رأي

خليفة كشيب يكتب: “البلاء نزل”… مقاربات في تحرير مليط بشمال دارفور

 

وبعد عام هزم فيه الكلاش الدبابة وانتصرت فيه الربابة على الموسيقى العسكرية، والرجال على الأبواق والبازنقر، فإننا نقول إن النهاية سوف تكون حزينة للدولة العميقة التي احتكرت كل مداخل الحياة ومؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية.  

في الذكرى الأولى لإنطلاقة ثورة الخامس عشر من أبريل للعام 2023م ، وقف اللواء “جدو أبو نشوك ” قائد قطاع الدعم السريع بشمال دارفور شماخًا أمام رتل من سيارات الدفع الرباعي والجنود والتي وصلت لإسناد قواته في حصارها لتحرير مدينة الفاشر من الأوباش وجلاديهم. قال “أبو نشوك” بصوت الواثقين إن هذا المتحرك يسمى “البلاء نزل” وهي دلالة على تعظيم وقوة المتحرك في دك معاقل البازنقر والفلول. حديث القائد “أبو نشوك” ارتبط بمدى تأثير الانتصارات الكبيرة التي حققها الأشاوس في أهم المحاور بتحرير مدينة مليط من أيادي الحركات المسلحة تحت قيادة الرجل الصامد اللواء “علي يعقوب جبريل”. عدة دلالات في حديث “أبو نشوك” يرسلها لقادة الفصائل والفلول في داخل الفاشر وكأن به يقول:

 “أنا ابن جلا وطلاع الثنايا

متى أضع العمامة تعرفوني”.

“جدو أبو نشوك” الذي ظل صامدًا عشرة شهور في واجهة النيران، وتحمل كل أساليب الجبن والخيانة من قبل الحركات المسلحة في الفاشر، قد وصل لقناعة أن هؤلاء لا خيار أمام قواته غير مسحهم من خارطة الوجود المسلح في دارفور. وما أشبه تحرير الفاشر بتحرير “الحجاج بن يوسف الثقفي” لمدينة الكوفة عندما أعتلى منبرها متوعدًا أهل العراق بالقول “أني لأرى رؤوسًا قد أينعت وحان قطفها وإني لصاحبها”. 

في ذات اليوم الذي استقبلت فيه قطاع شمال دارفور تعزيزات عسكرية، تمكن محور الصحراء الشمالي من القضاء على بقايا الحركات المسلحة في مدينة مليط والتي تعد من أكبر محليات شمال دارفور وتبعد من حاضرتها الفاشر 65 كيلو متر. وبتحرير مليط ذات البعد الاستراتيجي من ناحية عسكرية، سيتم إغلاق منافذ الدخول والخروج لمدينة الفاشر من الناحية الشمالية والسيطرة الكاملة على الصحراء وفتح خط العبور التجاري إلى ليبيا. وبالتالي فإن قوات الدعم السريع قد نجحت بنسبة كبيرة في إغلاق أكبر منفذ اقتصادي للحركات المسلحة، وذلك عبر استغلال الميناء البري لمدينة مليط الحدودية. ومليط لم تكن ذات أهمية اقتصادية فحسب، بل تمثل – في بعدها الاجتماعي- حضانة لقبيلة البرتي والزيادية، وهو ما يعتبر مدخلًا لتشكيل واقع جديد بعد تهديد وجود تلك المجموعات من قبل الحركات المسلحة. 

في ذات اليوم المتمم لسنة منذ اندلاع الحرب وفي ظل الهضربات الكلامية التي تبثها ما يسمى بقوات الكفاح المسلح انتهت أول تجربة عسكرية لهم بهزيمة نكراء كان قوامها تمكين الدعم السريع بالعتاد العسكري لإكمال تحرير الفاشر، وماهي إلا أيام لن تدوم طويلًا للقضاء على كل من اتخذ من موقف الحياد وفك الحياد مدخل للتكسب وحصاد اقتصادي للحرب في ظل الضعف البائن لقوات الفلول وجيشها المنهار. 

 في ظل هذه الأحداث ظهر الرجل العاهة على دارفور “منى اركو مناوي”  ليقول لنا أن الحرب على الفاشر سوف تكون ذات طابع أهلي على دارفور، وكأن بقواته المهزومة في ضواحي الفاو وسنار ومناطق المعاقيل بشندي ذهبت لحماية الحرب الأهلية من الوقوع في تلك المناطق! إن الخطوة التي اتخذتها يا مناوي سوف تنهي أحلامك أيها الرجل الشقي وإلى ما لا نهاية، طالما أن المكاسب والمناصب هي سمة أساسية لك منذُ عهدك الأول بتحرير السودان وصولا إلى موقفك المخذي من حرب أبريل 2023م. 

 وبعد عام هزم فيه الكلاش الدبابة وانتصرت فيه الربابة على الموسيقى العسكرية، وانتصر فيه الرجال على الأبواق والبازنقر، فإننا نقول إن النهاية سوف تكون حزينة للدولة العميقة التي احتكرت كل مداخل الحياة ومؤسساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية.  

وسوف يكتب التاريخ أن أشبال في العقد الأول من عمرهم قادوا مغامرة تاريخية ضد منظومة عمرها مائة عام، وسوف يذكرهم التاريخ المكتوب بالدم إنهم هزموا دولة الشر والسيطرة في كل محاولاتها للنيل منهم. سوف تشرق الشمس قريبًا لأبناء وبنات الشعب السوداني وذلك بتأسيس جيش واحد مهني يتساوى فيه الجميع، فطالما لم يأت بقوة المنطق سوف يأتي بفوهة البندقية على بأيدي الأشاوس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى