رأي

كتب على احمد: “جيشنا غير محترف” .. هكذا تقول الحرب وهكذا تحدث برهان

بقلم: علي أحمد

إنها الحقيقة التي طالما حاول إخفاؤها هو، وكثيرون بينهم عسكريون وسياسيون، فقد حملت وسائل إعلام مختلفة – أمس – تصريحات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان خلال زيارته لبلدتيّ سنكات وجبيت بولاية البحر الأحمر (شرق)، بان الحرب الدائرة أكدت الحاجة إلى وجود جيش محترف، مؤكدًا أن هذه المسألة تُضاعف من واجبات معاهد التدريب مستقبلًا.

الحاجة إلى جيش محترف، هذا اعتراف نادر واستثنائي، بأن الجيش الذي يقاتل الآن في الخرطوم – ليس محترفاً ولا مهنياً. لكن ما معنى هذا؟

معناه ببساطة إنه تم تحويل الجيش من مؤسسة قتالية أمنية عسكرية ذات عقيدة وطنية خالصة، إلى وظائف أخرى ما أفقدها مهنيتها وحرفيتها، وحوّلها إلى حزب سياسي وشركات تجارية وتعدينية ومؤسسات مالية.
لكن متى حدث ذلك للجيش السوداني، وما هي الجهة التي فعلت به ذلك؟
ما لم يجب البرهان على هذين السؤالين – لن يتمكن من إحداث أية إصلاحات حقيقية في هذا الصدد، فالبرهان يعلم الإجابة على السؤالين، لكن لا بأس من تذكيره مرة أخرى، وليس صعباً أن نقول له، أن الجيش السوداني تحول إلى قوات غير محترفة منذ استيلاء الجبهة الإسلامية القومية (الإخوان) على السلطة عام 1989، وحينها قررت التخلص من هذا الصنم الذي صنعه “المستعمرون الكفرة”، لأن الجهاد والقتال في الإسلام لا يحتاج إلى جيش وإنما إلى أمة مقاتلة متى ما نادى فيها أمير المؤمنين أو خليفة المسلمين “حيا إلى الجهاد – لبت النداء”- فلا داعي للجيش إذاً.

هذا معلوم للجميع، ومعلوم للبرهان بصفة خاصة، لكن رغم ذلك لا يريد فض تحالفه مع من دمروا الجيش وأهلكوا البلاد وشردوا العباد واشعلوا الحرب الراهنة، وما يزالوا يؤججون ضرامها، ويضعون العقبات والمتاريس أمام التفاوض من أجل السلام.

على البرهان – التخلص منهم أولاً، حتى يتسنى له وللشعب السوداني إصلاح بلادهم ومن ضمنها الجيش – وهذا ما ورد في رؤية قوى إعلان الحرية والتغيير يا برهان! وهذا ما جاء في الاتفاق الإطاري يا برهان، الذي وافقت عليه قوات الدعم السريع التي تحاربها الآن يا برهان! وهذا ما قاله الجميع وما ظللت أنت تلتف حوله من أجل (كرسي الحكم) الزائل، فجئت بالفلول حولك وها هم الآن يفعلون بك الأفاعيل والعجائب ويتوعدونك ويهددونك ويسخرون منك في وسائل التواصل الاجتماعي.

إن أول خطوة لإصلاح الجيش – يا قائده – هو التخلص من الضباط العقائديين (الكيزان) داخله، وتعرفهم جيداً ويعرفونك، لكنك ظللت دائماً تقف حجر عثرة وعقبة أمام أية إصلاحات لهذه المؤسسة الأكثر تضرراً من نظام الإنقاذ البائد.
لكن دعنا نقول لك – لقد صدقت في حديث سنكات وجبيت – صدقت بالقول إن الحرب أثبتت بالفعل وبما لا يدع مجالاً للشك إن بلادنا لا تمتلك جيشاً احترافياً ولا مهنياُ، وأن ما هو موجود الآن عبارة عن خليط من جنود كبار في السن تابعين للجيش القديم وضباط عقائديين إسلامويين – لا يؤمنون حتى بالمؤسسات الحديثة كالجيوش – كما أسلفنا – بل لا يؤمنون بالدولة والوطن – فالوطن عندهم يمتد بامتداد العقيدة.

لذلك – اشرع فوراً – ان كنت صادقًا، ومن مدينة (كسلا) التي تزورها الآن، في اعتقال من اساءوا لشرفك المهني ولجيش الوطن الذي دمروه، وجعلوه مليشيا حزبية عقائدية ضعيفة، وارجعهم إلى السجون، افعل ذلك، ان فعلتها أنت الرجل، وستجدنا من خلفك سائرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ