رأي

حاتم الياس يكتب: جيش البيزنس

حاتم الياس

كل الجيوش التي تخلت عن جزء من مهامها العسكرية الأصلية والتي تتعلق بأصل وجودها كجيش ، والحقت نفسها بالسوق وآليات العرض والطلب وأغرتها الأرباح المحصنة والبعيدة من رقابة الدولة ومؤسساتها . تبع ذلك مباشرة أهمال مريع لعمليات البناء والتجديد والتجنيد للمؤسسة العسكرية حيث الواجب يعني الصرف والكلفة العالية .

وستكتشف ذلك مع اول تجربة حرب أو مواجهة عسكرية ، وهنا نقول بأنه أمر لايخص السودان فقط وأنما يمكن أن تعممه على كل دول الجنوب التي أنخرطت جيوشها في اعمال السوق والبيزنس ونسيت دورها كجيش ويتحول كبار الضباط الى رجال أعمال بأسم الجيش تجدهم في (سوق الله أكبر ) وتتحول الميزانية الكبيرة المستقطعة من ميزانية الدولة للاغراض الدفاعية وحماية الوطن لمصانع وشركات .

وسيكون السؤال اين يذهب عائد هذه الشركات هل لدعم وبناء الجيش وتطوير وحداته عسكرياً آم هو عبارة عن (ريع ضخم ) يتم توزيع أرباحه بين طبقة من متنفذي جهاز الدولة مدنيين وعسكريين خصوصاً مع ظهور معدن الذهب ؟ لذا إن اردت أن تجد الأجابة على إنقلاب البرهان ليس السبب متعلق (بلجنة تفكيك التمكين) ولا بذلك الإعتصام الهزلي أمام القصر .

وأنما السبب الأساسي يعود لمطلب أيلولة منظومة الصناعات الدفاعية لوزراة المالية اي لملكية الشعب . وايلولة منظومة الصناعات الدفاعية لوزارة المالية كانت تعني تفكيك أهم مورد مالي لطبقة اثرياء تنظيم الحركة الإسلامية لأن منظومة الصناعات الدفاعية كانت تعني الشراكة الوثيقة بين الواجهة العسكرية للتنظيم والواجهة المدنية . قحت القبيحة هذه التي يتكتل ضدها الاسلاميين وبعض من فتية اليسار الذين اصابهم رهاب أنهيار جهاز الدولة الطبقي التاريخي الذي عليه أن يحتفظ بمحفوظات تاريخ تداول السلطة التاريخي بين الدكتاتور والثورة والنشيد والمارش ، لكن بشرط أن لاتمس جوهر الطبقة الحاكمة نفسها .

كانت قحت أكثر ثورية من ادعياء الثورية انفسهم حين وضعت على المحك مطلب الجيش المهني لاجيش البيزنس والتجارة ، فكان الإنقلاب وكانت هذه الحرب .

ومع ذلك لا احد يجرؤ على القول أن (الكوز ) في الابريق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى