رأي

علي أحمد يكتب: أكاذيب دولة الكيزان.. جيش الفريق السكران وكذبة العميد صلاح حمدان!

علي أحمد
علي أحمد

يا له من عنوان مؤسف وصادم، لكن لا توجد آلية مثل الحقيقة، لديها قدرة فائقة على كشف الأكاذيب والزيف.
هذا ما جاء في مُفتتح كتاب صدر حديثاً لمجموعة من الصحافيين والباحثين الفرنسيين، عُنوانه (أكاذيب الدولة: التاريخ الآخر للجمهورية الخامسة). ويتضمن الكتاب نماذج من أكاذيب الدولة الفرنسية، خصوصاً إبان فترة انقلاب جنرالات الجيش أثناء حرب الجزائر، وعن منظمة (الجيش السري) الإجرامية. والأخيرة منظمة شبه عسكرية، كانت تسيطر على قرار قيادة الجيش الفرنسي تحت (هوجة) الوطنية والفرانكفونية، على شاكلة كتائب ومليشيات الكيزان، مثل “كتيبة البراء” وغيرها، التي ظلت تُسيطر على الجيش – كذباً – باسم الله والوطن!

وبالطبع لست هنا لمقارنة أكاذيب الكيزان حديثاً بأكاذيب الفرنسيين قديماً، مع انها جميعها محض أكاذيب. لكن من يتصفح الكتاب لابد أن يلحظ – ومن أول وهلة – رعونة وسذاجة وغباء الكيزان، وعدم التجويد والإبداع، ولذا غالباً ما تجد أكاذيبهم (كسولة)، وغير مُبتكرة!

وما يُرشد إليه الكتاب الفرنسي هو إنّ قرار الحرب لا يحتاج إلى عزيمة أو مغامرة أو قيادة شجاعة فقط، بل إلى صدق وحكمة وشفافية، ووضوح ومصارحة مع الشعب وقواه الحيوية، لأنه قرار (وجودي)، يتعلق بحيوات الناس وموطنهم وممتلكاتهم ووجدانهم وذكرياتهم واستقرارهم وجذور اجتماعية عميقة. لذلك لا يُمكن أن تٌبنى الحروب على الأكاذيب، وإلا ستتحول إلى كارثة تنتج خليط من الحزن والألم، يمتزج بكوميديا مٌرهِقة نفسياً وإنسانياً، على النحو الذي نشاهده حالياً في حرب الكيزان وأكاذيبهم منزوعة الحياء، والمُرشحة للتفاقم. فكلما تلقوا هزيمة نكراء أطلقوا كذبة بلقاء، في تناسب طردي مُتسارع ومُنظم، و(ظريف) أحياناً. فكلما كان “خازوق” الدعم السريع كبيراً، تعالى صراخ “الكيزان” كثيراً !

ويتجلى هذا التناسب الطردي في هزيمتهم النكراء، وفقدانهم لمقر الدفاع الجوي خاصتهم، ليطلقوا كذبة موت (حميدتي)، ثم جاءت هزيمتهم في (اليرموك) و(الاحتياطي المركزي)، فأطلقوا كذبة هروب (عبد الرحيم). وأمس الأول وعقب هزيمتهم الشنعاء – بجهاز أمنهم وهيئة عملياتهم ومجاهديهم وكتائب ظلهم ومستنفريهم – وبعد سقوطهم بالمئات في أمدرمان، هاهم يطلقون كذبة أسر العميد أمن “صلاح حمدان” وهو يحارب في صفوف الدعم السريع. والكل يعلم حتى (البرهان) نفسه، إن صلاح حمدان هذا أصبح لا علاقة له بقوات الدعم السريع، بعد ان عاد ضمن الضباط المنتدبين في الدعم السريع إلى وحداتهم منذ بداية الحرب، كجزء من الخطة الكيزانية ضد (قوات الدعم السريع)، لذا فان كذبة نسبته لقوات الدعم السريع – ومهما تم حبكها – فإنها لن تُلغي حقيقة الهزيمة النكراء التي تشهد بها انتشار “الفطائس” في خور أبو عنجة!

والجيوش المحترمة لا تكذب على شعبها، بل تنقل إليه الحقائق أول بأول، وأنظر -أعزك الله – إلى ما يفعله الجيش الإثيوبي هذه الأيام في حربه بإقليم (الأمهرا) مع “مليشيا فانو” – الحليف السابق – إذ أنه وعندما اشتعلت الحرب، أصدر الجيش الإثيوبي بياناً رسمياً واضحاً وصادق، قال فيه للمواطنين إن المنطقة ربما تخرج عن السيطرة، وإن عليهم التزام منازلهم إلى حين توقف إطلاق النار، حتى لا يعرضوا أنفسهم للخطر. ثم بعد ذلك حدد لهم مناطق الاشتباك، وطالبهم بتجنبها والخروج عبر ممرات حددها إلى مناطق آمنة، لأنه سيضطر إلى التعامل مع التمرد باستخدام المُسيرات. ولم يكتف بذلك، بل خرج على مواطنيه مرة أخرى مُعترفاً بسقوط ثلاث مناطق أخرى على يد مليشيا (فانو) المتمردة، ولا يزال في حالة تنوير ومكاشفة على مدار الساعة.

هكذا ظل الجيش الإثيوبي يتعامل مع شعبه، ويملكهم الحقائق بكل مهنية وأخلاق، وهو حال الجيوش الوطنية. فلم يُنكر سقوط مناطق بيد التمرد، ولم يقل لهم أنه في حالة (تمشيط)، ولم يضرب لهم موعداً زمنياً – لا بساعات ولا أيام أو أسابيع – والأهم أنه لم يخرج قيادي بالجيش – مثل ياسر العطا- ليحدث الشعب بأحاديث المخمورين اليائسين، عندما يستشعرون الهزيمة المؤكدة، فيمسك بـ”الميكرفون” ويُرسل الرسائل الهستيرية وهو في حالة “الثمالة”. بل ويطلب من المواطنين إخلاء منازلهم، والذهاب لمسافة منزلين والسكن في المنزل الثالث، دون أن يقول لهم ولنا أي شيء عن المواطنين الذين تقع منازلهم أصلاً كصف ثالث، ماذا يفعلون؟ هل يتركون منازلهم لأصحاب المنازل الأولى والثانية ويذهبون؟ إذن كيف وإلى أين يذهبون؟!

لا أحد يريد لهذا الوطن العملاق أن يُدمر وتسكن القطط منازله، لا (حميدتي) ولا (عبدالرحيم) ولا أي سياسي وطني شريف، ولكن ماهو الحل اذا كان البديل هو تدميره بالبطيء، وانتهاك سيادته وسرقة موارده، واستفراد قلة شاذة بحُكمه، واستعباد الكثرة الكاثرة من أهله، إلى أبد الآبدين؟

اللهم ابتدئ التخريب الآن، فإن خراباً بالحق .. بناءً بالحق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى