تقرير: أبو أمنية
درجت بعض وسائل الإعلام على تضليل الرأي العام وتغبيش الحقائق، في إطار حملاتها التي تشنها من أجل تحقيق مكاسب سياسية ونصر زائف على حساب حرمان المحتاجين في بعض المناطق من الاستفادة من الخدمات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الأجنبية.
لا يخفى على أحد أن هنالك حملة منظمة، يتم تنفيذها وفق ترتيب محدد وأدوار معلومة وإشراف جهات عليا من أجل زعزعة الأمن في دارفور، وذلك بالتزامن مع مطالبات بقفل معبر أدري الحدودي الذي تمر عبره المساعدات الإنسانية لكل ولايات دارفور. ولا يتأتى ذلك إلا عبر حملات وأخبار مُضللة وتُهم توجه هنا وهناك لتغبيش الحقائق أمام بعض الجهات بما فيها المؤسسات.
هذه الحملات المسعورة تزامنت مع مطالب تقدم بها رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية في حكومة بورتسودان جبريل إبراهيم، في 19 أكتوبر الماضي، دعا فيها حكومة بورتسودان إلى قفل معبر أدري.
في تلك الأثناء؛ جاءت صحيفة “الكرامة” المقربة من قادة القوات المسلحة، والتي يعمل فيها صحفيين بارزين من نظام المؤتمر الوطني المباد؛ بخبر اتهمت فيه صراحة إحدى أهم المنظمات الأجنبية التي تقدم مشاريع كبرى في ولايتي غرب ووسط دارفور، حيث أوردت في صدر صفحتها الأولى أن منظمة “المجلس النرويجي للاجئين” تقوم بتهريب مسيرات وأسلحة لقوات الدعم السريع عبر معبر “أدري” إلى مدينة الجنينة كبرى مدن ولاية غرب دارفور.
وأشار الخبر إلى أن بعض الأسلحة والذخائر مخزنة بمقر الأجهزة الأمنية بمدينة الجنينة.
اللافت للنظر خلال الحرب في السودان، أن صحفيين ينتمون إلى الجبهة الإسلامية وآخرون موالون للجيش ومعهم ناشطون، أصبحوا يوجهون قادة الجيش والطيران الحربي بتنفيذ غارات في مواقع محددة تسبقها معلومات مضللة، ودونكم ما تم تداوله بشأن مدينة الجنينة، حيث نشر هؤلاء الصحفيين خبرًا كاذبًا زعموا فيه أن طائرة تتبع للدعم السريع تحطمت في مطار عاصمة غرب دارفور، وسرعان ما شن طيران الجيش غارات جوية على المطار في الجنينة.
من جانبه، سارع المجلس النرويجي للاجئين “NRC” إلى نفي مزاعم تورطه في تهريب أسلحة لأحد طرفي النزاع في السودان، ودعا أصحاب المصلحة إلى احترام الدور الحيوي للمنظمات الإنسانية والامتناع عن نشر المعلومات المضللة التي قد تعرض سلامة عمال الإغاثة للخطر.
وقال المجلس النرويجي للاجئين، في بيان اطلعت عليه «صحيفة الجماهير»، الأسبوع الماضي، أنه ينفي نفيًا قاطعًا التقرير المفبرك الذي تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وزعم تورط المنظمة في تهريب أسلحة أو دعم أحد أطراف النزاع في دارفور.
وأضاف، أن “هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة تعرض حياة زملائنا في المجال الإنساني الذين يعملون في إحدى البيئات الأكثر تحديا في السودان للخطر”.
وأكد البيان التزام “المجلس النرويجي للاجئين” الصارم بالمبادئ الإنسانية المتمثلة في الحياد والاستقلالية وعدم التحيز، وأن مهمته الوحيدة “تقديم المساعدات المنقذة لحياة الملايين الذين يواجهون احتياجات عاجلة وغير مسبوقة وسط الأزمة الحالية”.
وكشف البيان عن تقديم المجلس احتجاجًا رسميًا ضد الوسيلة الإعلامية، بشأن “الافتراءات” التي تروج لها. مشيرًا في الوقت نفسه، إلى أنهم يدرسون جميع الخيارات لحماية سمعتهم وسمعة موظفيهم، بما في ذلك اتخاذ إجراءات قانونية.
وتعتبر منظمة “المجلس النرويجي للاجئين”، إحدى أهم المنظمات التي قدمت مشاريع ضخمة في ولاية غرب دارفور، منها صيانة طريق (أدري – الجنينة) وطوله 28 كلم لتسهيل عبور المساعدات الإنسانية التي تأتي عبر مدينة أدري الحدودية.
كذلك، نفذت المنظمة مشروع دعم المخابز الذي بدأ قبل شهرين في مدن “الجنينة وسربا وكرينك” بولاية غرب دارفور، ويمتد لأربعة أشهر. وساهم المشروع في تخفيض أسعار الخبز إلى (50%)، حيث أصبح سعر (10) أرغفة ألف جنيه بدلًا من ألفين.
بجانب ذلك، قامت منظمة “المجلس النرويجي للاجئين” بصيانة سبع مدارس في مدينة الجنينة صيانة كاملة، وتوفير كافة المعينات التعليمية للطلاب من إجلاس وكتاب مدرسي، وتكفلت بحوافز المعلمين في تلك المدارس.
ونفى أحد العاملين في الحقل الإنساني -رفض ذكر اسمه- في حديثه لـ«صحيفة الجماهير»، التهم التي وجهت ضد “المجلس النرويجي للاجئين”، وقال بإنها غير حقيقية. وأفاد بأن المنظمة لا علاقة لها بدخول الشاحنات عبر معبر أدري، وأن كل المشاريع التي تنفذها تتم عبر دفع الاموال النقدية للشركات التي تفوز بعطاءات التنفيذ.
وأشار إلى أن بعض الجهات في بورتسودان، بما فيها مفوضية العون الإنساني، ظلت في الفترة الأخيرة تمارس ضغوطًا مكثفة على المنظمات من أجل منعها من تقديم مشاريع في ولاية غرب دارفور بسبب سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وفي ذات الصعيد علمت «صحيفة الجماهير» أن بعض الجهات الأهلية وقيادات في حكومة غرب دارفور التي تتخذ من بورتسودان مقرًا لها، طالبت مفوض العون الإنساني بوضع المتاريس أمام المنظمات الأجنبية لإثنائها من تقديم المساعدات الإنسانية.
وأشارت المعلومات إلى أن المنظمات الأجنبية لعبت أدوارًا مقدرةً في تقديم المساعدات الغذائية للمجتمعات التي كانت تعاني من شبح المجاعة في عدة مناطق بغرب دارفور، وهذا ما لا يعجب القيادات الأهلية التي تعمل في بورتسودان من أجل زعزعة الاستقرار في ولاية غرب دارفور.