رأي

كتب عبد الحفيظ مريود: هذا سبب كافٍ لنفرتق الجيش طوبة طوبة

بقلم: عبد الحفيظ مريود
شين جدا…هكذا كان المهدى
والدكتور كمال بشاشة شخص لطيف. مثله مثل بقية الدناقلة، باستثناء بكري حسن صالح، بالطبع. وحيث أنى لم أقل إلا وجهة نظر شفافة، فيما يتعلق بتسمية سلسلة “أرض السمر”، للمخرج سيف الدين حسن، عشية تدشينها، معترضا – منهجيا – على التسمية، باعتبارنا (ودان)، ولسنا (سمرا)، استنادا إلى اللغة ذاتها، فإن ذلك لا يجعلني أنطلق من “عقدة لون”. الذي ينطلق من عقدة اللون هو من يغمض عينيه عن لون غاليبتنا، الأسود، ويسمينا “سمرا”، ثم يأتي بالدكتور أسامة الأشقر، فلسطيني فاقع لونه يسر الناظرين، ليقوم بتقديم تاريخنا، حضارتنا، ثقافاتنا، طرائق عيشنا لنا، وللعالم.
يؤجل د. كمال بشاشة محاججتى، بالمنطق، فى مسألة مفاهيمية، ويدخرها ليوردها فى معرض تعليقه على مقال قصير كتبته هنا بعنوان (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم)، على أنها مسألة نفسية وعقلية أرزح تحتها. قبل أن يذهب محتطباً، ليلا، كعادة الكيزان ليثبت أن نظريتي خاطئة في مسألة “الفزع” القتالي عند عرب كردفان ودارفور، المنضوين تحت جد واحد. ذلك أنني لم أورد سيرة لقبيلة الحمر. لكن الدكتور زج بها على أنها بنت عمومة لأولئك الأعراب. والحمر ليسوا كذلك. مثل إيراده لقبيلة التاما، وهى ثقوب معلوماتية فادحة، هي التي تجعلني على يقين من صحة نظريتي. فمقاتل الاسلاميين ومعهم المليشيات (الجيش، الشرطة، الأمن، البراء بن مالك، عبد الله بن أبى بن أبى سلول، مسيلمة…الخ)، تنتج عن الجهل وادعاء المعرفة، أكثر منها من قوة عدوهم.
شايف كيف؟
أين يتجلى غباء الاسلاميين؟
نعوم معاهم في عومهم…أوكى؟
الدعم السريع كان يخطط لانقلاب. مدعوما من الإمارات ومدفوعا من قحت. ياسر عرمان، سلك، ود الفكي، جعفر سفارات. وحشد قوات كبيرة لينفذ انقلابه الفولكرى، أيضا. قبلها – وطوال سنوات الانتقالية – كان يجند ويجنس الأعراب من تشاد، النيجر ومالي، كما تفضل د. الدرديري محمد أحمد، في مقالته. لنفترض أن كل ذلك صحيح.
أين كانت الاستخبارات، الجهاز الهمام، السياسيون الفطاحلة، الاستراتيجيون الاسلاميون وغيرهم ممن حكموا ثلاثين عاما، لنصحو على حرب نهارية وسط الخرطوم، عاصمة البلاد؟
شايف؟
المنطق يقول: إذا كنا نصرف على الجيش لمائة عام، نؤهل ضباطه العظام، لننام مطمئنين، ليأتي متفاجئا بانقلاب من قوات قبلية لا يتعدى عمرها العشر سنوات، تجعله متخبطا لخمسة أشهر، عاجزا عن إنجاز انتصار واحد، فإن ذلك سبب كاف لنفرتق هذا الجيش طوبة طوبة، أو ما بقي منه. لأنه – كما قال قائده العام – يحتاج إلى تأهيل ليصبح “مهنيا”. هذا جيش لا يمكن البكاء عليه، يحنن ويقطع القلب وهو يجند ويستنفر فى الشباب المسكين ليقاتل مع البراء ومسيلمة وإبن أبى سلول.
وإذا كانت الخبرة السياسية للكيزان، تتمخض لتلد ركضا مقيتا مذلا وراء عسكري آخر، ليرفعنا إلى الحكم، بدلا عن التنافس المدني، بعد ديسمبر 2018م، فإنهم كتيار سياسي يثبت عقمه عن اجتراح رؤى وحراك يتجاوز به تجربته الأولى (الإنقاذ 1989م)، وبالتالي فإن عليه الانزواء عن المشهد والتواري خجلا. لا أن يتبجح ب “كرامة” ولا “شهداء” فطايس ، كما وصفهم شيخ حسن، ذات يوم.
السؤال هو، إذن: –
لماذا ظل الدعم السريع يقاتل بشراسة، منذ بدء الحرب؟ ماهي دوافع الشباب الذين ما يزالون يتقاطرون من كردفان ودارفور، بالرغم من الطيران والمدفعية و ” البل المؤسس”؟
خلال خمسة أشهر لم تبق سيارة في الخرطوم، شاشة، مخزن، هاتف، ملاية، كباية شاي، ثلاجة، ستارة…. الخ. أوكى؟ بمعنى أنه لم يبق في الخرطوم مغنم…فلماذا يقاتلون، على فرض أن دافعهم هو الغنائم ولذائذ الخرطوم وكدا يعنى؟
الخبراء لا يقتربون من هذا السؤال.
وهو الأمر الذى أشرت اليه، في المقال ذاك. وأخرج كمال بشاشة وصديق محمد عثمان وآخرين…
سؤال الدافع هذا…مقروء على ضوء الشماعة المتهافتة (مرتزقة أجانب)، هو الذي سيجعل سعادة الفريق اول ركن عبفتاح البرهان يجرى يمينا ويسارا يبحث عن طائرات ليقاتل بها، ومسيرات يحسم بها معارك تنفتح، جغرافيا، في الشهر السادس..
شايف كيف؟
النظام الذى تم تصميمه للدولة الموروثة إنجليزيا، لا يستطيع أن يستوعب الشباب المقاتلين في الدعم السريع، والذين سيحلون محلهم في حرب طويلة لا تبقى ولا تذر…يتوجب إعادة بنائه. ذلك لأنه سيظل يفرز – باستمرار – مقاومات بأشكال مختلفة. سيتغير بالعنف الذى لا مهرب منه…فالتغيير – أي تغيير جذري – يصاحبه عنف طاغ، كما يقول فرانز فانون…ولا يمكن تجاهل العنف الذى سيزلزل البلاد طويلا، قبل أن ترضخ للتغيير، وإن كره البلابسة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى