
يتوهم السودانيون انهم مختلفون جدا، بينما هم شعب متقارب الي درجة كبيرة في فطرته، تدينه، ماكله، ملبسه، طبائعه، وكدحه لكسب رزقه ، لا اقول متطابقين بل يوجد تنوع ثقافي وديني وعرقي ولكن لايوجد تباين كبير ، وفي كثير من الاحيان نبالغ في تمييز انفسنا باشياء لانراها الا نحن. ولعل القصة المعروفة عندما زار احد الساسة الامريكان دارفور والتقى بقيادات من اطراف الصراع سال من هم العرب ومن الزرقة. والقصة حتى لوكانت مختلقة الا انها تعبر عن حقائق ،لان السوال يبقى قائما من هم العرب والزرقة ؟؟ وماهي الخلافات المفضية للموت.
في الايام الاولى لي في الخليج كان السوال الثابت لمعظم من التقيتهم من شعوب الارض المختلفة هل انت سوداني من الشمال ام الجنوب، وعلى الرغم انه سوال بسيط الا انه يكشف عن حقيقية جلية وهي ان شعوب العالم لاترى اي فروقات بيننا ، كان انفصال الجنوب طازجا يومها، وعندما اخبرهم بانني من الشمال يضحك عندما يعلم انني من الشمال”ويقول الزيت ذهب جنوبا” . الشعوب لاتشغل نفسها بالاوهام التي نغذيها ولكن يعرف ان الجنوب معه البترول والشمال معه الغطرسة التي قسمت البلاد شطرين.
اجزم ان الفرق بين الجعليين، والشايقية، والبجا، والزغاوة غير موجود الا في مخيلتنا. واذا طلب من اي واحد منا الحديث عن الفرق بين هذه المجموعات في محفل دولي لارتج عليه الامر، لان ليس هنالك فروقات يمكن ان يتكلم عنها الشخص لمدة دقيقة كاملة، وبالتالي هي ليس مثل الفروقات بين المجموعات العرقية والدينية التي تعيش على ارض الهند مثلا وتتعايش في اطار دولة القانون.
غياب المشروع الوطني هو الذي ادى لمزيد من التباعد بين المجموعات السكانية التي تعيش في ارض السودان، وبدلا من ان تستثمر النخبة في الدفع للتاَلف لانه مصلحة الجميع، عمدت وبرعونة لاتحسد عليها في اجلاء الاختلافات، بل وفي اختراعها معظم الاوقات، فاذا لم تجد اختلاف في الحياة الانية ذهبت لكتب التاريخ وخرجت بقصة تقول ان الجهة الفلانية بغت على هذه المجموعة ، والثار سيعيد الامور لنصابها.
غياب المشروع الوطني الديمقراطي هو الذي ادى للحالة التي نعيشها اليوم حيث ارتفع خطاب الكراهية بصورة غير مسبوقة، وبات فشل الدولة واقع يسير على قدمين، نراه ونتعايش معه نروض انفسنا عليه غير راضين به، وننتظر الحلول التي تتنزل وحدها .
تغيير حكومة الانقاذ يجب ان يتم وفق برنامج وطني يتفق عليه السودانيون جميعا حتى لانعود الي محطة بلاد من، ومن انت؟ وانا اولى منك بحكم البلاد.
التباينات بين السودانيين قليلة جدا، واي نظام ديمقراطي غير طائفي او جهوي قادر على استيعابها بسهولة. ولن ينفعنا التشابه والتطابق في ظل غياب الديمقراطية، ولنا في الصومال عبرة، فهي بلاد الدين الواحد ، والعرق الواحد، والتباينات التي لاترى بالعين المجردة. ومع ذلك لم يعجز قادتها عن ايجاد اسباب جهنمية للاختلاف بددت الدولة.