رأي

كتب علي أحمد .. برهان والأربعين حرامي!

بقلم: علي أحمد

أحرص منذ فترة، حتى قبل الحرب، على مشاهدة فرقة (الخُبراء الاستراتيجيين) من باب التسلية والضحك، ومُتابعة عروضهم الفكاهية التي يقدمونها على شاشات الفضائيات، وخصوصًا على مسرح قناتي (الجزيرة) و(العربية)، وقد زاد شغفي على المتابعة بعد الحرب أكثر من قبل، ربما لأن مناظر الحرب تتطلب كل ما ينسي صور الموت والبشاعة، وكل ما يروح عن النفس. ومن غير هؤلاء (الاستراتيجيين) يدخل الضحك في القلوب في زمن الحرب، فالمصاب جلل، والقلوب تمل.
والفُكاهة والسخرية لا ينتجها الخبراء وحدهم، بل هي سمة رئيسية لفترة ما بعد انقلاب (25) أكتوبر المشؤوم، التي أخرجت أثقل وأرذل عينات سودانية، من عبد الفتاح البرهان وأذنابه وأذياله، وحتى أصغر (خبير) من خُبراءه الذين وصل عددهم حتى الآن إلى (40) خبيرًا، لا يزالون يُقدمون عروضهم ممثلين بنا في مسارح العرب والعجم.
وشخصيا فان (خبيري المفضل) هو اللواء بابكر إبراهيم، الذي تُقدمه القنوات بصفته لواء سابق في القوات الجوية السودانية، وخبير استراتيجي!
بعد أربعة أيام من الحرب، وتحديدًا في (19) أبريل، قال اللواء خبير ابراهيم بابكر لقناة (الغد)، ردًا على سؤال ما إذا كانت هذه الحرب ستطول؟ فرد اللواء واثقًا: (أبدا أبدًا؛ ربما في ساعات وربما بنهاية اليوم). كان السيد الخبير يلقي حديثه باستهانة وعدم اكتراث بجمهور المشاهدين. وبالطبع تطاولت ساعات الخبير، حتى جاء يوم الخامس عشر من يوليو حين سألته مذيعة قناة (الحدث) عن سبب استمرار الحرب لثلاثة أشهر، فرد قائلًا هذه المرة: (تمت المرحلة الأولى بنجاح). وأخد يصف الإمداد الضخم للجيش الذي حشد آليات ودباباته وراجماته، وتم تطويق امدرمان بالكامل، وكذلك الخرطوم بحري بالمشاة والرجال والبغال والى آخر الهُراء!

وكان اللواء بالقوات الجوية سابقًا قد أكد قبلها بان الجيش لن يستخدم الطيران، وكرر بانها ستحسم في ساعات لا تحتاج إلى تدخل الطيران، ولكن إخوانه كان لهم رأي آخر ، إذ استخدموا سلاح الطيران بكثافة وقتلوا مئات المدنيين العزل، لم يكترثوا بإزهاق الأرواح، ولا بالدمار الذي يسببه قصف الطيران لمواقع مدنية سكنية، وغاية ما تفضل به حسهم الإجرامي هو ما قاله “ياسر العطا” ذات سكرة، بأن على المواطنين مغادرة منازلهم حتي يتسنى للطيران تدميرها، ليقتل قوات الدعم السريع التي تحارب من داخل المنازل!
ثم ظهر مرة أخرى قائلًا بان كل معسكرات قوات الدعم السريع قد تم تدميرها، وتدمير كل قواعدها، وصارت بلا معسكرات ولا قواعد، وبلا إمدادات ولا مؤن ولا غذاء. وأصبحت تقاتل ثم لا تعرف ماذا تفعل، وذلك لغياب السيطرة والإمداد، فيلجأون لمنازل المواطنين بحثاً عن الغذاء، مما يفقدهم روح وإرادة القتال، مُضيفًا بأن الحالة تؤدي إلى قرب إنهاء الحرب!
قبل أن أراه آخر مرة متحدثًا على قناة (العربية- الحدث) بضعف بالغ في اللغة وضحالة في الثقافة ، ورثاثة في الشكل والمظهر، وهو يعزي سبب اندلاع الحرب واستمرارها لما يقارب الستة أشهر لمؤامرة يتعرض لها السودان!
هكذا ظل اللواء المتأسلم، ومن معه من الخبراء، يرسلون البُشريات والأماني الشخصية للشعب السوداني، بل إلى العالم قاطبة. يحاولون جذب المشاهد إلى عوالمهم الخيالية، التي تخصهم وحدهم، حيث فيها انتصارت الجيش وانتصاراتهم الشخصية، بينما يتلقى المشاهد الواقع الحقيقي من صالون منزله بواسطة شبكة الانترنت، فيحزن ويأسى على حال هؤلاء الخبراء، ثم يستغرق – مثلي – في فاصل طويل من الضحك!
اللهم أدمهم خبراء وأدمهم استراتيجيين، وأجعلهم مصدر للضحك والتسلية لي ولكافة السودانيين. آمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ