بقلم: مصطفى شريف
المشهد التراجيدي لخطاب قائد عام الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحده؛ كفيل بإقناع (اي شخص سوي) بأنه غير مرغوب فيه، ولا يريده أحد، فمشهد القاعة الفارغ بشكل شبه كلي، يشابه تماماً ما حدث في خطاب الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، فالمتحدث يخاطب نفسه، في غياب شبه كامل للحضور، وحق للحضور الغياب لأن الخطاب مكرر بسماجة، من رجل أدمن الكذب بدرجة أكثر و اكبر من ابتلائه بإدمان معاقرة الخمر، التي يبدو أنها أذهبت عقل الرجل تماماً، ولم يتبقى في ذهنه سوى بقايا ذكرى لحلم والده بحكم السودان.
البرهان تحدث من على منصة الأمم المتحدة بذات ما حواه خطابه في الرابع من يوليو ٢٠٢٢ حين أعلن انسحاب الجيش من المشهد السياسي شريطة توافق وطني عريض لا يستثنى الا المؤتمر الوطني (بطبيعة الحال يقصد لن يحكم الا المؤتمر الوطني)، فهو يعلم تمام العلم استحالة وجود التوافق العريض الذي نادى به، لأنه ببساطة صنع له أدوات مدنية يحركها للعكننة و عدم حدوث هذا التوافق وقت ما شاء، لعل أبرزها كتلة اردول و جبريل والتوم هجو و الجكومي، و عدد آخر من ارازل القوم.
كما أن استخباراته نجحت في استقطاب (عبدة الدولار) و كثير ممن تمسك عليهم ممسكات ليخوضوا في غمار تفتيت القوى المدنية، و يجعلوا البرهان مستمرا في قيادة البلاد، بفرض استحالة وحدة القوى المدنية التي بينها بالضرورة (عملاء الإستخبارات العسكرية و من يخشى كبسة زر من جهاز ما لتطير بأعماله الفضائحية طيور الظلام، فما خفي أعظم) .. د. امجد فريد نموذجاً، فالرجل الذي اقتحم سوح الثورة اقتحاما مذلا وتحمل لعنات و نظرات الثوار الذين يعلمون تماماً عمالة الرجل، و الدور الكبير الذي لعبه السفير البريطاني لتعيين الفتى المشهور بالاعتداء على النساء، في مكتب رئيس الوزراء د. حمدوك، وما جناه فتى (الاسترليني المدلل) من فساد بقبض عمولات ضخمة لتمرير عطاءات الاستيراد لمن يدفع أكثر ، الان اصبح مستشاراً أولا لمالك عقار، وينخرط مع غرف النظام البائد في مهاجمة اصدقاء الماضي أعداء الإستخبارات العسكرية اليوم (خالد سلك وياسر عرمان) .
هذه المجموعة هي التي يراهن برهان عليها كثيرا من أجل تشظي القوى المدنية ومن ثم يواصل ترهاته بالاستعداد لترك السلطة، بشرط التوافق الوطني العريض، وهو يعلم تمام العلم استحالته مستخدماً (عيال الإستخبارات و كتلة الفاسدين من أرازلة القوم) !!!.
الأسطوانة المشروخة لبرهان هذه، معروفة للجميع، سيظل يستخدمها، و من خلفه فلول النظام البائد وقياداتهم التي تتزعم المشهد من وراء ستار، وما يحدث من إعادة تمكين المؤتمر الوطني المحلول في كافة مفاصل الدولة في الولايات، خصوصا في ولايتي الجزيرة ونهر النيل، خير (برهان) على تتبع (ود الحلمان لما يرسمه له علي كرتي و قادة الكيزان).