انحياز القنوات الفضائية للجيش في وقت مبكر يثبت حقيقة واحدة وهي: إن جميع العاملين فيها منظمون في حزب المخلوع البشير أو مستفيدون من امتيازات دولة 1956م.
على نحو متزامن، نشر عدد من رؤساء تحرير صحف النظام البائد صورًا لهم من بوابة «مطار الخرطوم الدولي» مع تعليقات تكشف نيتهم الإقامة في العاصمة القطرية الدوحة. تلك المناشير المبثوثة على قاع فيسبوك، لفتت فطنة القارئ اللٓمّاح إلى أن الأيام تضمر شيئاً يخطط له عناصر النظام السابق، قبل أن يظهروا كمحللين إعلاميين في فترة الحرب.
طفق هؤلاء في التسابق إلى ميكروفونات القنوات بحديث لا يخلو من شتم في المدنيين والتشكيك في قدرة الحكومة المدنية على معالجة قضايا الدولة، والتلميح إلى أن الجيش حامي وحدة الوطن ومدح النموذج المصري. وقتها كان قادة الجيش قد أكملوا كل الترتيبات الفنية والمادية للحرب، بتكوين مليشيا كتيبة البراء بن مالك قبل الشرارة الأولى وتجهيز طائرات عسكرية أجنبية للتدخل العسكري.
مع الطلقة الأولى أظهرت القنوات انحيازًا كاملًا إلى الجيش وبدأت في نشر أخبار وتقارير لا تخلو من تضليل مستغلة تواجد المشاهدين في منازلهم، مع كل نشرة أخبار تجتهد القنوات الفضائية في تزييف الحقائق. إذا تقدم الدعم السريع في محور قتال أو استلم منطقة عسكرية سارعت القنوات عبر الإعلاميين والصحفيين الموالين للنظام السابق بتكذيب المعلومة.
وفي ذات بث تلفزيوني، نفى الصحفي ضياء الدين بلال لقناة الجزيرة سيطرة قوات الدعم السريع على الخرطوم، بقوله إن قوات الدعم السريع لا تسيطر على العاصمة ولكنها منتشرة!!! ما الفرق بين السيطرة والانتشار؟ تلك الأكاذيب لم تصمت عندما خرج المواطنون من منازلهم إلى الولايات الآمنة، إذ اكتشفوا أن لا وجود للجيش، ولاحقاً دون معظمهم معلومات في تطبيق فيسبوك أو واتساب تفيد بأن الدعم السريع مسيطر على العاصمة ولا وجود للجيش إلا في ثكناته التي كان يرفض الدخول إليها، رغم تعالي حناجر الثوار وهم يرددون (العسكر للثكنات).
لا غبار على القنوات الفضائية في حال بثت معلومات على لسان قادة الجيش، ولكنها تتعمد تضليل المشاهدين ببث أخبار غير حقيقية.
انحياز القنوات للجيش في وقت مبكر يثبت حقيقة واحدة وهي: إن جميع العاملين فيها منظمون في حزب المخلوع البشير أو مستفيدون من امتيازات دولة 1956م.
في الواقع بدأ جنود قوات الدعم السريع في نشر مقاطع فيديو بتصوير غير احترافي، ولكنه فعال ينقل الحقيقة التي ترفض بثها القنوات الفضائية. ورويدًا رويدًا بدأ المشاهدون في تكذيب القنوات وتصديق ما ينشره جنود الدعم السريع، وبمرور الوقت أجبرت القنوات الفضائية على الاعتماد على المقاطع التي تنشرها قوات الدعم السريع في نشراتها الإخبارية. واتضح أن الإعلام التقليدي الذي يستمد قوته من خبراء إعلام وصحفيين محترفين، قد هُزم بواسطة إعلام غير محترف ولا يضم خبراء في الصحافة أو التلفزيون.