بقلم: علي أحمد
يتأسف المرء حد الوجع على ما آلت إليه الأوضاع في البلاد عقب انقلاب أكتوبر المشؤوم، وبروز شخصيات تفتقد للتأهيل الأخلاقي والحضاري والثقافي كما الوطني، جاءت من قاع المجتمع وأزقته المظلمة لتتصدر المشهد العام، مثل “شيبة ضرار”، والذي تقول سيرته المبذولة والموثقة لدى أجهزة انفاذ القانون في الثمانينيات وما بعدها، انه كان (نشَّال) بأسواق مدينة بورتسودان – أي والله نشال – قبل أن ترعاه الاستخبارات العسكرية وتشكل له مليشيا قبلية وتلمعه إعلامياً، ليخرج بعدها ويسييء لقائد عام الجيش – والذي رغم خلافاتنا معه – لكننا حزينون جداً أن يضع نفسه في موضع الهوان والذل بحيث يتصدى لشتيمته مثل هذا الرجل الذي جاءت به استخبارات جيشه من اللا مكان ليتصدر الأمكنة، فلم يكن لأحدٍ أن يعرف رجلاً أفنى طفولته وزهرة شبابه يمارس سرقة جيوب المواطنين في أسواق المدينة، قبل أن تضيق جيوبهم فيضيق به الحال ويلتحق بقوات مؤتمر البجا جندياً عادياً، ثم تتلقفه أيادي الكيزان الآثمة ليصبح رئيس مبادرة ترشيح المعزول لانتخابات 2020 في ولاية البحر الأحمر، ثم يسقط (البشير) فتتلقفه استخبارات البرهان وتستعين به مع زمرة المجرمين وقطاع الطرق في إغلاق الطريق القومي بين الخرطوم وبورتسودان تمهيداً لانقلاب أكتوبر 2021، ولا بأس، فمن يربي الأفعي لن يسلم من لدغتها !
ظل نشال المدينة القديم، يشتم البرهان وقبيلته بل ويشتم كل أهل الشمال في بورتسودان، ويعتبرهم غرباء لا يستحقون المناصب ويصفهم باللصوص والفاسدين ويهددهم ليل نهار، ويضغط على البرهان ويصفه بالضعيف الهارب من الخرطوم واللاجئ ببورتسودان !
مؤسف جدًا أن يستعين البرهان باللصوص والفاسدين، فها هو “أردول” لا يزال باق بيننا وباغ على ذهبنا، وذلك “جبريل” وزير المالية – بوضع اليد- هو ومقربون منه ومعهم الكيزان من المسؤولين عن الإغاثة يبيعونها نهاراً جهاراً في الأسواق فيما مستحقيها يموتون بالجوع والسلاح!!
لقد أوصل البرهان بلده إلى الحضيض حتى في اختياراته لمساعديه ولمن هم حوله من رجال، وما هم برجال في واقع الأمر، وإنما أرزقية وعنصريون ونفعيون وجهلة أميون وشتامون يسيئون بدون (فرامل) لأي شخص مهما علا مقامه، حتى لو كان ذلك الشخص هو من جاء بهم من الدرك الأسفل من المجتمع حيث لم يكونوا شيئاً مذكورا، مثلما يفعلون الآن مع البرهان، يهددونه ليل نهار ويسيئون إليه ويصفونه بكل الصفات السيئة التي يستنكف ألد أعداءه من التفوه بها.
شخص مثل نشال المدينة القديم، الذي لا يفك حرفاً ولا يطلق كلمة، يتصدى لضابط (عظيم) ويغرقه بالشتيمة المقذعة على رؤوس الأشهاد وفي (السوشال ميديا)، يهينه ويريق ماء وجهه ويمسح بكرامته الأرض رغم أنه يدعي إنه حليفه، فماذا كان سيحدث إذن، إذا كان عدوّه.
لكن هذا هو حرث البرهان وحصاده، ومن يزرع الشوك لن يحصد العنب، والذي منح هذا الرجل الذي تكلله القذارة من رأسه لقدميه رتبة فريق وجعل له جيشاً – حتى لو كان صغيراً- وفتح له أبواب الإعلام وخلق من (حبته) قبة، هو البرهان وجيشه واستخباراته، وها هو الآن (ينزل) عليه بثقله، ينتف ريشه ويسيئ إليه ويهدده ويعرّض به مستخدماً لغة صعاليك الحارات والأزقة، ولا أحد يفعل شيئاً.
ومثلما أهان البرهان وظيفته المرموقة كقائد للجيش ومرغها في الوحل فإنه إساء إلى سيادة البلاد التي يدّعي أنه حاميها وحارسها العظيم، فيما يسلط عليه الكيزان صعاليكهم في السوشال ميديا ممن يختبئون وراء أسماء مستعارة فيصورنه كأرجواز يتلاعبون به كيفما يشاؤون تارة، وتارة أخرى ينعتونه بالضعف والخوار والعمالة والارتزاق والجُبن، فيما هو غارق في التحالف معهم والامتثال لأمرهم، بينما هم يخططون لابقاءه حتى يتجاوزوا به هذه المرحلة، قبل أن ينقضوا عليه ويسفحوا دمه، بينما هو كما “ديك المسلمية” الذي بالمثل الشعبي: “يحمروا بصلتو وهو يعوعي”!