رأي

سحب المبادرة الإماراتية بشأن الفشقة..  ما الآثار المترتبة على علاقة البلدين؟

 

خبير دبلوماسي يقلل من تأثير سحب المبادرة الإماراتية على راهن ومستقبل العلاقات بين الخرطوم وابوظبي 
استاذ جامعي يدعو إلى توحيد مركز القرار داخل الحكومة، وإنهاء “تطفل” السيادي” علي تنفيذ السياسة الخارجية..!
بروفيسور صلاح الدومة: هنالك تأثير سلبي لسحب مبادرة الإمارات على العلاقات الاماراتية-السودانية
سوء حظ المبادرة الإماراتية انها طرحت في ظل حكومة متعددة مراكز صناعة القرار داخلها…!
أحزاب راديكالية  وقفت وراء الرفض الشعبي للمبادرة، وتفوقت على اللوبي الاماراتي..!

تقرير- سفيان نورين
أثارت الخطوة المفاجئة لدولة الإمارات العربية المتحدة بتراجعها عن مبادرتها لرأب الصدع بين السودان واثيوبيا حول منطقة الفشقة، تساؤلات عديدة بشأن مسار مستقبل العلاقة بين (الخرطوم وابوظبي) وانعكاس ذلك على الأوضاع الداخلية للسودان، في وقت تشهد فيه العلاقة بين البلدين تعزيزا اتعاونهما في عدة مجالات داخلية وخارجية، لاسيما دعم السودان في حل مشاكله الداخلية واعفائه من الديون الخارجية إلى جانب ملف تطبيع علاقته مع اسرأئيل الذي تقوده الإمارات.
تعمق المخاوف:
ما إن  أعلنت أبوظبي “الاثنين” سحب وساطتها، سادت حالة من الارتياح في بعض  الأوساط السياسية والمجتمعية، دون تصريح رسمي من مسؤولي الحكومة الانتقالية، في وقت تعمقت مخاوف البعض من  التأثير السلبي  لسحب تلك المبادرة في طابع العلاقة بين الجانبين.
واخذت العلاقة بين السودان والإمارات منحي جديدا على وقع الإطاحة بنظام الإنقاذ أبريل/نيسان 2019، حيث أكدت الأخيرة في عدة مناسبات حرصها الشديد على علاقتها بالسودان ودعم الفترة الانتقالية لتتخطى التحديات التي تواجهها وضمان استقرارها، كما تعهدت ابان فترة حكم المجلس العسكري بتوفير الدعم المادي والعيني لحاجة الخرطوم من مال ومشتقات بترولية.
مساعدات مشتركة:
وقدمت الإمارات والسعودية حينها، حزمة مساعدات مشتركة للسودان يصل إجمالي مبالغها إلى 3 مليار دولار منها 500 مليون دولار كوديعة في بنك السودان المركزي، إلى جانب 540 الف طن من القمح لتلبية الاحتياجات الغذائية.بيد أن المبادرة الإماراتية التي أعلن عنها مجلس الوزراء السوداني مارس/آذار الماضي، كادت أن توتر العلاقة بين البلدين جراء ماواجهته من ردود أفعال شعبية وحزبية غاضبة، وإعلان أكثر من جهة رفضها التام لهذه المبادرة التى تحتوي بنودها على تقسيم منطقة الفشقة السودانية بين السودان نفسه والإمارات واثيوبيا، بل وتطورت الاحتجاجات إلى حد المطالبة بطرد السفير الإماراتي بالخرطوم.
مباحثات متبادلة:
وشهدت الفترة الانتقالية، زيارات ومباحثات متواصلة بين الخرطوم وابوظبي لعكس متانة العلاقة بينهما وحرص الطرفين على تعزيزها وتطويرها، آخرها في  مارس/ آذار الفائت، بزيارة وفد سوداني رفيع بقيادة وزيرة الخارجية، ضم وزراء الدفاع،و العدل، ونائب رئيس جهاز المخابرات.
ولعبت دولة الإمارات العربية، في سبتمبر/ايلول الماضي، دورا محوريا في تطبيع  السودان علاقته مع تل أبيب، واستضافتها لمحادثات بين رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ومسؤولين أمريكيين واسرائيليين بشأن السلام العربي مع اسرأئيل ورفع اسم  السودان من قائمة الارهاب.
وكان للإمارات، التي بدأت علاقاتها مع السودان مطلع التسعينيات، إبان عهد الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مساهمة كبيرة برعاية اتفاق السلام الذي وقع في عاصمة دولة جنوب السودان، جوبا، بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح المنضوية تحت مكون الجبهة الثورية، ومبادرتها بتوصيل تلك الأطراف إلى توقيع السلام.
شأن سيادي:
الخبير الدبلوماسي، الفريق الركن الرشيد أبو  شامة، قلل من تأثير سحب الإمارات لمبادرتها في راهن ومستقبل العلاقة بين البلدين، وانعكاس ذلك على الأوضاع الداخلية للسودان، والظروف التي يمر بها، لجهة أن الأمر سيادي وطني، خاص بالنسبة للسودان وليس قضية أخرى يمكن تمريرها.
وبحسب ابوشامة في حديثه ل(الجماهير)، أن دولة الإمارات العربية أكبر من أن تعلّق مسار علاقتها بالسودان بسبب رفضه لمبادرتها، قبل أن تعلن عن سحبها، واردف “الإمارات ليست ساذجة وهي أعقل من التأثر بذلك”.
تفاقم الاوضاع:
وأرجأ الخبير الدبلوماسي، ذلك السحب المفاجئ لمبادرة التوسط بين السودان واثيوبيا في حل قضية الفشقة، إلى ما وجدته المبادرة من رفض سوداني غير رسمي والذي قتل المبادرة في مهدها، إلى جانب خوف الإمارات من تفاقم الأوضاع أكثر، جراء حالة الرفض.
ومضى قائلا: “على الإمارات أن تركز جهدها في الدعم الاقتصادي والسياسي لحكومة الفترة الانتقالية، كما تعهدت سابقا بذلك، عوضا عن طرح قضايا ومبادرات تثير حفيظة السودان وشعبه، لاسيما وأن منطقة الفشقة المشار إليها في المبادرة الإماراتية هي منطقة سودانية لا يمكن التنازل عنها.
انعكاسات سلبية:
لكن المحلل السياسي د. صلاح الدومة أكد في حديثه ل(الجماهير)، بأن هنالك تأثير سلبي لسحب دولة الإمارات مبادرتها، التي قدمتها لحل الأزمة الحدودية بين السودان واثيوبيا، في العلاقة مع الخرطوم، إلا أنه قلل من تبعية ذلك التأثير.
ويرى الدومة بأنه من سوء حظ المبادرة الإماراتية أنها طرحت في ظل دولة سودانية متعددة مراكز اتخاذ القرار  ، دون حكومة واحدة تدرس وتتخذ القرارات، مما ساهم في رفض المبادرة من مراكز قوى وتحالفات داخل أجهزة الحكم الانتقالي، تضاربت مع مصالحها، على حد وصفه.
لوبي اماراتي:
إلا أنه  عاد وربط السبب الرئيس لرفض المبادرة الإماراتية وسحبها، بوجود تنازع بين مكونات الحكم الانتقالي، خاصة التحالفات السابقة للنظام البائد والجبهة الثورية، رغم وجود اللوبي الإماراتي، ايصا.
وأشار الدومة الى ان هنالك أحزاب راديكالية صادقة وراء الرفض الشعبي الذي صاحب اعلان المبادرة ، مؤكدا أنها تفوقت على اللوبي الإماراتي، والقوى السياسية التى تربطها مصالح مع دولة الإمارات .
تطفل السيادي:
بروفيسور الدومة دعا إلى توحيد مراكز اتخاذ القرار داخل أجهزة الحكم الانتقالي وإبعاد ما أسماه ب”تطفل” المجلس السيادي الانتقالي، في تنفيذ السياسية الخارجية التي هي  من صميم عمل الجهاز التنفيذي ووزارة الخارجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى