رأي

علي جاد الله يكتب: أشباح «بيضة أم كلعلع»

كتب صديقنا أحمد الشريف «أمادو» وهو من الجيل الثاني في “حركة القوى الديمقراطية الجديدة- حق”؛ على صفحته بمنصة فيسبوك، قبل أيام، منشورًا حظي بمشاركات واسعة؛ تفوق 140 مشاركة، ومعنون بـ(بيضة أم كلعلع) -سأترك رابط منشوره في آخر الكتابة. وغاية المقال يريد بها تطمين البلابسة بعلف “وخيم: حشو” بإمكانية انشقاق الدعم السريع على أساس قبلي!.

لم يكلف أمادو نفسه، بسؤال: لماذا لم ينجح الشيخ موسى هلال -وهو رجل له قبيلة ومؤيدين وقوات- في إحداث انشقاق داخل الدعم السريع بعد إعلان تأييده القوات المسلحة والإسلاميين؟ ولماذا انضمت تمازج وقيادات بجيشها من الحركات المسلحة، فضلا عن تأييد الزعامات القبلية في دارفور وكردفان والوسط، وتوصية أبناءها بالانضمام للدعم السريع؟

حسنا، أمادو، يهتم بإقناع السوقة، ولا يهتم أو يفكر في حجج موضوعية، وتلك صفة اكتسبها أغلب “ركّانة” الجامعات السودانية. الأسئلة التي طرحتها إجابتها واحدة، وهي أن الدعم السريع، يمثل امتدادًا لثورة ديسمبر التي كان جزءًا منها منذ بدايتها. وأذكر، خطاب حميدتي في طيبة أمام جنوده في بث مباشر تم قطعه في أواخر شهر ديسمبر 2018م عن الفساد، وحديثه بالتزامن مع بداية المظاهرات. فضلا عن مساهمة الدعم السريع الحاسمة في اعتقال البشير، وقطعها الطريق عشرات المرات لعودة النظام البائد. 

لماذا يكرهون الدعم السريع لهذه الدرجة، وكانوا يطالبون مرارا بخروجهم من الخرطوم؟!

كنت في اعتصام القيادة منذ الأيام الأولى، وحتى آخر يوم فيه. منذ بدايته، لاحظت كيف يتعامل أبناء الخرطوم “امتيازات 56” مع قوات الدعم السريع، مقارنة بنظرائهم من القوات المسلحة! بل عملوا منذ البداية على تغييب دورهم  بإزاحة لافتة (حميدتي الراجل الضكران الخوف الكيزان) من النفق. هذه العبارة البسيطة، تؤكد على أن من بادروا بها هم من المهمشين الشجعان الذين يمثلون الطاقة المشتعلة للمليونيات، التي سرق تضحياتها أبناء الأفندية. 

وعندما بدأت الحرب، كان أغلب مستفيدين (دولة 56) شعروا بإرهاصات قدومها، وكانوا على يقين بأن  جيش الإسلامين، قادر على إزالة مهدد مصالحهم ولو بتكلفة قادرين على دفعها. رغم تحذيرات مناوي لم يعوا الدرس، فقد  قال لهم في لقاء تليفزيوني: “لا يريد رؤية معسكرات نازحين في العيلفون والبطانة”! حتى قاطعته المذيعة مزعورة خشية من بث الخوف في مجتمع الأفندية. ومناوي رجل معروف بأنه تاجر حرب، كما قال “شوية مع دول شوية مع دول”، وقواته موجودة في سوق المزاد الارتزاقي، لمن يدفع. و قبلها كان عاملًا في ليبيا وجنوب السودان وتشاد. 

نعيد السؤال بصيغة أخرى؛ لماذا هناك انضمام للدعم السريع وتحشيد اجتماعي؟

الإجابة بسيطة وفي المتناول، وهي أن الدعم السريع أصبح رأس الرمح في ثورة ديسمبر التي تم تتويجها بالانتصارات التي حققها بعد 15 أبريل. وكونه ثورة، انخرط في صفوفه حوالي (2) مليون مقاتل بفضلهم سيطر على 75% من مساحة السودان، بل الكثافة السكانية في المناطق التي يسيطرون عليها. 

وبالتالي، لا يمكن أن تنشق الثورة، التي تجاوزت القبيلة والجهة واضعة إنجاز جمهورية ثانية على أسس جديدة نصب أعينها، وأن أي تراجع يعود بإنتقام من قبل الأفندية، الذين رأينا كيف يعاملون الأسرى والمعتقلين من المجتمعات التي أيد أغلبها الدعم السريع. 

اليوم، السودان مقسم إلى فئتين: فئة تريد تأسيس جمهورية ثانية على أسس المساواة والعدالة، وفئة مرتدة محافظة على دولة الظلم. هذا التقسيم ليس له أي بعد قبلي أو طائفي أو جهوي، بل قائم على جدل الظالم والمظلوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى