في معرض رده على تساؤل بإحدى منصات “التك توك” حول وضعية قوات الدعم السريع في مستقبل الدولة السودانية، أجاب البروفيسور النور حمد بـ (أن قوات الدعم السريع يمكن أن تتحول إلى جيش قومي وتكون هي جيش السودان بعد إجراء إصلاحات طفيفة). وبالطبع هي إجابة تحمل في طياتها إشارات ودلائل تؤكد أن قوات الدعم السريع هي قوات تحرر وطني بامتياز.. استطاعت أن تخوض معركة التحرير ضد الجيش المختطف والمؤدلج الذي ظل يقف عقبة كأداء أمام خيارات الشعب السوداني في الحكم وتدخله السافر في القضايا السياسية واحتكار المؤسسات الاقتصادية، علاوة على حالة الضعف والوهن التي لازمته، والاستخدام المفرط للعنف ضد أبناء الوطن، وعدم الاستقلالية والحياد وغياب العقيدة القتالية. وعوامل أخرى كثيرة جعلت الجيش بمثابة أكبر مليشيا في القارة السمراء، يمارس القهر والاستبداد لتظل الشعوب السودانية تكابد الويلات والمآسي وكل أنواع الانتهاكات. وغيرها من أشكال التآمر، لأن الجماعة المسلحة أنشأها المستعمر في العام 1925م وكانت تعرف بقوات دفاع السودان والتي تكونت قبل ميلاد ما يعرف بـ الدولة الوطنية وبالتالي لا تعدو كونها تركة استعمارية.
الفروقات تبدو واضحة بين طرفي النزاع منذ اندلاع حرب 15 أبريل التي أُشعلت بواسطة قيادات الجيش من المنتسبين لتنظيم الإخوان المسلمين، ولا توجد مقاربة أصلا بين القوات المسلحة الكيزانية التي أكدت ضعفها ووهنها وجبنها وخيانتها وعمالتها وارتهانها للخارج؛ فظلت تتلقى الهزائم المتتالية لأكثر من عام، وتتجرع مزيدًا من الانكسارات. وهذا ما يؤكد حقيقة الشعارات التي ظل يرددها الثوار في محيط القيادة العامة على شاكلة (الجيش جيش الكيزان ما جيش السودان) ما يؤكد تحكم الحركة الإسلاموية على مفاصل هذا الجيش، وأيضًا شعار (معليش معليش ما عندنا جيش)، لأن ما يعرف بالقوات المسلحة ما هي سوى مليشيات تخلقت إبان الاستعمار. وبالتالي فشلت في أول تجربة حقيقية لها أمام قوات الدعم السريع التي فرضت عليها الحرب بسبب موقفها الوطني المنحاز للثورة السودانية الشعبية المجيدة والتقطت القفاز وحققت انتصارات كبيرة أذهلت العالم وأكدت علو كعبها وقدراتها القتالية. واستطاعت أن تثبت شجاعة وبسالة وجسارة وصمود منقطع النظير ومواقف وطنية سطرها التاريخ بأحرف من نور ومواقف كثيرة تؤكد أنها منحازة إلى هذا الشعب بل أنها قادرة على الصدام والدفاع عن الوطن وسيادته. ما يحتم على الجميع الاصطفاف في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ أمتنا وشعبنا حول قوات التحرر الوطني لتأسيس الجيش القومي المهني الحر القادر على حماية وصون سيادة الوطن وحفظ حرية وكرامة المواطن.
نعم سيولد جيش التحرر الوطني من رحم قوات الدعم السريع الباسلة التي قدمت أنموذجًا رائعًا للنضال من أجل الحرية وظلت تجسد الطموح والتوق إلى الاستقلال والتغيير. سيولد في مهد التحولات الكبيرة التي يشهدها مشروع بناء الدولة السودانية وتخلق المشروع المدني في السودان والهجرة نحو مستقبل تسوده قيم العدالة الاجتماعية والسياسية.