رأي

علي جاد الله يكتب: حول أسباب هزائم جيش البرهان في شمال كردفان 

 حول أسباب هزائم جيش البرهان في شمال كردفان 

(تحليل)

لقد تحدثتُ عن هزائم كبيرة تعرضت لها القوات المسلحة، سواء المتحرك القادم من تندلتي أو المتوجه إلى جبال كردفان ومن ثم إلى الرهد؛ وفي الغالب الغرض هو استعادة أم روابة وربط الثلاث فرق: فرقة أبو جبيهة و كوستي والأبيض، وربما تحرك متحرك من فرقة كادقلي ولواء الدلنج للسيطرة على جنوب كردفان والجزء الجنوبي من شمال كردفان.

من الناحية النظرية، هذا ما يفترض أن يحدث للسيطرة على المدن المهمة، أم روابة والرهد والأبيض وبارا. لكن؛ ( العين بصيرة والأيد قصيرة).

ما الخطأ الذي ارتكبته هذه القوات لتهزم هذه الهزيمة التي يمكن وصفها بالإبادة، هزيمة تعيد ذاكرة معركة غابة شيكان التي أبيد فيها جيش حملة هكس باشا؟

يمكن صياغة الأخطاء في التالي:

١- عدم تجانس وتأهيل القوة؛ متحرك تندلتي، حسب المعلومات تحرك بقوة تعدادها ألف عنصر، ربما يصل تعداد سياراتها ما بين 80- 100 سيارة، تعتبر حركتها مكشوفة، وقوة غير متجانسة بسبب وجود عناصر غير مدربة من بالإضافة للمستنفرين.

٢- بطء الحركة؛ واحدة من أهم سمات الحرب الحالية هي السرعة والمباغتة في الهجوم، فقوات الدعم السريع المهاجمة سريعة وخفيفة تستغل الدراجات النارية، فضلا عن معرفة القوة بالمنطقة وتدربها على خوض المعارك، خاصة وأن أغلبهم قادم من مناطق نزاعات أهلية.

٣- توقع الهزيمة، هذه القوات منذ تحركها تتوقع الهزيمة بسبب سوابق المعارك، فمنذ بداية الحرب لم تحقق القوات المسلحة أي انتصار في أي معركة. وبالتالي ثمة شعور مسيطر على عناصر القوة بالاستسلام والنجاة كأسرى.

٤- الحرب خارج الميدان؛ لكل قوات عسكرية عناصر قوة وضعف، ومن أهم نقاط قوة القوات المسلحة قدرتها على التحصينات والتخندق ومقاومة الحصار، نتيجة لتجربة الحرب في جنوب السودان، باعتبارها حرب خطوط دفاع وتحصينات. عكس قوات الدعم السريع التي تأسست على خوض الحروب البرية في المناطق المفتوحة التي تعتمد على الهجوم المباغت السريع والعنيف. يمكن أن نسميها (حرب الجواميس)،  نموذج لها في معركة شرق الجيلي قبل أكثر من أسبوعين حيث اشتبكت قوة من الدعم لا تتجاوز (70) سيارة، مع متحرك يضم عددًا من الحركات المسلحة وعدد من كتائب القوات المسلحة وجهاز المخابرات ومستنفرين بحوالي (200) سيارة، انتصرت فيها قوات الدعم السريع وشتت القوة التي عاد أغلبها إلى شندي. الانتصار ليس بالعدد الأكبر، بل يظل ممكنًا عبر استراتيجيات القتال وخبرة القوات وثباتها في (حرب الجواميس) التي تختلط في القوات وتتصادم فيها السيارات القتالية، بصورة شبيهة بحرب فرسان الخيالة. 

٥- الدوافع القتالية أو العقيدة القتالية؛ ربما معظم عناصر القوات المسلحة لم يختاروا طوعًا الانخراط في المتحرك، وعلى الأرجح كانوا تحت ضغط الأوامر العسكرية. بينما عناصر قوات الدعم السريع جميعهم مشاركين بصورة طوعية ونصفهم يستغل دراجات نارية يملكها، وهناك عامل مهم وهو ارتباط القوات اجتماعيا، ربما نصفهم ينحدر من مناطق مشتركة.

٦- خطأ خطة ربط الفرق أو السيطرة على طريق: كوستي- أم روابة – الأبيض؛ من الغباء أن تتحول قوات معزولة من الدفاع إلى الهجوم بإمداد وعتاد محدود. إن خروج قوات من الأبيض وهزيمتها بصورة أقرب للإبادة أدى إلى إضعاف القوات المتحصنة في المدينة نفسيًا وعدديًا ولوجستيًا، خاصة أن هذه الهزيمة جاءت بعد موكب احتفالي داخل المدينة يتقدمه هجانة على الجمال!

٧- قوات المتحركين، محور الأبيض وتندلتي ضعيفين؛ وللتدليل على ذلك، أن قوات الدعم التي تصدت للمتحركين من القوات المحلية- قطاع كردفان، وفي الوقت الراهن يعد هذا القطاع غير مدعوم بصورة كافية لتركيز الدعم على محور دارفور خاصة الفاشر التي حشد لها الدعم قوات كبيرة، كان يفترض أن يتوجه نصفها إلى بابنوسة والأبيض. لذلك ربما استعجل قادة القوات المسلحة التحرك قبل تحرك قوات الدعم المسمية (بالطوفان) نحو غرب وشمال كردفان. لذلك، فأن قدرة القوات المحلية على أحداث هذه الهزائم رغم وجود تغطية بطيران الانتنوف دليل على هشاشة قوات الهجانة وفرقة كوستي.

٨- ربما هناك خلاف بين قادة القوات المسلحة خاصة كباشي وياسر العطا حول كيفية إدارة المعارك وتجهيز القوات، لذلك أرى أن هناك شحًا في تسخير العتاد للمحور الذي يديره كباشي، إذا صح أن هناك خلافًا أو شحًا في التمويل.

أخيرا، معارك اليوم يراقبها ويتابعها مراقبون في الداخل والخارج يحددون موقفهم من إدارة الحرب، لأن من يديرها من جنرالات القوات المسلحة يدفعون الجنود إلى مجازر مهلكة. وهم بذلك قدموا لبقية القوات سببًا كافيًا للهرب بعيدًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى