رأي

علي أحمد يكتب: حقيقة ما حدث ويحدث بالكلاكلة !

علي أحمد

لن يرتاح للكيزان ضمير ما لم يفنوا كل الشعب السوداني في سبيل العودة إلى الحكم، فبعد أن دقوا طبول الحرب وأشعلوها وأججوها، أوغلوا وولغوا في الدم السوداني بإثارة النعرات القبلية تارة، وبالدعوة إلى التجنيد تارة أخرى، وبتسليح المواطنين الذي لا يعرفون شيئاً عن أساليب الحرب وتكتيكاتها، ويلقوا بهم في أتون حربٍ لا تبقي ولا تذر.

وبطبيعة الحال، فمن أبجديات الحرب أنّ كل من يحمل سلاحاً، ويقف في الحانب الآخر بصف عدوي، فهو عدوي بالتأكيد، ومن ثم فهو هدف مشروع بالنسبة لي، هذه من بديهيات الحروب.

إنّ ما حدث في (الكلاكلة) القريبة من مدرعات الشجرة، المحاصرة من قبل قوات الدعم السريع، هو أن “كيزان” المدرعات وذراعهم “هيئة العمليات” المحلولة التي أُعيدت إلى العمل بعد اندلاع الحرب، عمدت إلى تسليح بعض المواطنين هناك، وخصوصًا الشباب، لتلقي بهم في أتون حرب (لواحة للبشر)، حرب ليس للمواطن فيها ناقة ولا جمل، لذا عليه أن يلتزم الحياد، أقله في القتال، فمهمة القتال هي من أوجب واجبات الجيش، بل لا وظيفة له سواها، فلماذا يتقاعس عن أدائها ويدفع بالشعب لينوب عنه في حربه، التي أشعلتها قيادته “الكيزانية” من أجل وصولهم إلى السلطة!

ونتيجة للتحريض المستمر والدعاية الحربية الكاذبة والمضللة، حمل بعض مواطني (الكلاكلة – القبة) السلاح بدعوة صريحة من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وبتنفيذ من المليشيا الكيزانية المتمركزة بسلاح المدرعات، فماذا حدث؟

ذابت هيئة العمليات والجيش والكيزان كفص ملح من المنطقة والمناطق محيط بها، وتركوا المواطنين المتحمسين ممن تم تسليحهم بالأسلحة للمواجهة بدلًا عنهم في خطوط القتال. ووجد الشباب المسلح أنفسهم وحيدين، فوجهوا نداء استغاثة للقوات المسلحة ولهيئة العمليات الموجودة داخل سلاح المدرعات، وكالعادة لم يستجب لهم أحدا، وتم تجاهل نداءاتهم (بنجاح)، وهذه عادة “كيزانية” قديمة لا تتبدل ولا تتحول.

اًضطروا بعدها للهرب إلى داخل الحي، بينما تطاردهم مفارز مسلحة من قوات الدعم السريع، تبحث عن حاملي السلاح، وتفتش الشوارع والمنازل، فيما أًصاب المواطنين الذين كانوا آمنين حتى حل بينهم الكيزان يمشون بالفتن والتحريض والأكاذيب، الذعر والذي وصل بهم حد أن بعضهم استغل (المراكب) للعبور إلى ضفة النهر الأخرى نجاة بأنفسهم من شر ما فعل بهم الكيزان وبعض أبناء جلدتهم المتحمسين – ربما – أو المخدوعين غالباً.

إنّ من يتحمل مسؤولية ما يحدث من قتل وعنف وترويع للمواطنين في الكلاكلة القبة هي قيادة الجيش، خصوصاً تلك المختبئة في سلاح المدرعات، لأنها من سلحت المواطنين وحرضتهم فيما سمته بالاستنفار الشعبي لمواجهة (تمرد) قوات الدعم السريع، ثم وضعت الفئة القليلة التي استجابت لها أمام الموت وانسحبت عنها مولية الدُبر.

أهل الكلاكلات جميعاً، مواطنين كرماء فضلاء ومسالمين، لكن عليهم أن ينبذوا هذه الفئة (الكيزانية) القليلة منهم، التي تعمل على جعلهم وقودا لحرب لا دخل لهم بها، وليسوا هم من حرضوا عليها ولا من أشعلوها. ثم لماذا يقومون وهم غير مدربين بما يكفي لخوض أصعب أنواع الحروب (حرب المدن والشوارع) ضد قوات متخصصة فيها كقوات الدعم السريع، بينما الجيش يختبئ بين أسوار المدرعات الحصينة يطلب منهم فك الحصار عنه، يا للعار !

ليس من الشيم ولا القيم ولا مكارم الأخلاق ولا النبل ولا الشجاعة ولا صحو الضمير، أن تدفع قيادة الجيش المواطنين إلى الموت بعد أن عجزت عن حمايتهم، لذلك على أهل السودان عموماً والخرطوم خصوصاً والكلاكلات بشكل أخص، أن يلتزموا جانب الحياد، وأن يتبرؤوا من المسلحين والكيزان الذين يختبئون بينهم، حتى يعودوا آمنين لو نسبياً في منازلهم، كما كانوا قبل (الاستنفار) الذي أوردهم المهالك.

إن أكبر كذبة مورست في هذه الحرب هي دعوة (الاستنفار)، وهي دعوة “كيزانية” واضحة وخبيثة لتوريط (المدنيين) عمومًا، والشباب الثوري خصوصًا، والتخلص منهم بقتلهم في هذه الحرب، والوصول عبر جثثهم إلى الحكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ