الجماهير- رويترز
10 أبريل 2024، قال مصدر كبير بالجيش لرويترز إنه بعد مرور عام على الحرب الأهلية في السودان ساعدت “طائرات مسيرة” إيرانية الصنع الجيش على قلب مجرى الصراع، وأوقفت تقدم قوات الدعم السريع المنافسة واستعادت الأراضي المحيطة بالعاصمة.
وقالت ستة مصادر إيرانية، ومسؤولون إقليميون ودبلوماسيون -طلبوا من المصدر العسكري عدم الكشف عن هويتهم- لرويترز، إن الجيش حصل على طائرات بدون طيار “مُسيرات” إيرانية الصنع خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقال السكان، إن القوات المسلحة السودانية استخدمت بعض الطائرات بدون طيار القديمة في الأشهر الأولى من الحرب، إلى جانب بطاريات المدفعية والطائرات المقاتلة. لكنها لم تحقق نجاحًا يذكر في القضاء علي مقاتلي قوات الدعم السريع الموجودين في أحياء العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
وفي يناير الماضي، بدأت الطائرات المسيرة أكثر فاعلية في العمل من قاعدة وادي سيدنا التابعة للجيش شمال الخرطوم، وفقًا لخمسة شهود عيان يعيشون في المنطقة.
وذكروا، أن الطائرات بدون طيار تراقب على ما يبدو تحركات قوات الدعم السريع وتستهدف مواقعها وتحدد الضربات المدفعية في أم درمان.
وقال محمد عثمان، البالغ من العمر 59 عامًا، وهو من سكان حي الثورة- أم درمان: “في الأسابيع الأخيرة، بدأ الجيش في استخدام طائرات مسيرة دقيقة في العمليات العسكرية، مما سمح للجيش بنشر قوات على الأرض”.
لم يتم الإبلاغ عن مدى وطريقة نشر الجيش للطائرات المسيرة الإيرانية في أم درمان ومناطق أخرى من قبل. ولكن ذكرت “بلومبرج” ووسائل الإعلام السودانية وجود طائرات إيرانية بدون طيار في البلاد.
ونفى مصدر كبير بالجيش السوداني أن تكون الطائرات بدون طيار الإيرانية الصنع جاءت مباشرة من إيران، وامتنع عن ذكر كيفية شرائها أو عدد الطائرات التي تلقاها الجيش. وأضاف، أن الجيش السوداني طور أيضا طائرات إيرانية بدون طيار كانت تنتج في السابق في إطار برامج عسكرية مشتركة قبل أن يقطع البلدان العلاقات في عام 2016، دون إعطاء تفاصيل. ولم تتمكن رويترز من تحديد تفاصيل عن الطائرات بدون طيار بشكل مستقل.
وردا على سؤال حول الطائرات الإيرانية بدون طيار، قال القائم بأعمال وزير الخارجية السوداني علي الصادق، الذي زار إيران العام الماضي وهو متحالف مع الجيش، لرويترز: “السودان لم يحصل على أي أسلحة من إيران.”
ولم ترد إدارة الإعلام في الجيش ووزارة الخارجية الإيرانية على طلبات للتعليق.
وقال المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع، إن الجيش تلقى طائرات إيرانية بدون طيار وأسلحة أخرى، مشيرا إلى معلومات استخباراتية مهمة يمتلك بخصوص هذا الشأن.
وذكرت مصادر إيرانية وإقليمية إن دعم طهران للجيش السوداني يهدف إلى تعزيز العلاقات مع الدولة ذات الموقع الاستراتيجي.
يقع السودان على ساحل البحر الأحمر، وهو موقع رئيسي للتنافس بين القوى العالمية، بما في ذلك إيران، مع احتدام الحرب في الشرق الأوسط. من الجانب الآخر من البحر الأحمر، شن الحوثيون اليمنيون، المسلحين جزئيا من قبل إيران، هجمات لدعم حماس في غزة.
ماذا تحصل إيران في المقابل؟ قال دبلوماسي غربي – طلب عدم ذكر اسمه- إن إيران “لديها الآن نقطة انطلاق على البحر الأحمر وعلى الجانب الأفريقي”.
وذكر شاهد عيان أن نجاح الجيش في أم درمان سمح له اعتبارا من فبراير بشن هجمات مماثلة باستخدام طائرات “بدون طيار” ومدفعية وقوات برية في بحري شمال الخرطوم لمحاولة السيطرة على مصفاة الجيلي الرئيسية للنفط.
كان التعاون بين السودان وإيران قويا في عهد الرئيس السابق عمر البشير، إلى أن لجأ إلى خصوم إيران الخليجيون للحصول على الدعم الاقتصادي في أواخر حكمه الذي دام ثلاثة عقود، مما أدى إلى قطع العلاقات مع طهران.
وقال أمين مجذوب، وهو جنرال سوداني سابق، إن السودان صنع أسلحة في السابق بمساعدة إيران، وأعاد استخدام طائرات بدون طيار كانت في حوزته بالفعل لجعلها أكثر فعالية خلال الحرب. ولم يعلق مجذوب على وجه التحديد على مصدر الطائرات بدون طيار التي استخدمت مؤخرا في القتال.
وقال مصدر إقليمي مقرب من حكام إيران الدينيين، إن طائرات “مهاجر” و”أبابيل” الإيرانية بدون طيار، نقلت إلى السودان عدة مرات منذ أواخر العام الماضي بواسطة شركة “قشم فارس الإيرانية للطيران”. تصنع طائرات مهاجر وأبابيل بدون طيار من قبل شركات تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإيرانية، والتي لم ترد على الفور على طلب للتعليق.
تظهر سجلات تتبع الرحلات التي جمعها “ويم زويجننبرغ”، من منظمة السلام الهولندية باكس، وقُدمت لرويترز: إنه في ديسمبر 2023 ويناير 2024، قامت طائرة شحن من طراز (بوينج 747-200) تديرها شركة “قشم فارس للطيران” بست رحلات من إيران إلى بورتسودان، وهي قاعدة مهمة للجيش منذ أن استولت قوات الدعم السريع على مواقع استراتيجية في الخرطوم في الأيام الأولى من الحرب.
لم يتم الإبلاغ عن تواتر هذه الرحلات من قبل. ولم يتم الرد على رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية لشركة قشم فارس للطيران، التي تخضع للعقوبات الأمريكية. ولم تتمكن “رويترز” من تحديد ما إذا كانت التفاصيل المدرجة لشركة الطيران محدثة.
وتظهر صورة قدمتها شركة “بلانيت لابز” للتصوير بالأقمار الصناعية، والتي تحققت رويترز من موقعها وتاريخها، طائرة (بوينج 747) مع جناحيها بما يتفق مع طائرة (747-200) في مطار بورتسودان في ٧/ديسمبر الماضي، وهو أول تاريخ للرحلات الجوية المتعقبة.
أيضًا، ظهرت (مهاجر -6) على المدرج في قاعدة وادي سيدنا، في صورة قمر صناعي أخرى مؤرخة في ٩/ يناير الماضي.
وقالت قوات الدعم السريع إن الجيش يتلقى – مرتين في الأسبوع- شحنات طائرات إيرانية بدون طيار، وأسلحة أخرى من إيران. وقالت لرويترز، إن مخابرات قوات الدعم السريع أظهرت تسليم طائرات مسيرة إيرانية من طراز مهاجر 4 وأبابيل إلى بورتسودان. وأضافت أنها أسقطت العديد من الطائرات بدون طيار في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى.
قد يؤدي الحصول على أسلحة من إيران إلى تعقيد العلاقات بين الجيش السوداني والولايات المتحدة التي تقود حملة للمفاوضات بين الأطراف المتحاربة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة اطلعت على التقارير المتعلقة بالدعم الإيراني للجيش، وأنها تراقب الوضع. وأكد أن: “الولايات المتحدة تعارض التدخل الخارجي لدعم الصراع في السودان، فهو لن يؤدي إلا إلى تفاقم الصراع وإطالة أمده، ويخاطر بزيادة انتشار عدم الاستقرار الإقليمي”.