رأي

كتب أسامة حسن: الجمهورية الثانية

أسامة حسن
منذ الاستقلال الذي ناله السودان في العام 1965 وبعد مرور سبعة وستين عام لا تزال الدولة غارقة في بحر التمييز ولم تخرج من عباءة القبلية والجهوية والعنصرية وفشلت كل المبادرات الداخلية والخارجية في توحيد السودانيين لتأسيس دولتهم بأسس ورؤية جديدة وتعديل الاختلال الصاحب تأسيس الجمهورية الاولي التي استئثرت فيه نخبة قليلة علي مقاليد السلطة والثروة وراس المال وفصلت بمزاجها الخاص الثقافة والملامح التي تعبر عن دولة ٥٦ من حيث العادات والتقاليد والاعراف التي تعبر عن مجموعات وجغرافيات مقابل التهميش والاقصاء والتجاهل لأغلبية ساحقة من الوان الطيف السوداني بعاداتهم وتقاليدهم وارثهم وموروثهم هذا الاقصاء اعطي انطباع ان الدولة طبقية والمجتمعات عندها مراتب والعرق واللون يحدد موقعك اين تكون من الدولة لو رجعنا للتاريخ اول من تضررو من هذا المشروع المفخخ هم الجنوبيين الذين سرعان ما تمردو في بواكير الاستقلال بسبب النظرة الاستعلائية من الذين تقلدو السلطة من المستعمر وقتها فكانت نظرتهم لشعب الجنوب حينها نظرة دونية وسخرت الحكومة حينذاك كل الياتها وسلطاتها لتثبيت الرؤية الاستعمارية التي جعلت من تلك النخبة وكيلة للمستعمر يعاونونهم في ادارة الحكم الاستعماري وسارت علي منوال خط الاستعمار فعمدت علي اذلال الاطراف والسير في مشروع المناطق المقفولة الذي يعني التجهيل والتهميش ومع بداية بروز منارات الوعي والاستنارة طالبت المجموعات المستضعفة بحقها ونصيبها من المشاركة في ادارة البلاد وضمان التوزيع العادل لثروات البلد قوبلت مطالبات مجموعات الوعي والصحوة بقمع النخبة المركزية وجيشها النظامي مستخدمة كل جهودها لحسم ما اسمتهم بمجموعات المتمردين فبطشت بهم وقتلتهم ونكلت بهم انتهي المطاف بهذه العمليات البربرية بفصل الجنوب وبروز حركات الكفاح المسلح في دارفور وكردفان والنيل الازرق وكفاح البجا في شرق السودان وافتعال الصراعات العرقية بشكل متعمد كل هذه المجموعات المطلبية والثورية نشئت بسبب سياسة التمييز المنتهجة من قبل الاقلية الحاكمة
وتأسيساً لم سبق ومع الاختلال الباين ومع الظرف المفصلي والتاريخي الذي تعيشه البلاد بسبب حرب ١٥ ابريل بين القوات المسلحة وحلفائها من النظام القديم وقوات الدعم السريع برز الصوت القوي للدولة القديمة متخذة من هذا الصراع منصة لإستخدام الياتها التاريخية من احتقار وتعالي ومحاولة تجريد مجتمعات اصيلة ولها جذور وطيدة ومساهمات قبل الاستقلال وبعد الاستقلال بوصفهم بصفات درجت النخبة الحاكمة وصفها لمن يختلف معهم في منهجية الحكم حيث اصبحت كلمات علي شاكلة مرتزقة وجنجويد ومتمردين نسمعها في اذاننا يومياً ويستخدمها مناصري الجيش وحلفائه لوصف قوات الدعم السريع هذا التوصيف امتداد للدولة القديمة التي درجت علي وصف من يخالفونها في الرأي وهو توصيف ثقافي اجتماعي بحت يجسد للإزدراء الصارخ والتعالي الكاذب وهذا اس الازمة وجوهر الاختلال وهنا تكمن طبيعة الصراع التاريخي هذا الاسلوب يجب ان يحارب ويكافح وان يحاصر وان تظهر المجموعات المقاومة لعنصرة الدولة وتقسيمها وتجابه هذا الاتجاه والا سوف تنجح مخططات النخبة ويبقي الوطن في كف عفريت وما اقرب هذا اليوم قياساً لما نشاهده من تسارع لوتيرة الاحداث وتنامي خطابات التقسيم وبروز النزعة الانفصالية تحت مسميات البحر والنهر وقس علي ذلك الكثير وبالعودة لعنوان مقالي الجمهورية الثانية التي اعني بها تأسيس دولة مدنية ديمقراطية بأسس ونظم دستورية توافقية عبر حل سياسي شامل بمشاركة كل القوي السياسية والمدنية والاهلية والمطلبية والمجتمعية يحدد فيه طبيعة حكم البلاد ويتساوي الجميع في الحقوق والواجبات وتكون المواطنة اساس الانتماء دون تمييز الناس جهوياً او عرقياً او طائفياً ويكون القانون هو الفيصل في حل النزاعات هذا يتطلب اولاً ايقاف الصراع الدائر الان والشروع في وقف اطلاق نار دائم ومن ثم تكوين جيش الجمهورية الجديدة من الجيوش السودانية المتعددة وتكوين مؤسسات مدنية قومية تكون الكفاءة معيار الاختيار وتكون السلطة للشعب والقوة للشعب وهذا هو المنهج الصحيح لإدارة السودان المتنوع المتعدد الاعراق وان لم يتحقق هذا فأكيد سيتشرزم سوداننا لدويلات وستطل قضية الصراع العرقي بشكل كبير وانني اري ذلك قريباً فهيا نلحق الوطن ونؤسس لجمهوريتنا الثانية دولة العدالة الاجتماعية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ