رأي

علي أحمد يكتب: ليت أباه لم يحلم!

علي أحمد

رحم الله الحاج/ “البرهان عبد الرحمن البرهان” الذي رأى في المنام ذات ليلة ليلاء بأن ابنه “عبد الفتاح” سيصبح حاكمًا على السودان، وهو الحلم الذي صار بعد ذلك هاجسًا للابن الضال يُصبح عليه ثم يُمسي، وأدخلنا في سبيل تحقيق حلم والده في فتنة كقطع الليل المظلم أحالت نهارنا ليلًا مدلهمًا.
قرأ علينا بالأمس “الحالم ابن الحلمان” خطابه الذي وجهه للأمة السودانية من ملجئه في (بورت كيزان)، بمناسبة عيد الفطر المبارك، والذي أعلن فيه عن لاءاته الثلاث: (لا عودة لما قبل 15/ أبريل 2023م، لا عودة لما قبل 25/ أكتوبر 2021م، ولا عودة لما قبل أبريل 2019). ولم يخل خطابه -كعادته- من بعض الفواصل الكوميدية، حيث أخطأ في تاريخ انقلابه فأخرّه عام كام، إذ قال (لا عودة لما قبل 25 أكتوبر 2022)، فكيف بالله عليكم لفوضوي و”سبهللي” لا يتذكر حتى تاريخ انقلابه أن يحلم بالحكم؟! كاشفًا بلاءاته الثلاث عن ثلاثة لاءات أُخر عنه، وهي أنه؛ لا هو راشد، ولا هو متزن، ولا هو سيحكم، حتى لو كان من حلم بتوليه الحكم هو الإمام “مالك بن أنس”!

ولكن لا بأس، فالأحلام مجانية كما يقولون، ودعونا نفكك معًا لاءات اللاعودة البرهانية. ويبدو أن الرجل يريد أن يرسل رسالة للجميع، للداخل والخارج، ولحلفائه من الانتهازيين والمرتزقة.. رسالة مفادها أنه يخطط للحكم منفردًا وتأسيس (الحقبة البرهانية): وبرأيي فإن”لا للعودة لما قبل 15/ أبريل” موجهة لقوات الدعم السريع، وتعني أنه لا عودة للوضع الذي كان قائمًا بينهما، والذي أنتجه انقلاب العام 2021م. ولاءه الثانية – التي تقضي بعدم العودة لما قبل 25/ أكتوبر 2021م- فهي موجهة لكل القوى الوطنية الديمقراطية، الشبابية والسياسية والمدنية، مسح فيها كل الفترة الممتدة من انقلابه على السلطة المدنية، مرورًا بتاريخ سقوط المعزول وحتى ديسمبر 2018م تاريخ انطلاق الثورة الشعبية الظافرة. وبالتالي لا عودة لأي اتفاق مع القوى السياسية (الحرية والتغيير) ولا فترة انتقالية، ولا ثورة، ولا حكومة ثورة، ولا تحول ديمقراطي، ولا تضحيات ولا اعتصامات، ولا جريمة ولا مذبحة، ولا شهداء، ولا هم ميتون، ولا نحن يجب علينا أن نحزن أو نحلم!
وبالطبع هذا يعني إلغاء ما نتج عن تلك الفترة من اتفاقيات، ومنها (اتفاق جوبا) مع الحركات المسلحة – الملغي عمليًا بالانقلاب- مكتفيًا بالحركات التي وقفت معه في انقلابه وحربه، ووفقًا لوضعها الحالي كمجموعة من المأجورين والمرتزقة.
ولأنه كذاب أشر، كان لا بد له من إضافة لاءًا ثالثة: “لا عودة إلى ما قبل أبريل 2019″، أي لا رجعة إلى ما كانت عليه الأوضاع من تاريخ سقوط نظام الكيزان إلى تاريخ انقلابهم في يونيو 1989‪م، وكأنه لم يعود بنا إلى ذلك التاريخ المشؤوم، وكأن من أشعل الحرب معهم ليس هم الكيزان! على من هذا الهَبل يا برهان؟ على فرعون يا هامان؟

لقد عدت أيها (الأخرق) منذ أن سمحت لهم بإطلاق الرصاصة الأولى في المدينة الرياضية على قوات الدعم السريع، بل منذ انقلابك الذي سقط تاريخه من ذاكرتك الخرِبة (أكتوبر، 2021)، وأعدت فيه اللصوص الفاسدين والمجرمين الدمويين، لقد أعدت الكيزان إلى الحكم بل أعدت الأوضاع إلى ما هو أسوأ مما كانت عليه قبل أبريل 2019م، لقد أشعلت الحرب وهربت منها وتركت المواطنين يواجهون مصيرهم وحدهم. لقد تخليت عنهم بعد أن وضعتهم في الجحيم، لقد شردتهم في الآفاق بجبنك وخوارك وضعف عزيمتك وترددك وبلاهتك وشبقك السلطوي وطموحك الشخصي الأناني المريض. وشخصٌ بهذه الصفات والمواصفات المتدنية وهذه السوية الأخلاقية والوطنية المنحطة لن يحكم أبدًا، ولن تحكم، وآن لك أن تعلم بأن أغلب الأحلام كوابيس!
ليت الحاج البرهان عبد الرحمن لم يحلم بابنه عبد الفتاح، وليت أمه لم تلده.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى