفاقات المعلنة في جدة والمنامة.

وشدد الناطق الرسمي باسم الوفد المفاوض لقوات الدعم السريع، على أن اتفاق المنامة الذي وقع عليه الكباشي مع عبد الرحيم دقلو، هو جزء من مكتسبات الحوار السابقة بالنسبة لقوات الدعم السريع رفقة إعلان مبادئ جدة، ولا يمكن التنازل عنها. وطالب الشركاء الدوليين  بعمل جداول لتنفيذ اتفاق جدة، إذا ما كانت هذه مشكلة الجيش وسبب رفضه للتفاوض.

وتعليقًا على مجريات محادثات جنيف، قال وزير الإعلام السابق فيصل محمد صالح، على مقالة بصحيفة الشرق الأوسط، اليوم السبت؛ إن الموقف الحالي يقول إن دول الوساطة والمراقبين يجلسون معاً في جنيف ويعملون على تصميم تصور لاتفاق جدة بحيث يتضمن وقف العدائيات، ثم خروج القوات العسكرية للطرفين من الأعيان المدنية، بما فيها المنازل، ومراكز الخدمات والمستشفيات.

 وأضاف، أن ذلك قد يتطلب وجود نوع من المراقبة الدولية، قد تتم عبر قوات أفريقية. كما تتضمن العملية تأمين مسارات لإيصال المساعدات الإنسانية، ويظهر هذا جليًا من قرار “مجلس السيادة” بفتح معبر أدري الحدودي مع ‎تشاد لمرور المساعدات الدولية.

وتابع فيصل: “الحقيقة أنه لا وجود للجيش السوداني في المناطق الحدودية مع تشاد وأفريقيا الوسطى، فهذه المناطق تقع تحت سيطرة «قوات الدعم السريع». لكن يمكن اعتبار القرار إشارة إيجابية تجعل مرور المساعدات عبر مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» يحمل موافقة الطرف الحكومي، وليس قراراً دولياً رغم أنف الحكومة”. وأوضح، أن أهمية هذا القرار، أنه جاء بعد المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني ‎بلينكن والفريق البرهان.

وتابع: من الواضح أنه رغم عدم الإعلان عن وجود وفد يمثل الجيش والحكومة في جنيف، بمعنى أنها وحيدة الساق، فإن هناك خطوطاً مفتوحة بين الأطراف قد ينتج عنها إحراز تقدم في هذه الجولة يفتح الباب أمام التفاوض المباشر بين الطرفين في جولة قادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى