
ماحدث في”مستريحة”بشمال دارفور بين أكبر حليفين للحكومة السودانية، أمس الأحد ليس سوى البداية! أتذكرون الحرب الكلامية في يونيو الماضي، بين قادة مليشيا الجنجويد السابقين، (موسى هلال و محمد حمدان دقولو) المشهور باسم “حميدتي”.
حينذاك شن حميدتي وهو قائد سابق لحرس الحدود (قوات شبه حكومية) وزعيم ميليشيا الجنجويد، هجوماً عنيفاً على مؤسسها الزعيم القبلي موسى هلال، وأتهمه بإيواء مرتزقة من المعارضة التشادية داخل الأراضي السودانية، واستخدامهم في الحرب الى جانب المتمردين في مواجهة الحكومة.
تلك المواجهات التي بدأت بين الرجلين على صفحات الصحف كانت مقدمة لما حدث بالأمس في معقل هلال بـ(مستريحة)، وأرادت لها الحكومة في الخرطوم أن تحدث لكن في التوقيت الذي تختاره بعناية.
انفجر الخلاف بين حلفاء النظام بعد قرار حكومي قضى بدمج قوات حرس الحدود -التي يقود غالبها الزعيم القبلي- في قوات الدعم السريع، بالتزامن مع حملة حكومية لجمع سلاح القبائل والأفراد في كافة ولايات غرب السودان.
يقول مسؤول رفيع في الحكومة السودانية تحدث لـ(الجماهير) شرط حجب أسمه، إن الاحتقان الذي تصاعد خلال الشهور الماضية بين الرجلين أحدث أرتباك كبير داخل الحكومة، لكن على الرغم من الهجوم و الاتهامات التي كالها هلال تجاه الحكومة في تلك الفترة كانت التوجيهات هي ضبط النفس و عدم الإنزالق في مواجهتة.
ورفض المسؤول ربط تحمل الحكومة لذلك الهجوم مع فترة ترقب صدور قرارات الإدارة الأمريكية بشأن العقوبات لكنه قال: ” نعم كنا نترقب قرارات مهمة لكن هذه ليست الأسباب، المؤكد هو أن لأحد يريد الصدام مع الرجل “.
ففي تلك الفترة رفع موسى هلال، زعيم قبيلة المحاميد، من وتيرة خلافه مع حميدتي، وصعّد من النبرة العدائية مع الحكومة، وأعلن جاهزيته للحرب.
وقال هلال، انه لن يسكت على الزج بأبنائهم كمرتزقة في الحروب من أجل المال.
ومنذ اكتوبر 2015، يشارك السودان في الحرب ضد جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة من إيران لصالح ما يسمى بالشرعية ضمن تحالف عربي واسع تتزعمه المملكة العربية السعودية، لكن الحكومة تنفي اتهامات بأن مشاركتها تأتي من أجل المال السعودي لفك ضائقة اقتصادية وتشدد على أن الدافع حماية المقدسات الأسلامية واعادة الشرعية باليمن.
ولم يتوقف موسى هلال الذي ولد عام 1961 في دامرة الشيخ قرب مدينة كتم في ولاية شمال دارفور، من التصعيد تجاه الحكومة و شن هجوم طال نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن، و تحدى الحكومة بالحرب، مضيافاً : “اذا أرادت الحكومة ان تحاربنا فمرحباً بالحرب”، مشدداً على ان الحكم بالقهر وبالقبضة الأمنية لا يستمر ولا يدوم”.
وذكر في تسجيل صوتي، انتشر بشكل واسع، إن الحكومة تخلت عنهم بعد ان حصدت ثمار ما غرسوه من بسط الأمن في دارفور، منوهاً الى ان الحكومة «أتت بأناس لا حول لهم ولا قوة لحمايتها»، في إشارة الى قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.
لكن حميدتي الذي برز أسمه عقب نشوب خلافات قبل سنوات بين الحكومة السودانية وزعيم قبيلة المحاميد المعروف بأنه شكّل `”الجنجويد” موسى هلال، يقلل من قدرات الرجل ويعتبر أنه بلا قوات وجميع العناصر هم جنود يتبعون لقوات حكومية.
الأمر الذي ظل ينكره هلال الذي برز اسمه على الساحة السودانية والدولية مع اندلاع الحرب في إقليم دارفور عام 2003، وسط اتهامات من الولايات المتحدة ومنظمات حقوقية له بزعامة مليشيات الجنجويد المتهمة بارتكاب جرائم حرب، وهي تهم نفاها هلال شخصيا ونفتها الحكومة السودانية مرارا
بالأمس وقعت المواجهة بين الرجلين و أقتيد هلال إلى الخرطوم التي توعدها في الفترة الأخيرة مرارا بالحرب وتحدها بعد القبض عليه بواسطة عناصر يتبعون لقوات الدعم السريع التي يقودها (حميدتي) وهناك مقولة تنسب لـ(هلال) نقلاتها عنه صحيفة (آخر لحظة) في أغسطس الماضي قال: إنه وفي لحظة ( ملعونة )، إقتاد إبن عمه الصغير (حميدتي) وسلمه للحكومة طالباً توظيفه.
و يقول الصحفي السوداني موسى حامد : ” أنّ هلال وحميدتي، كلاهما كلاب صيد بالنسبة لحكومة المركز. وكلاهما مجرم، وإنْ تلفّع هلال بالثقل القبلي، وإنْ لبس حميدتي النجوم والمقصات.
ويضيف حامد
وما ارتفع شأن حميدتي الآن، إلا لأنّ بندقيته صارت هي الأمضى، والأكثر تحقيقاً لرغبات وشياطين حكومة المركز. مثلما كانت بندقية هلال ماضية في السابق، ومحققة لرغبات وشياطين المركز.
و يتابع “ستختار حكومة المركز غداً، كلب صيدٍ آخر، ليُلقي القبض على حميدتي، ذليلاً، وسيأتي به الى ذات المركز، الذي سيطلق عليه ألقابه التي ظلّ يُطلقها منذ ما قبل تأسيس دولة السودان الحديثة:
متمرد، عميل، خارج، مرتزق، عنصري….إلخ
الأن موسى هلال و أثنين من أبنائه تحت قبضت السلطات في الخرطوم بعد نقله صباحاً من شمال دارفور، التي شهدت معارك سقط فيها عدد كبير القتلى وسط المدنين، وردد قائد الدعم السريع (حميدتي) “هلال بلا وانجلى ولن تقوم له قائمه بعد اليوم” فهل سينهي الاعتقال أسطورة الزعيم الذي يتزعم فخذ المحاميد في قبيلة الرزيقات العربية (رعاة الإبل) في إقليم دارفور، و يصف نفسه بالشيخ والقائد لثلاثمائة ألف عربي بدارفور، ويؤرخ لوجود أجداده في المنطقة منذ الاستعمار البريطاني لدارفور.
يرأى حامد، أن الحادثة سيكون لها ما بعدها، ويضيف موسى هلال ليس فرداً لكن خلفه عشيرة تعتبر ما حدث طعناً في كرامتها، وستُعمّر الكلاشنكوف والآربجي ضد الدولة وحلفائها الجُدد. وهو ذات السلاح الذي منحته حكومة المركز للحرب على من تعتبرهم متمردين.
و يتابع ” لو ظنّت الحكومة بأنّها بمنجاة مما حدث اليوم، وأنه سينتهي في يومه، فهي خادعة. وعجيبٌ أمر دولةٍ تُسعّر النار بين العشيرة الواحدة، وتظلُ متفرجةً تتلمّظ!! ، قناعتي بأن النار التي سعّرتها طويلاً، وأحرقت الجميع، ستصلها لا محالة. فالنار تأكل بعضها، إن لم تجد ما تأكله.”