عبد الله الشيخ

“زرْزَرة” أيلا

عبد الله الشيخ

إنه من “العهد القديم”، وإنه بسم الله الرحمن الرحيم، وما يتعرّض له محمد طاهر أيلا، من “زرْزَرة”، لا يمكن أن يحدُث، إلا بمباركة “تنظيمية”، أو قُل بمباركة من جهات داخل التنظيم.. تلك الجهات، هي التي جعلته يدخل التاريخ من باب لا مثيل له.. أيلا هو الوالي الانقاذي الوحيد، الذي يعاني احتباساً حرارياً داخل برلمان ولايته المؤلف من “كمين”، ينتمي إلى ذات الحزب الذي ينتمي إليه .. ولولا أن الإنقاذ نفسها هي من يُحاربه، فقد كان في مقدوره، وفي مقدور محمد حاتم سليمان، القول بإن تلك “مؤامرة شيوعية”، تحيكها ضدهما أيادٍ آثِمة..!
ما يحدث لأيلا ولهذا الطائي- محمد حاتم سليمان- يؤكد أن شيئاً ما يدور داخل مملكة الدنمارك.. لا يمكن لمجلس تشريعي الجزيرة، أن يدوس على خطاب الوالي، دون أن يتحصّل على إسناد من جهة مؤثرة داخل الحزب، سواء أكانت تلك الجهة خرطومية المنشأ، أو مُتأصِّلة، كالقطن طويل التيلة في أرض المحنّة.. هذا الفعل- زنقة أيلا في مدني-لا يقدر عليها إلا مجاهدون أفذاذ لا يحوشهم حائش.. مجاهدون من الوزن الثقيل، مثل الزبير وإنت طالِع، وإلا لما أقدم المجلس التشريعي على تكشير أنيابه في وجه والٍ يُحظى باسناد مباشر من الرئاسة.. فالسيد الرئيس قال خلال زيارته الأخيرة إن أيلا باقٍ في منصبه رغم العوازِل، ومع ذلك..!
مع ذلك أيضاً أصدرت وزارة العدل حكمها بتفنيش ست وعشرين مستشاراً للوزارة .. كيف تم الاستغناء عن هذا العدد المهول، ولِم استدرجوا لتلك الوظائف، إن لم تكُن هناك حاجة إليهم..؟ كل هذا بالطبع، يتم وِفق خطّة، وتحت بند الخلافات التي تضرب الكيان، أو هي بالأحرى فك تسجيلات.. فك التسجيلات هذا، قد يطال كثيرين مثل أيلا، الذي لن تنفعه شفاعة الشافعين، ولا يافطات مهرجان التسوُّق في مدني أو بورتسودان، لأن الإنقاذ في مرحلة ما بعد العصيان، لها خط سير جديد واتفاقيات واجبة السداد، وما زيارة أمبيكي يوم أمس للخرطوم، إلا لأن في جُعبته شيئاً من حتى.
الحل السهل البسيط- والنظري أيضاً- أن تتخلص الرئاسة من أعباء التنظيم، وتستبدل هؤلاء بأولئك.. ستفعلها الإنقاذ في ذرائعية لا تُحسد عليها، فهي السبيل إلى الاستمرار في الحكم بسلاسة، طيلة السنوات المتبقية من عمر الاستحقاق الدستوري.. ومع ذلك أيضاً، تتأكد حقيقة الاضطرابات داخل التنظيم، لأن ما يتعرّض له الرفيق محمد حاتم سليمان، لا يمكن أن يحدث بالصُدفة.. فالرجل “طَلع زيتو”، وحُلِجت صواميله، في المُساسقة بين طعن قضائي ومستند اتهام، واستجوابات محكمة.. نحن لا نخوض في مشاغل عدلية، لكن هذه القضية بالذات، تحتوي على خيط يقود إلى ما نحن بصدده من اضطراب تنظيمي.. وحتى تتعرف على مكنونات الوضع، عليك أن تتلمّس: أي الجهات داخل الكيان الحاكم تنغِّص مضاجع محمد حاتم سليمان، فلا تدعه يسترح ، منذ لجوئه الى فرعية الولاية، بعد خروجه السافِر من التلفزيون.. منذ ذاك الحين يبذل هذا “ الطائي” جهداً كبيراً في اصطفاف بُكُورِي داخل التنظيم، لعلمه بأن غرمائه لم يعودوا بين صفوف المعارضة، بل هُم عشيره التنظيمي نفسه.. هو أدرى بأحوالهم المُتحوِّلة عن تمكين أهل التمكين..هو يعلم كل الحقائق عن منغصاته الداخلية، فالإنقاذ فرزت عيشتها، وتستعد لتبديل الطاقم كلّه، وليس هناك كبير على التفنيش، طالما أن هذه العملية تحقق للنظام الرئاسي مكاسب، أقلّها استعادة الشراكة عبر التشكيل الوزاري الجديد، والتأسيس لخطوة كبرى، ذات صلة بعاصفة الحسم..!
اخر لحظة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى